فاينشنال تايمز: السندات والنفط والرينمنبي يشعلون فتيل تقلبات الأسواق المالية

جزءًا كبيراً من هذا الذعر يعكس الضغط الواقع على ثلاثة أجزاء رئيسية للنظام المالي

النشرة –

شهدت الأسواق المالية تقلبات ملحوظة في الأسبوع الماضي، لتتسلل حالة من الذعر إلى المستثمرين.

وبحسب الفايننشال تايمز، فإن جزءًا كبيراً من هذا الذعر يعكس الضغط الواقع على ثلاثة أجزاء رئيسية للنظام المالي وهي عائدات السندات الأمريكية وأسعار النفط والعملة الصينية.

وما يربط هؤلاء الثلاثة ببعضهما البعض هي المواقف السياسية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال الاقتصاد الأمريكي وإيران والصين.

وأثرت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات على نحو كبير على تقييمات الأصول المالية العالمية مع ارتفاعها لأعلى مستوياتها في سبع سنوات، ما يعكس أن الاقتصاد الأمريكي يشهد طفرة اقتصادية أفضل مما كان متوقعاً.

والوجه الآخر لكل تلك التحفيزات المالية هو رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي يُغضب ترامب بشدة وتسبب في تقلبات بورصة وول ستريت الأسبوع الجاري.

ودفعت احتمالية تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران الشهر المقبل أسعار النفط الخام لتجاوز سعر 80 دولاراً للبرميل، مقارنة بمستواها منذ عام عند 56 دولار للبرميل، وذلك مع اقتراب أزمة نقص الإمدادات.

ويستنزف ارتفاع أسعار النفط دخل المستهلكين والشركات، ولاسيما في الدول التي هبطت قيمة عملتها أمام الدولار العام الجاري.

ورغم كل التداعيات السلبية لقوة الدولار وارتفاع أسعار النفط على الأسواق الناشئة، فسوف تتفاقم تلك الضغوط حال قررت الصين تخفيض قيمة عملتها دون 7 رينمنبي لكل دولار، وهو مستوى لم تسجله العملة الصينية منذ عام 2008.

وبينما كانت العديد من التقلبات من نصيب سوق الأسهم الأسبوع الماضي، فإن سندات الخزانة الأمريكية والنفط والرينمنبي هم من لهم اليد العليا في التأثير على قرارات تخصيص الأصول خلال الأسابيع المقبلة.

ولنبدأ بعائدات سندات الخزانة طويلة الأجل وعلامات انهيار علاقتها بأسعار الأسهم.

وقادت أسهم التكنولوجيا السوق الصاعد في بورصة وول ستريت، إذ عكست تقييماتهم المرتفعة انخفاض أسعار الفائدة وتوقعات عدم تمكن الاقتصاد من تسجيل مستويات نمو أعلى.

ولكن التطورات في شهر أكتوبر دحضت تلك التكهنات، إذ عكس ارتفاع العائدات توقعات ارتفاع النمو الاقتصادي بدلاً من ارتفاع التضخم. وتحمل تلك الأنباء بعض الإيجابية، ولكنها تشير أيضاً إلى أننا نشهد نطاق جديد وأعلى بالنسبة لعائدات السندات طويلة الأجل.

وانطلاقاً من هذه النقطة بدأت التحديات بالنسبة لأسواق الأسهم الأمريكية والتي تمتعت طويلاً بانخفاض عائدات السندات ما أصقل قيمة التدفقات النقدية المستقبلية وعززت ارتفاع السوق.

وعندما سجل مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” أعلى مستوياته في سبتمبر الماضي تمتع المستثمرون بإجمالي عائد بلغ 11.2% لعام 2018. إلا أن تلك النسبة تراجعت دون 4% الأسبوع الجاري.

ويكمن القلق الأكبر فيما إذا كانت العلاقة المعتادة بين سوق السندات والأسهم تتغير، فعادة ما يؤدي انخفاض أسعار الأسهم إلى ارتفاع أسعار السندات التي تساعد على تعويض الخسائر داخل محفظة أوراق مالية تضم أسهماً وأدوات الدخل الثابت.

ومنذ بداية العام الجاري، يبلغ إجمالي العائد من امتلاك سندات الخزانة طويلة الأجل 7.6-%. أما بالنسبة لمحفظة تحتوي على مزيج من الأسهم والسندات، فإن 2018 تبدو متقلبة نوعاً ما.

وتعتبر عملية التصحيح في سوق الأسهم فوضوية وغير مفيدة، وهو أمر يهم مع حقيقة اقترابنا من نهاية العام، بينما لو عدنا للوراء قليلاً سنجد أنه حينما هبط مؤشر “ستاندرد أند بورز” 10% في شهر فبراير الماضي لم يتمكن من استعادة الاتجاه الصاعد سوى في بداية شهر أبريل.

ومن شأن معدلات الفائدة المرتفعة والنفط أن يضعان ضغوطاً على الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى أن سوق العمل القوي والمتشدد يضغط أكثر الشركات.

ومع هبوط “وول ستريت” في الأسبوع الماضي تراجعت الأسواق العالمية أيضاً، وتبرز النقطة الأكثر إثارة هنا في حقيقة أن مؤشرات الأسهم العالمية شهدت مستويات قياسية مرتفعة في شهر يناير الماضي.

بينما حالياً سجل مؤشر “ستوكس 600” للأسهم الأوروبية أدنى مستوياته في العام الحالي، بينما تراجع “فوتسي” البريطاني دون مستوى 7 آلاف نقطة لأول مرة منذ مارس، ما يشير إلى وضوح الحاجة إلى مزيد من المحفزات المالية في المملكة المتحدة وأوروبا والصين لإخراج الاقتصاد العالمي من التباطؤ.

وينبغي أن يبدأ الاقتصاد الصيني في التعافي أوائل العام المقبل، حيث يؤتي التأثير التحفيزي لتراجع الرينمنبي والتيسير النقدي ثمارهما.

ويعد هذا الأمر أحد الأسباب التي تجعل المستثمرين يستبعدون حدوث صدمة عملة من بكين، على الرغم من أن انخفاض قيمة الرينمنبي يمثل خطرًا في ظل سياسات إدارة ترامب حيال التجارة والملكية الفكرية ومجموعة من القضايا التي أطلق عليها البعض الحرب الباردة الجديدة بين هاتين القوتين.

وتميل الأدلة إلى وجهة النظر القائلة بأن هدوء وتيرة انتعاش الاقتصاد الأمريكي في عام 2019 سيتوازن مع تعافي الاقتصاد الصيني. ما يفتح المجال أمام تناوب أقوى بين فئات الأصول وفرص جديدة للمستثمرين. لكن هذا الأمر بعيد بعض الشيء، وقبل حدوثه يُتوقع المرور بأوقات عصيبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button