كيف يحتضن الغرب أكبر شبكة للتنصت على البشر ومراقبة سلوكهم؟

النشرة الدولية –

“الأخ الأكبر يراقبك”.. عبارة تحذيرية تنتشر في جميع أرجاء أوشينيا العظمى حيث يُحكم الحزب الاشتراكي الإنجليزي قبضته على الدولة والمجتمع ويراقب أنشطة المواطنين عن كثب ويعرضها على شاشات في الميادين والشوارع والأزقة، أو هكذا تخيل الكاتب “جورج أوريل” الحياة في روايته الخيالية “1984”.

يجسّد الأخ الأكبر الطغيان والتسلط الذي يدفع النظام الحاكم لمراقبة الحياة الشخصية للمواطنين عن كثب وتلقينهم ما يجب وما لا يجب فعله، وهي فكرة مشابهة لما قدّمه خيال كتاب ومخرجي أفلام الفانتازيا، حيث تسارع الحكومات في استغلال التقدم التقني في المستقبل لتعقب أدق التفاصيل في حياة مواطنيها.

ربما هذه الصورة لم تعُد بعيدة عن الخيال، إذ تسقطها تقارير حقوقية وإعلامية على الصين، وتقول إن بكين تطبق نظامًا مماثلًا لمراقبة مواطنيها وتعقب حركتهم، عبر تقنيات مثل التعرف على الوجوه وجمع البيانات وأساور رصد الموقع والنشاط الحيوي وحتى التنبؤ بالجرائم.

في حين لا تنفي الصين استغلالها للتقنيات الحديثة، فإنها تتعلل بدعم منظومتها الأمنية، وفي المقابل فإن اتجاهًا غربيًا -ربما غير منظم- لتعقب أبسط السلوكيات في حياة الملايين حول العالم آخذ في الصعود مؤخرًا على يد حفنة من كبرى الشركات التقنية مثل “آبل” و”أمازون” و”فيسبوك” و”جوجل”.

“روثي هوب سلاتيس” هي موظفة سابقة لدى “أمازون” تم تعيينها في خريف عام 2014، وتقول إن مهمتها كانت نسخ الملفات الصوتية لصالح شركة التجارة الإلكترونية، حيث عكفت وزملاؤها على الاستماع إلى محادثات عشوائية وتدوين ما جاء بها.

تزامن تشكيل فريق “روقي” مع كشف الشركة عن مساعدها الصوتي “إيكو” المدعوم ببرنامج “أليكسا”، وتقول “أمازون” إن هذا العمل كان ضروريًا بالنسبة لمنتج التعرف على الكلام وتم في سرية عالية للغاية، علمًا بأن التسجيلات تضمّنت لحظات شخصية بين المواطنين داخل منازلهم.

كانت “أمازون” تسجل كل أمر صوتي بالقرب من الجهاز، وتعتمد في تدريب النظام الخاص بـ”أليكسا” على “شركاء البيانات” أمثال “روثي”، التي كانت تعتقد في البداية أنها تستمع إلى اختبارات مدفوعة الأجر، لكنها أدركت بمرور الوقت أن الأمر لم يكن كذلك.

تقول “روثي”، التي استقالت في عام 2016: كانت التسجيلات التي نستمع إليها في كثير من الأحيان شديدة الانفعال، أو محرجة للغاية، وبها اعترافات بأسرار ومخاوف هائلة، وبما أن برنامج النسخ ذلك توسّع مع تزايد شعبية “أليكسا” فقد نمت المعلومات التي يتم تسجيلها.

في الخمس سنوات الماضية، اشترى ربع الأمريكيين أجهزة المتحدث الذكي من “أمازون” و”جوجل” و”آبل”، والبعض أقبلوا على منتج “فيسبوك” المعروف بـ”بروتال” والذي يحتوي على شاشة، لكن “أمازون” كانت الأوفر حظًا في هذا السوق ببيعها أكثر من 100 مليون جهاز.

تقدّر شركة الاستشارات “جونيبر ريسيرش” بلوغ حجم سوق السماعات الذكية 11 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2023، وسيكون هناك نحو 7.4 مليار جهاز خارج المنازل، ما يعني تقريبًا جهازا لكل شخص على وجه الأرض.

تعتمد الأجهزة الذكية بشكل كبير على آلاف البشر ممن يمنحونها قصصًا صوتية يمكن معالجتها لتطوير أنظمة الشركات، ومع ذلك، يعترف المديرون التنفيذيون والمهندسون بأن تكوين شبكات واسعة من المستمعين البشريين يشكل معضلة رئيسية للشركات.

كانت “آبل” أول من يقدم المساعد الافتراضي، وذلك في عام 2011، عندما طرحت جوال “آيفون 4 إس” مزودًا ببرنامج “سيري”، والذي حصلت عليه قبل عام عن طريق شركة مموَّلة من وزارة الدفاع الأمريكية، لكنها لم تكن بحاجة إلى نسخ التسجيلات وتحليلها في معامل خاصة مثل “أمازون”.

