إخوان الأردن أمام صدام جديد مع الحكومة.. هل يخسرون آخر أذرعهم؟
النشرة الدولية –
إرم نيوز – رائد رمان –
يشهد الأردن منذ أيام، ما يبدو أنه فصل جديد من الصدام المتواصل بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين، عنوانه هذه المرة جمعية المحافظة على القرآن الكريم.
وشهدت العلاقة بين الحكومات الأردنية والإخوان، فترات شد وجذب خلال السنوات الماضية، كان من بينها اقتحام عدد من مقراتها ومصادرة ممتلكاتها، إلى جانب مقاطعة الإسلاميين الانتخابات النيابية والبلدية في أكثر من مناسبة ثم العدول عنها في أخرى.
ومن مشاهد الصدام أيضا بين الطرفين، أزمة نقابة المعلمين التي كانت تحت سيطرة الجماعة عبر مجلسها الذي أقدمت الحكومة على حله واعتقلت أعضاءه قبل الإفراج عنهم لاحقا، ومن قبل ذلك كانت أزمة جمعية المركز الإسلامي التي سحبت الحكومة إدارتها من تحت عباءة الإخوان، وعينت لها إدارة جديدة.
ولم تتوقف هذه العلاقات المتوترة بين الجماعة والحكومات الأردنية، عند هذا الحد، فقد أصدرت محكمة التمييز، في العام 2020، قرارا غير قابل للطعن ”يقضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية“.
فصل جديد من الصدام
وجاءت أزمة جمعية المحافظة على القرآن الكريم، لتشكل أحدث حلقة في سلسلة الصدامات بين الدولة الأردنية والإخوان، خاصة أن الجمعية تعتبر إحدى آخر أذرع الإخوان في المملكة، إن لم تكن آخرها فعلا.
وبدأت الأزمة الجديدة، بعد أن أصدرت وزارة الأوقاف نظاما جديدا لعمل أندية الطفل القرآني، بهدف ما أسمته ”تنظيم العمل“، لكن معلقين رأوا أن من شأن التعديلات ”إغلاق الأندية وليس تنظيم عملها“.
وحددت التعليمات الجديدة لنادي الطفل القرآني لسنة 2022 جملة شروط، أبرزها تعيين مدير ومعلمين متفرغين، وفترة دوام لا تزيد عن 9 ساعات أسبوعيا ضمن الفترتين الصباحية والمسائية، وحصول المعلمين والمعلمات على إجازة في التلاوة من وزارة الأوقاف.
وتدير جمعية المحافظة على القرآن الكريم، 1050 مركزا قرآنيا موزعة على محافظات المملكة، وتضم 163 ناديا لتحفيظ وتدريس القرآن الكريم للأطفال.
مخالفات
وشن وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني محمد الخلايلة، في تصريحات لقناة ”المملكة“ الرسمية، مؤخرا، هجوما لاذعا على جمعية المحافظة على القرآن الكريم، واتهمها بارتكاب مخالفات مالية وإدارية.
وقال الخلايلة في تصريحاته: ”جمعية المحافظة على القرآن الكريم، تتبع تيارا معينا، وللأسف هذه الجمعية منذ أن صدر نظام المراكز الإسلامية وحتى من قبله، لا يوجد استجابة لها، رغم تشكيل لجنة تدقيق على الجمعية، وكانت بطلب مني ومن وزير التنمية الاجتماعية“.
وأضاف أنه ”جرى التدقيق على جمعية المحافظة على القرآن، ووجدت الكثير من المخالفات المالية والإدارية“.
اتهامات للإخوان
وألمح الوزير إلى أن الإخوان المسلمين يقفون وراء حملة تستهدف وزارة الأوقاف.
وقال في تصريحاته: ”وصلنا إلى نتيجة أن الإخوة في الجمعية أو التيار الذي تنتمي إليه الجمعية يختارون كل فترة توقيتا معينا لشن حملة هجوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد وزارة الأوقاف“.
وتعرض الوزير الخلايلة ووزارة الأوقاف، لحملة انتقادات واسعة من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، أبدوا في الوقت ذاته دعمهم لموقف الجمعية.
وعلى الجانب الآخر، طالبت جمعية المحافظة على القرآن الكريم، في بيان لها صدر هذا الأسبوع، بإعادة دراسة الأنظمة والتعليمات الأخيرة الصادرة عن وزارة الأوقاف، مؤكدة أنها ”لم تكن يوما متمردة على التشريعات، رغم تعاقب الحكومات والوزارات“.
تأليب الرأي العام
وتعليقا على الأزمة، رأى المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، أن ”وزارة الأوقاف عملت على تأزيم الموقف للنيل من الجمعية والقضاء فيما يبدو على الخزان البشري لجماعة الإخوان المسلمين التي قصدها الوزير في تصريحاته“.
وقال الحوارات في حديث لـ“إرم نيوز“، إن ”الوزير عمل على تأليب الرأي العام ضده وضد وزارته عندما هاجم الجمعية واتهمها بمخالفات إدارية ومالية، الأمر الذي عاد بالضرر على الموقف الرسمي“، بحسب رأيه.
وفيما إن كانت الحكومة ستفرض تعليماتها الجديدة على الجمعية، اعتبر الحوارات أن ”الحكومة لديها الخبرة والممارسة الناجحة في فرض قراراتها على مؤسسات المجتمع المدني، لذلك ستقر التعليمات على الجمعية بعيدا عن ضغط الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يتكرر سيناريو الهجوم الشعبي على وزير الأوقاف“.
اتفاق
أما الكاتب في صحيفة ”الغد“ اليومية، حسين الرواشدة، فقد رأى أنه ”تم تضخيم الأمر إلى حد التحشيد والتجييش من قبل جهات خارج الإطار الإسلامي وداخله، من أجل دغدغة مشاعر المسلمين وإثارة عواطفهم“.
وقال الرواشدة لـ“إرم نيوز“ إنه ”حضر الأربعاء لقاء وديا بين وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة، وإدارة جمعية المحافظة على القرآن، وتم الاتفاق على حل جميع نقاط الخلاف“.
وأوضح أن ”وزير الأوقاف منح إدارة الجمعية الوقت الكافي لتصويب الأوضاع ومعالجة المخالفات المالية والإدارية“، مضيفا أنه ”تم الاتفاق على وضع خريطة طريق، تتضمن منح الجمعية المزيد من الوقت بغية تصويب أوضاعها“.