مكرمات السيد «أبو ترول»* صلاح الساير

الأنباء –

تلتصق الموارد الطبيعية بالبلاد الحاضنة لها وتتمازج بثقافة أهلها وتنطبع في أذهانهن على اكثر من نحو وعلى غير صورة. ومن يبحث في ثقافة مجتمعات وادي النيل يجد تأثيرا كبيرا واضحا لنهر النيل.

والأمر يتكرر في ثقافة مجتمعات وادي الرافدين وتأثير نهري دجلة والفرات فيهما.

وأعيد إلى الأذهان التصاق اللؤلؤ بالمجتمعات الخليجية التي عملت في تجارة اللؤلؤ قديما، وأشير إلى أسماء اللآلئ التي أطلقت على النساء، وكذلك كثرة الأمثلة الشعبية الخليجية المرتبطة بالبحر.

التصاق الموارد الطبيعية بثقافة المجتمع قد تتجاوز التأثير وتبلغ مراحل التقديس.

وأشير إلى المنزلة المقدسة التي وضع فيها العرب القدماء البخور المستخرج من شجر اللبان في اليمن وعمان.

ففي ميناء (سمهرهم) التاريخي الذي يحمل اسم «خور روري» في عصرنا الراهن والكائن في ظفار، كان قدماء العمانيين يتركون شحنات البخور على رصيف الميناء دون حراسة لاعتقادهم بقداسة «طعام الالهة» وانها في حماية الله. وهكذا تتكاثر صور العلاقة بين الناس وثرواتهم الطبيعية وتتعدد مجالات التأثر بها.

بيد أن هذا التأثر لا يمكن رصده في علاقتنا بالنفط.

فثمة قطيعة معرفية بين الإنسان وما تنتجه الأرض من ثروة نفطية استفاد منها الإنسان في الوقت الذي تشح معارفه عن تفاصيل وجود النفط ومراحل استخراجه وكيفية نقله إلى الأسواق العالمية.

كما يمكن ملاحظة غياب البترول عن الجهد الفني والأدبي.

ولا معارض عن صناعة النفط تجوب المدارس والمجمعات التجارية، ولا حنجرة تشدو للنفط، ولم ادخل بيتا لخليجي يعلق صاحبه على الجدار لوحة لبئر نفطية.

وكأن الثروة الوطنية تنسكب علينا من عالم بعيد غامض، مجهول ومسحور! فالجميع يغرف من بحيرة البترول ولا أحد يقول له.. شكرا سيدي (أبو ترول).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى