الوقود الاحفوري صديق الماضي وعدو المستقبل

بغداد – سيف عداي

منذ ان كنا صغاراً والى يومنا هذا حرصوا على تعليمنا في المدارس افضل تعليم، وباتوا يحدثوننا كثيرا عن الثروات والموارد الطبيعية التي يتمتع بها بلدنا وفي مقدمة هذه الثروات هو (الوقود الاحفوري) نظرا لما يتميز به من خصائص كامتلاكه كثافة طاقة عالية وبسهولة نقله وتخزينه، كما أنه بمعالجته بتروكيميائيا يمكن الحصول على أنواع مختلفة منه، خاصة من الوقود الأحفوري السائل والغازي، حيث يتم استخراج وقود منه، وذلك للاستعمالات المختلفة في المحركات والطائرات والسفن بعد المعالجة البتروكيميائية اللازمة، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية…الخ

وبرغم كل ما يقدمه من فوائد إلا انهم  للاسف نسوا او بالاحرى تناسوا ان يحدثوننا عن كمية الكوارث التي ينتجها (الوقود الاحفوري) والتي باتت من أصعب الكوارث الأرضية التي تحتاج جهداً واضحاً وكبيراً للحد منها..!

فالعالم يشهد منذ أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين تفاقم التحديات البيئية العالمية، لعل من أبرزها ظواهر الاحتباس الحراري والتغير المناخي وفقدان التنوّع الإيكولوجي وندرة بعض الموارد الطبيعية وغيرها… في هذا الإطار، تجمع مختلف التقارير على دور مصادر الطاقة التقليديّة في هذه المؤشرات الخطيرة التي تنبئ بالأسوأ إذا لم يقع اتخاذ إجراءات هيكلية لتغيير المنوال الطاقيّ خصوصا في الدول النّامية.

حيث تعتمد أنظمة الطاقة في معظم الأنظمة الاقتصادية ولاسميا في (العراق) بشكل كبير على احتراق الوقود الأحفوري. وخلال عملية الاحتراق يتم تحويل عناصر الكربون والهيدروجين الموجودة في الوقود الأحفوري بشكل رئيسي إلى غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 وماء H2O، وهو ما يصاحبه تحول الطاقة الكيميائية الموجودة في الوقود إلى حرارة، والتي تشكل مخاطر كثيرة تهدد صحة الانسان والبيئة ومصادر الحياة الثلاثة، بفعل تعمق مخاطر تلوث البيئة نتيجة الاستخدام المفرط لمصادر الطاقة، لان الصناعات التي تعتمد على الوقود الأحفوري كالفحم، النفط، الغاز الطبيعي، كمصدر أساسي للطاقة تعتبر من أكبر مصادر الملوثات الهوائية، إذ ينطلق منها عند احتراقها كميات كبيرة جداً من الغازات والجسيمات التي تعمل من خلال تراكمها في الغلاف الجوي على تغيير إفساد تركيبة الهواء، مما يؤدي إلى حدوث خلل في نظامه الأيكولوجي يصبح معه الهواء مصدراً لكثير من المخاطر والأضرار التي باتت تهدد كافة صور الحياة على الأرض، وذلك نتيجة لتعدد أنواع الغازات والشوائب التي تتصاعد إلى الهواء نتيجة إحراق الوقود في المصانع، ومحطات القوى وفي محركات السيارات… وفي نفس الوقت توجد تحديات خطيرة قد تؤدي في ذلك الى تراجع الاقتصاد العالمي وبالتالي تراجع مسيرة تطور الحياة البشرية، وهذا ما يدعونا جميعا وخاصة المهتمين بأهمية ومخاطر وتحديات هذا الشبح في الوقوف عليه بجدية من أجل استغلاله بشكل يؤمن ضمان تطور التنمية المستدامة .

في هذا السياق دعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في وقت سابق، إلى ضرورة إنهاء استخدام الوقود الأحفوري بلا أي قيود في أسرع وقت ممكن “إذا كان العالم يريد أن يتجنب تغيرا خطيرا في المناخ. وطالبت الهيئة، التي تدعمها الأمم المتحدة، إلى العمل على أن يكون إنتاج معظم الكهرباء في العالم من مصادر منخفضة الكربون بحلول 2050 مؤكدة على ضرورة التخطيط لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري بشكل نهائي بحلول 2100.

ولكن.. إن كل تلك المشاكل والكوارث بإمكاننا الاستغناء عن الوقوع فيها، ما دام في الوقت بقية، وما دام الاقتصاد الدولي يتحول تدريجيًّا نحو الطاقة المتجددة بعيدًا عن حرق الوقود الأحفوري، وما دامت بعض الدول تطبق مشروعات ضخمة وقوية، وتفرض القوانين المشددة نحو كل من يحاول تدمير البيئة، ولو بالقليل القليل، لأن من يفكر بصناعة الأجيال القادمة بالشكل الطبيعي وضمان بيئة صحية، عليه أن يبدأ من الآن في سبيلهم، وبالتوعية الصادقة لأجيال الوقت الحالي بالمخاطر والكوارث التي قد تحدث إن طال العمل بالوقود الأحفوري، إن الانسان أغلى ما نملك، ولولا وجوده لما وجدت الأرض، ولولا الأرض لما وجد الإنسان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى