“الكل في لبنان يعترف بفشل النظام من دون طرح البديل”
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن – غادة حلاوي –
بعد انتخابات العام 2018، باشر “التيار الوطني الحر” تحضيراته لاطلاق ورشة نقاش وطني حول الدولة المدنية. وفي كل مرة يدنو من طرحها الى العلن تقف الظروف حائلاً. مرة بسبب حراك 17 تشرين وثانية بسبب انتشار كورونا وانفجار المرفأ بينهما، مع ما شهده لبنان من ازمات متلاحقة واحتقان سياسي. كله لم يثنِ “التيار” عن مشروعه الذي يستعد لطرحه يوم غد السبت في سياق مؤتمر موسع تنبثق منه ورش عمل لمناقشة موضوعات مختلفة.
للوهلة الاولى يبدو النقاش حول فكرة “لبنان المدني” مستغربة بينما يغرق لبنان في اتون الطائفية ويقف على عتبة تحضيراته للموسم الانتخابي، فيتبادر الى الذهن ان الهدف انتخابي صرف. نقطة اخرى مسار استغراب مردّها الى الجهة الداعية، أي “التيار الوطني الحر”، الذي يرفع شعار الدولة المدنية بينما كان سبّاقاً الى رفع لواء حقوق المسيحيين، حتى غدا محامي الدفاع عنهم فكيف لهذه ان تلتقي بتلك؟ بكل بساطة، مارس التيار الوطني “الحياة السياسية من خلال نظامنا الطائفي بحسناته وسيئاته، واكتشفنا كغيرنا ان هذا النظام وصل الى حائط مسدود على المستوى الاقتصادي والمالي لذا ثبتت القناعة ان نسير بهذا الموضوع”، يقول احد عرابي المشروع والعامل على بلورة وثيقته، مضيفاً “حين نطرح الدولة المدنية يكون التيار قد عاد الى واحدة من افكاره التأسيسية وثوابته. صحيح، أُخذ عليه انه ولفترة طويلة وتحت عنوان الميثاقية مطالبته بالحقوق وهذا لا ينكره، لكن طالما انت في نظام طائفي فستتعامل معه حكماً بلغته، لكن التيار يريد اكثر من اي وقت مضى ان يبرهن انه ينطلق من ثوابت وطنية ويريد تجاوز الطائفية وتطوير نظام سياسي قابل للحياة، بحيث يؤمن للمكونات الدينية والثقافية دولة مدنية”.
ويأتي في اهداف المشروع “اطلاق اطار تعاون ما بين التيار وشخصيات سياسية مستقلة ساهمت في بلورة وصياغة الافكار، وتعاونت لنقاش خطة العمل المقبلة من اجل بلورة مشاريع تنتهي بتطوير النظام لتثبيت مدنية الدولة في لبنان والانتقال من النظام الطائفي الى نظام مدني”. المعوقات كما الظروف لم تخفف من عزيمة التيار وتمسكه بالفكرة. “اعتبرنا ان الازمة المالية والانفجار في بنية النظام السياسي، والانهيار، في الاخلاق كما في السياسة، حافز اساسي كي نطرح عمق مشروعنا السياسي والذي نعتبره مشروعاً لبنانياً وليس ملكاً لطرف سياسي”.
على عتبة الاستحقاق الانتخابي، يصعب تجريد الطرح من بُعده الانتخابي، لكن القيمين مباشرة عليه يعتبرون ان مجرد ربطه بالانتخابات يعد تقزيماً، “لا رابط دعائياً بين التيار والانتخابات، بل هناك رابط اساسي أكيد وكأننا نقول لكل الناس تفضلوا لنجعل الانتخابات نوعاً من الاستفتاء حول نظام جديد مرتكزاته يمكن الاتفاق عليها بالحوار”. وبينما يعترف الكل بفشل النظام سياسياً الا ان اي جهة لم تطرح البديل بعد، “البديل موجود ولسنا متفردين به بل ليكون مادة حوار بين اللبنانيين، والوجوه المشاركة مستقلة ولكن تتوافق معنا في نظرتنا للدولة المدنية، ولا ضير انه قبل 5 اشهر من الانتخابات نعلن مشروعاً لا نستحي فيه ولا نطرحه من باب الدعاية الشخصية، وانما لفتح باب النقاش مع جهات لم نخض في السابق نقاشاً معها، وقد يثير انزعاج البعض منا لكنه نقاش وطني بالنسبة لنا ولا نقيسه بحسابات الربح والخسارة في الانتخابات”. يرفض “التيار” اعتبار المؤتمر بمثابة برنامج انتخابي لرئيس التيار “بل نقاش حول الدولة المدنية يؤشر الى ان التيار كحزب سياسي فتح نقاشاً جدياً في بيئته كما في البيئة اللبنانية العامة، ولكن هل هو احد طروحات برنامج التيار الانتخابي؟ “قد يكون وما المانع من دعوة التيار الناخبين لقول نعم للدولة المدنية”.
ويؤكد الوزير السابق غابي ليون ان المقصد “طرح المشروع على مجموعة من الشعب اللبناني لتشكيل حلقة نقاش في الاندية الشعبية وفي اوساط الرأي العام اللبناني، ويمهد لان يصبح النقاش تحت قبة البرلمان في المرحلة المقبلة. وما المانع من ان نطرح مشاريع قوانين في مجلس النواب في المرحلة المقبلة؟ لا يدّعي “التيار” التفرّد بالمشروع بمفرده، “بل لدينا الجرأة كحزب سياسي ان نخرج من العناوين والشعارات التي استعملها الكثيرون ونضعه على بساط البحث على طاولة حوار او تحت قبة البرلمان. لا سيما من بعد ان وقع الانهيار، لان الانهيار مالي واقتصادي وصحي واجتماعي ويؤشر الى سقوط منظومة حكم كانت مسؤولة عن ادارة شؤوننا كلبنانيين. هذا جزء من كل متكامل ولا يفصلنا عن مطالبنا ان نطوّر نظامنا السياسي انطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني، بعيداً من الخيارات التي يطرحها البعض خارج اطار وثيقة الوفاق. ما يقلق التيار ان يرفض البعض المشروع لمجرّد انه الجهة التي اطلقها، ومعنى ذلك ان خصمك الذي لا يريدك لن يوافيك ولو رفعت له اسمى الآيات الدينية. جوهر الفكرة ان نعيش سوية في دولة يحكمها القانون المدني وليس في نظام طائفي نتقاسم فيه قطعة الجبن ونتصارع مع بعضنا، او نعيش ونتقاسم الحياة المشتركة ضمن نظام سياسي قائم على المساواة بين المواطنين وليس بين الطوائف”.
وعما اذا كان المشروع سيطرح كاملاً متكاملاً، يقول ليون: “هناك نقاط وليس تفاصيل، ستكون موضع نقاش داخل ورش العمل التي بيّنت وجود اشخاص لديهم طاقات ليسوا منضوين في احزاب”.
كتب في متن الدعوة ان «التيار الوطني الحر» وشخصيات مستقلة يدعون الى مشاركة مشروعهم عن الدولة المدنية تحت عنوان «لبنان المدني»، في مؤتمر يعقد قبل ظهر يوم غد السبت في الربوة، بعد كلمة الافتتاح للاعلامية ماغي فرح تلاوة مشروع الوثيقة، تليها مداخلات لشابات وشبان، ثم كلمات لكل من الوزراء السابقين عدنان السيد حسين وحسن مراد وعصام نعمان وللدكتور خالد الخير، ثم كلمة لرئيس «التيار» جبران باسيل.