«منو عنده» فيروس المواطنة؟!* د. ناصر أحمد العمار

النشرة الدولية –

بعد أن سيطر مفهوم «الحقد والحسد والغيرة» على ثقافتنا لتصبح أساسا نبني عليه الكثير من الاستنتاجات ومعيارا لتقييم العديد من أمور حياتنا! أضحت هذه الخصال سمة البعض، وتجاهلنا بشكل تام بحث الأسباب استفحال الإصابة بهذه الأمراض الاجتماعية.

لنقترب أكثر ونحاول عبثا تشخيص الأسباب ونلقي الضوء على الجانب التربوي لأهميته البالغة جنبا إلى جنب مع الجانب الأسري اللذين يشكلان المسؤولية المشتركة للإصابة بهذا الداء الخطير والعلاقة بينه وبين المتغيرات الاجتماعية والافتصادية لمجتمعنا ذي التغير السريع! والأهم والأخطر العلاقة بين المواطنة والتربية من جانب والابتلاء بهذه الأمراض من جانب آخر.

إن للمواطنة مفاهيم متعددة الجوانب، ولها أكثر من 300 تعريف، القاسم المشترك بينها قيام الفرد بالتطبيع المبني على القيم والأخلاقيات التي يؤمن بها ليكون مواطنا صالحا يحقق ذاته ويضمن هويته الاجتماعية والحفاظ عليها من خلال التزامه بالقيم والعادات والتقاليد والنظم المؤسسية الحياتية باعتبار أن في سلامة المواطنة أسس تقدم وتطور ونجاح المجتمعات، لكن لو حصل العكس تضعف المواطنة الحقة للأفراد وينشأ كيان هش ينعت أفراده بأرذل الأوصاف، والأخطر دخول صفة التطرف بأنواعه المخيفة.

يقول د.سيف المعمري من سلطنة عمان الشقيقة في كتابه بعنوان «تربية المواطنة»، كي نعمل على المواطنة التي تقود إلى المحافظة على الهوية الاجتماعية الخاصة لابد من وجود تدريب على كيفية اكتساب المناعة لكل فرد عن طريق تأهيله تربويا من الصغر وأن تتضمن المناهج التربوية مواد تركز على تزويد الطالب بالمعارف والقيم والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر، دون أن يؤثر على شخصيته الوطنية، وهذا يجرنا إلى أهمية أن تكون الوسيلة الناجعة هي المدرسة وإدارتها وجهازها التربوي بدءا من مديرها وبقية جهازها الإداري والإشرافي والفني ومنهم المدرس الذي يجب أن يكون هو الآخر محصنا من نوائب الدهر ومؤمنا بجذور المواطنة وأهميتها باعتباره عنصرا فاعلا كي يلعب الدور المطلوب منه وليس حاملا للمعرفة فقط، لذلك يجب إعداده قبل أن يمارس أي عمل بهدف تنمية خبراته وقدراته.. «انتهى».

يقودنا هذا الرأي إلى أهمية إعداد بيئة تربوية قادرة على تحقيق الهدف وهذا يزيد الأمر تعقيدا لأن تهيئة البيئة أمر صعب يرتبط بوجود إستراتيجية تربوية قوامها التخطيط المبرمج الفعال والهادف والموجه لتفعيل المناهج التربوية المعدة بشكل خاص لهذا الغرض، فالأمر يتطلب استحداث مواد ذات أهداف وطنية لتأصيل المواطنة وهذا يتطلب قرارا سياسيا لا ينحصر مسؤوليته بوزارة التربية فقط.

كما أن هناك تحديا آخر يتعلق بالوسيلة، وهو المعلم الذي يجب أن يمتلك معرفة كافية بمفاهيم دستور البلد لينقلها لطلبته وهذا تعقيد آخر، اذن الأمر يقودنا إلى مخاوف أكثر نحو استحالة تنفيذ المطلوب، لأن في سلامة المواطنة أسس تقدم وتطور ونجاح المجتمعات لكن لو حصل العكس تضعف المواطنة الحقة للأفراد وينشأ كيان هش يصيب الأفراد بكثير من المشاكل والأمراض، منها (الحسد، الحقد، الغيرة… إلخ) بالإضافة إلى دخول عنصر أخطر وهو التطرف بأنواعه المخيفة.

يعني المشكلة في اغفال الجانب التربوي والاجتماعي والأخلاقي والقيمي وغياب مخيف للاستراتيجية الفعالة القادرة على مواجهة كل المتغيرات التي لها تأثير كبير ومباشر في تأسيس البناء الشخصي للأفراد المواطنين حتى لا نضطر القيام بحقنهم بفيروس المواطنة!

نقلاً عن “الأنباء” الكويتية

زر الذهاب إلى الأعلى