سنرجع يوماً… الجيل الأول من اللاجئين لم يفقد الأمل بالعودة* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

تعرّف “وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)” اللاجئين الفلسطينيين بـ”أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين الأول من يونيو (حزيران) 1946 وحتى 15 مايو (أيار) 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948. ويشتمل تعريف “الأونروا” للاجئ أيضاً على أحفاد اللاجئين الذكور.

لبنان، كمعظم الدول المجاورة لفلسطين، كان وجهة للاجئين منذ عام 1948، في ما عُرف بـعام “النكبة”. ومع ذلك، يمنح القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الفلسطينيين الحق في العودة إلى ديارهم إذا ما أرادوا “العيش في سلام مع جيرانهم”.

وتعترف “الأونروا” رسمياً بـ 58 مخيماً منتشراً في الدول المضيفة، يستقبل لبنان 12 منها وحوالى 500 ألف لاجئ مسجل، ومعترف بهم رسمياً. وتتوزّع هذه المخيمات على خمس مناطق لبنانية، بيروت وطرابلس وصيدا وصور والبقاع، وتأسست كلها عام 1948. والمخيمات هي، مخيم البداوي ومخيم برج البراجنة ومخيم البرج الشمالي ومخيم ضبية ومخيم عين الحلوة ومخيم البص ومخيم مار الياس ومخيم المية ومية ومخيم نهر البارد ومخيم الرشيدية ومخيم شاتيلا ومخيم ويفل.

مخيم الجليل

مخيم ويفل أو الجليل، هو في الأصل ثكنات عسكرية فرنسية. وقد عملت تلك المباني الـ 12 على توفير الملجأ للفلسطينيين عام 1948. وعام 1952، تسلمت “الأونروا” مسؤولية تقديم الخدمات في المخيم. أرضه مؤجرة لصالح “الأونروا” من السلطات، ويبعد مخيم ويفل 90 كيلومتراً إلى الشرق من العاصمة بيروت في وادي البقاع بالقرب من مدينة بعلبك. يضم حوالى 8000 لاجئ مسجل.

مخيم البداوي

أما مخيم البداوي، فأسّسته “الأونروا” عام 1955 فوق تلة في شمال لبنان على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من طرابلس. وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني وهي مؤجرة لصالح “الأونروا”. ويضم أكثر من 16.500 لاجئ مسجل.

مخيم برج الشمالي

ويبعد مخيم برج الشمالي مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة صور جنوب لبنان، وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني، وهي مؤجرة من قبل “الأونروا”. وأُسّس المخيم بهدف توفير مساكن من الخيام للاجئين من منطقة الحولة وطبرية في شمال فلسطين عام 1948، كما يأوي المخيم لاجئين فلسطينيين مهجرين من مناطق أخرى من لبنان. ويضم أكثر من 19.500 لاجئ مسجل.

مخيم برج البراجنة

أما مخيم برج البراجنة، فأُسّس من عصبة جمعيات الصليب الأحمر عام 1948 بغية إيواء اللاجئين الذين فروا من الجليل في شمال فلسطين. وأرضه مؤجرة من قبل “الأونروا”. ويقع المخيم في الضواحي الجنوبية للعاصمة اللبنانية بالقرب من مطار بيروت الدولي. ويضم أكثر من 16000 لاجئ مسجل.

مخيم الرشيدية

مخيم الرشيدية يُقسم إلى قسمين، القديم والجديد. وقد شُيّد القسم القديم من قبل الحكومة الفرنسية عام 1936، لإيواء اللاجئين الأرمن الذين فروا إلى لبنان. أرضه مؤجرة من قبل “الأونروا”، التي بنت القسم الجديد عام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من مخيم “غورواد” في منطقة بعلبك في لبنان. ومعظم سكان مخيم الرشيدية ينحدرون أصلاً من دير القاسي وألما النهر والقرى الأخرى في شمال فلسطين. ويضم أكثر من 27.500 لاجئ مسجل.

مخيم المية مية

مخيم المية مية، تأسس عام 1954، يبعد أربعة كيلومترات إلى الشرق من صيدا. واللاجئون عموماً في المخيم، كانوا قد حضروا من صفورية والطيرة وحيفا وميرون في فلسطين. وأرضه مؤجرة لصالح “الأونروا”. ويضم أكثر من 4.500 لاجئ مسجل.

مخيم البص

مخيم البص، يقع على مسافة 1.5 كيلومتر إلى الجنوب من مدينة صور. وكانت الحكومة الفرنسية قد بنته عام 1939 للاجئين الأرمن. وحضر الفلسطينيون من منطقة عكا في الجليل إلى البص في عقد الخمسينيات، فيما رُحّل الأرمن إلى منطقة أنجا. وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص، وهي مؤجرة لصالح “الأونروا”. ويضم أكثر من 9.500 لاجئ مسجل.

مخيم صبرا وشاتيلا

مخيم صبرا وشاتيلا، يقع جنوب العاصمة بيروت، وتأسس عام 1949 بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من شمال فلسطين. أما أرض المخيم، فقسم منها مؤجر لصالح “الأونروا”، والقسم الآخر ملك لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويضم أكثر من 8.500 لاجئ مسجل.

مخيم ضبية

يبعد مخيم ضبية مسافة 12 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة بيروت فوق تلة تطل على الطريق السريعة الواصلة بين بيروت وطرابلس. وقد أُسّس عام 1956 بهدف إيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين جاؤوا من منطقة الجليل في شمال فلسطين. يذكر أن أرضه هي وقف لكنيسة طائفة الروم ومؤجرة لصالح “الأونروا”. ويضم حوالى 4000 لاجئ مسجل.

مخيم نهر البارد

ويقع مخيم نهر البارد على مسافة 16 كيلومتراً من طرابلس بالقرب من الطريق الساحلية في شمال لبنان. وقد أُسّس في الأصل من قبل عصبة جمعيات الصليب الأحمر عام 1949 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين من منطقة بحيرة الحولة شمال فلسطين. وبدأت “الأونروا” بتقديم خدماتها للاجئين عام 1950. وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني، وهذه الأرض مؤجرة لـ “الأونروا”. في منتصف عام 2007، ونتيجة للنزاع الذي دار بين الجيش اللبناني وبين مجموعة فتح الإسلام المتطرفة، التي اتخذت المخيم مقراً لها، تشرّد حوالى 27.000 لاجئ من المخيم ومن المناطق المحيطة به في شمال لبنان. ولا تزال حوالى 5900 عائلة بعيدة من بيوتها، وتعتمد بشكل كامل على مساعدات “الاونروا”.

مخيم مار الياس

مخيم مار إلياس هو المخيم الأصغر للاجئين في لبنان، وقد تأسس عام 1952 من قبل دير مار الياس لليونانيين الأرثوذكس بهدف إيواء اللاجئين الفلسطينيين من الجليل، ويقع المخيم إلى الجنوب الغربي من بيروت. ويضم حوالى 600 لاجئ مسجل.

مخيم عين الحلوة

مخيم عين الحلوة، هو أكبر المخيمات الموجودة على الأراضي اللبنانية، يقع قرب مدينة صيدا، جنوب لبنان. تأسس عام 1948 من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أرض كانت أصلاً معسكراً للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية. وبدأت “الأونروا” عملياتها في المخيم عام 1952، مستبدلةً بشكل تدريجي الخيام بمساكن إسمنتية. وعددٌ كبيرٌ من اللاجئين في المخيمات الأخرى في لبنان، وتحديداً تلك التي تقع قرب طرابلس، شُرّدوا إلى مخيم عين الحلوة خلال الحرب الأهلية، ليصبح المخيم الأكبر في لبنان من حيث عدد السكان والمساحة. ويضم حسب “الأونروا” 47.500 لاجىء مسجل، لكن العدد الحقيقي وحسب معلومات “اندبندنت عربية”، يفوق 71.000 لاجئ.

ووفقاً لتقارير الوكالة الدولية، فإن نصف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعمر الـ 25 عاماً أو أقل. بالتالي، فإن غالبية السكان من الشباب. إضافةً إلى ذلك، فإنّ حوالى 62 في المئة من اللاجئين من سكان المخيمات، في حين أنّ 38 في المئة المتبقية موزعة في أنحاء البلاد أو تقيم في تجمعاتٍ في محيط هذه المخيمات، إلاّ أن هؤلاء ليسوا جزءًا من الاتفاق الرسمي ولا يتلقون الخدمات التي يحصل عليها اللاجئون المسجلون.

“اندبندنت عربية” زارت عين الحلوة، المخيم الأكبر والأكثر اكتظاظاً، من بقية المخيمات على الأراضي اللبنانية، علماً أنه استقبل منذ الحرب في سوريا، 8.500 لاجئ كانوا يتوزعون على المخيمات الموجودة هناك. حاولنا لقاء الجيل الأول من اللاجئين، الذين بمعظمهم تخطّوا الـ70 من عمرهم، والذين يصح القول فيهم، إنهم الشاهد الحي الباقي على فلسطين الأولى. وما زالوا يحلمون بالعودة.

أمل بالعودة

محمد عباس الأسدي، 79 سنة (1941)، من بلدة عين الأسد قضاء عكا. لامع العينين، يتذكر الحاج الأسدي تلك الأيام، ويقول “كنتُ صغيراً عندما هُجّرنا من بلدتنا، كان عمري حوالى سبع سنوات. لا أذكر التفاصيل، ولكن أتذكر أنني كنتُ أبكي حينها، وخبأتُ رأسي داخل طنجرة نحاس حتى لا أرى أعمال القتل والتشريد. وظلت هذه الطنجرة بحوزتي، إلى سنة أو سنتين مضت، إذ باعها ابني”.

لا يفقد الأسدي الأمل بالعودة، بل يصّر ويقول “أحلم بالعودة كل يوم إلى فلسطين، وأنا على ثقة سأعود”.

يوسف محمود عويد، 79 سنة، من بلدة عمقا قضاء عكا، يشرح “كان عمري سبع سنوات عندما هربنا، كنّا أطفالاً نلهو ونلعب، ولم نُعِر اهتماماً لصوت الرصاص وأعمال التشريد من حولنا. ومن ثم هربنا، كل مجموعة لوحدها، أهلي بجهة وأنا بجهة، ثم بدأنا بالبحث عن بعضنا، إلى أن اجتمعنا عند وصولنا إلى قرية درزية اسمها “يكا”.

مفتاح البيت

ويتذكر أن جده حمل معه مفتاح البيت وقال له سنعود بعد سبعة أيام. يخبرنا عن البلدات التي حلوا بها قبل وصولهم إلى المخيم “كفرا، ومنها الى جويا، ومن ثم إلى مخيم عين الحلوة حيث استقررنا”. يعتبر الحاج عويد، أن فلسطين جنة الفردوس ومن يعرف فلسطين يتمنى الموت فيها. ويؤكد أنّ فلسطين لن تعود إلاّ بمعركة وحرب “هُجّرنا بحرب ونستعيدها بحرب ومعركة”، مع أنه يعتبر لبنان وطنه الثاني.

الحاجة حسناء حسين، تقول إن عمرها 100 سنة، (1920)، من بلدة المفتخرة. تعيش في المخيم بمفردها، البسمة لا تفارق وجهها، ترحب بنا، وتجلسنا إلى جانبها على السجادة. خرجت من فلسطين ولا تتذكر كم كان عمرها حينها. لكنها توضح لنا أنها “كانت متزوجة وحاملاً وعندها ولد”. هربوا باتجاه الجولان. لكن عند سؤال الحاجة حسين عن العودة، تبدو أقل أملاً من الباقين وتقول “يا حسرتي كيف أعود”.

نقلا عن “اندبندنت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button