باعت “آبل” أكثر من 4 ملايين نسخة من جوالها الجديد خلال أيام، وسرعان ما جمعت كميات لا تُحصى من البيانات الصوتية الطبيعية المجانية، وفي البداية اعتمدت على متخصصين من الخارج في تحليل البيانات لتحسين نظام “سيري”، لكنها أدارت العملية برمتها منذ 2014.

خلال السنوات الماضية، كثفت “آبل” حصدها للبيانات الصوتية وتحليلها بشدة، خشية أن يكون إدراك “سيري” وسرعته أقل من مساعدَي “جوجل” و”أمازون”، في عملية وصفها متعهدون سابقون بأنها “شيء قادم من رواية 1984”.

قد تكون قدرة شركات التقنية الكبرى على الاستماع لأسرار العملاء خطرًا وانتهاكًا فادحًا للخصوصية، لكنها ليست المصدر الوحيد لمعلوماتها عن مستخدمي منتجاتها، سواء كانت مساعدا ذكيا أو جوالا أو ساعة أو منصة تواصل.

معلومات حساسة تجمعها شركات التقنية عن عملائها

المعلومة

الشرح

بيانات شخصية

– أول وأهم شيء تحصده الشركات هو المعلومات الأساسية، التي تشمل الاسم والجنس وتاريخ الميلاد ومعلومات الاتصال وغيرها.

الموقع والعنوان

– أغلب خدمات ومنتجات شركات التقنية الكبرى تستخدم خاصية تعقب الموقع، وهذا يعني أن مكان إقامة المستخدم والطرق التي يسلكها مسجلة لديها.

الحالة الاجتماعية

– هذه المعلومة مهمة أيضًا بالنسبة للشركات، لأنها تؤثر على اختياراتها التسويقية لكل مستخدم، فمثلًا لو كان الشخص متزوجا ستظهر له إعلانات ذات صلة بالزواج وقضاء شهر العسل.

الحالة الوظيفية ومستوى الدخل

– تحتاج الشركات المعلنة لتسويق منتجاتها للأشخاص الذين لديهم مصادر دخل، ومعرفة مستوى الدخل ستؤثر بطبيعة الحال على نوعية المنتج المعروض لهم.

الخلفية الدراسية

– خريجو الكليات أوفر حظًا في الحصول على وظائف أفضل، ما يعني دخلا أعلى، لذلك تركز شركات التقنية على مثل هذه المعلومات.

العرق

– نعم، حتى هذه المعلومة تتعقبها شركات التقنية (من غير الواضح السبب، لكن ربما لأغراض تسويقية أيضًا، خاصة في مجال الخدمات).

الديانة والمعتقدات السياسية

– تميل أيضًا الشركات إلى تحديد التوجه الديني والسياسي لمستخدميها.

– ربما مثل هذه المعلومات هو ما غذّى فضيحة “كامبريدج آنالتيكا” و”فيسبوك”، حيث استهدفت الأولى مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي لتضليلهم والتأثير على قرارهم.

التعرف على الوجوه

– بصمة الوجه أصبحت حلًا لمشاكل الخصوصية، ليس فقط مع المنتجات الذكية مثل الجوالات، ولكن حتى داخل بعض المؤسسات ونوادي الترفيه التي تستخدم هذه التقنية لتعقب وتحديد هوية الأشخاص الداخلين والخارجين.

– تُستخدم هذه التقنية على نطاق متزايد في الصين لمراقبة العامة، وفي العام الماضي كشفت الشرطة المحلية عن نظارات مزوَّدة بهذه التقنية لفحص المطلوبين بسهولة في الأماكن العامة.

المعلومات البنكية والمالية

– ربما تكون هذه من أكثر المعلومات حساسية للمستخدم، إذ يمكن إساءة استخدامها إذا وقعت في أيدي الأشخاص الخاطئين.

– مع ذلك، فالناس عادة ما يستخدمون بيانات بطاقات الائتمان الخاصة بهم في المتاجر الإلكترونية، والتي تجمعها الشركات المشغلة لهذه المتاجر باستمرار أيضًا.

تاريخ التصفح عبر الإنترنت

– حتى إذا قام المستخدم بحذف تاريخ المتصفح، سيظل “جوجل” محتفظًا بعناوين المواقع التي قام بزيارتها، وليس ذلك فحسب، بل سيحدد المدة التي قضاها ويميز الروتين المعتاد للتصفح.

الاتصالات

– يمكن لمنصات مثل “فيسبوك ماسنجر” الاحتفاظ بنسخة من الدردشة الخاصة بالمستخدم، كما يستطيع “سكايب” الاحتفاظ بسجل المكالمات أيضًا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى