إعتماد 81% من إيرادات دول الخليج على صادرات النفط الخام يضعها في بؤرة فيروس كورونا

النشرة الدولية –

رغم محاولات احتواء فيروس كورونا المتعثرة حتى الآن، فضلاً عن تشديد إجراءات الحجر الصحي سواء في الصين أو في دول العالم الأخرى، فإن الأمر بحاجة إلى وضع تصورات توقع السيناريو الأسوأ بالنسبة إلى تداعيات أزمة «كورونا» على الاقتصاد العالمي عموماً وعلى سوق الطاقة خصوصاً.

 

أكد تقرير نفطي حديث أن المخاوف من التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا دفعت أسعار النفط العالمية إلى أقل مستوياتها منذ أكثر من عام، رغم خفض الدول المنتجة لإنتاجها منذ أكثر من عام، وهو ما يهدد بصدمات اقتصادية للدول النفطية.

 

في الوقت نفسه أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريحات أخيرة، أن بلاده ستستغل أسعار النفط المنخفضة لتشتري كمية ضخمة من الخام لتملأ احتياطياتها الاستراتيجية.

 

وقال ترامب إنه «بناء على أسعار النفط الحالية والمناسبة فقد وجهت وزير الطاقة الأميركي إلى شراء كميات ضخمة من النفط الخام للتخزين ضمن الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة.. سنملؤه إلى آخره».

 

وذكر مسؤول في وزارة الطاقة الأميركية أن الاحتياطي الاستراتيجي يستطيع استيعاب ما يصل إلى 77 مليون برميل إضافية من النفط، ولم يذكر حجم النفط الذي سَيُشترى للتخزين في الاحتياطي، الذي يوجد فيه حالياً 635 مليون برميل.

 

روسيا تنتج المخفض

 

من جانب آخر، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، خلال الأيام القليلة الماضية في تصريحات صحافية، أن بلاده قد تستأنف إنتاج النفط الذي كان مخفضاً وفقاً لاتفاق «أوبك+»، بمقدار 200 ألف برميل يومياً.

 

وكانت الإدارة العامة للجمارك الصينية ذكرت أن واردات الصين من النفط خلال العام الماضي بلغت حوالي 11 مليون برميل يومياً لتصبح أكبر مستورد للنفط في العالم وبفارق كبير عن المركز الثاني، في حين أن السعودية وروسيا هما أكبر مصدرين للنفط إلى الصين.

 

ومع عدم القدرة على احتواء فيروس كورونا الجديد حتى الآن، تقول مصادر صينية مطلعة إن الطلب على النفط في البلاد تراجع بمقدار ثلاثة ملايين برميل يومياً أي بما يعادل 20 في المئة من إجمالي الاستهلاك تقريباً.

 

ويؤكد بعض المحللين النفطيين عدم القدرة على معرفة التأثير الكامل لانتشار الفيروس على الطلب العالمي للطاقة، وخاصة إذا انتقل التباطؤ الاقتصادي من الصين إلى باقي دول العالم.

 

وتشير تقديرات العديد من الجهات، من شركة الطاقة البريطانية بريتش بتروليوم (بي. بي) إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إلى تراجع الطلب العالمي بين 200 ألف و600 ألف برميل يوميا.

 

سوق الطاقة

 

ورأى بعض الخبراء أنه رغم محاولات احتواء الفيروس المتعثرة حتى الان فضلا عن تشديد إجراءات الحجر الصحي سواء في الصين أو في دول العالم الأخرى، فإن الامر بحاجة الى وضع تصورات توقع السيناريو الأسوأ بالنسبة إلى تداعيات أزمة «كورونا» على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى سوق الطاقة بشكل خاص.

 

وأضاف الخبراء أنه يمكن أن يتمثل السيناريو الكارثي لصناعة النفط في تراجع أسعاره إلى ما بين 30 و35 دولاراً للبرميل من خام برنت القياسي واستمرار هذه الأسعار المنخفضة عدة أشهر.

 

وأشاروا الى ان هذا الموقف يعد مشكلة وتهديدا بالنسبة إلى الدول المنتجة للنفط والتي ستكون أكثر حدة من تلك التي واجهها منتجو النفط عندما انخفضت الأسعار إلى 40 دولاراً أو 35 دولاراً للبرميل عامي 2015 و2016، حيث انه في تلك الفترة كانت أسعار النفط قد تراجعت نتيجة زيادة إنتاج الدول النفطية إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.

 

وبالنظر إلى هبوط أسعار النفط حاليا بسبب فيروس كورونا، إضافة الى عدم توافق دول «أوبك بلس» على تعميق خفض الانتاج خلال اجتماعهم الاخير اوائل الشهر الجاري فإن هبوط الاسعار قادم لا محالة.

 

الإيرادات النفطية

 

ولعل انخفاض الطلب على الخام مع انخفاض الإنتاج يعني تراجع إيرادات الدول النفطية الكبرى، وبالتالي ارتفاع العجز في ميزانيتها، وهو ما يعني تراجع الخدمات العامة التي توفرها حكومات هذه الدول لمواطنيها.

 

ورأى بعض الخبراء ان الاقتصاد العالمي قد يتعرض لصدمة عنيفة نتيجة تزايد وتيرة تداعيات فيروس كورونا السلبي على مفاصل الاقتصاد العالمي، متوقعين تزايد وتيرة الصدمة بسبب تزايد قيود السفر، فضلاً عن تنامي انتشار الفيروس، وتباطؤ استهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، وانحسار الإنفاق على السياحة.

 

وذكرت بعض الآراء ضرورة التريث للحكم على سير الاقتصاد العالمي حتى تتضح البيانات الدقيقة حول التأثيرات الاقتصادية خلال النصف الأول من العام الحالي، باعتبار العامل الزمني في قياس التداعيات، آملين احتواء «كورونا» وفقاً لبعض الحسابات بحلول مايو المقبل.

 

وتوقعت الآراء أن يسجل الاقتصاد الصيني انخفاضا إلى نحو 5.4 في المئة بدلاً من 6 في المئة، مع تزايد قيود حماية الصحة العامة التي تؤدي إلى صعوبة عودة العمال لوظائفهم.

 

دول الخليج

 

وحول تأثر دول الخليج بالاحداث الحالية، فإن بعض الخبراء يرون أن التأثر سيكون كبيراً بشكل قد يسبب عجزاً في موازنات تلك الدول التي تعتمد بشكل أساسي على دخلها من النفط، والذي يساهم بنحو 81 في المئة في المتوسط، من إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي؛ لافتين إلى أن ضعف الأسعار والطلب النفطي من الصين التي تُعدّ أكبر مستهلك عالمي للنفط سيؤثر كذلك على الإيرادات.

 

وأشار الخبراء الى وجود غموض بشأن إقامة المعارض المقررة والمجدولة في دول الخليج نظرا للقرارات الاحترازية المتخذة والتي منعت اقامة جميع المناسبات لعدم انتشار فيروس كورونا.

 

ومع التقارير الدولية الصادرة من منظمة الصحة العالمية حول اعتبار فيروس كورونا وباء عالمياً، فإن هناك توقعات في هذا المنحى تشير إلى ان تلك التصريحات قد تؤدي إلى انخفاض الدخل العالمي بنسبة 1.3 في المئة خلال العام الحالي، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار من الدخل العالمي.

 

تأثيرات «كورونا»

 

ومن بين مظاهر تشكيل الصدمة الاقتصادية في العالم، حسب بعض المصادر المالية والمصرفية، فإن ديون العالم ستتضاعف، حتى على مستوى الدول الاقتصادية الكبرى، إذ تشير التوقعات إلى أن التأثيرات السلبية لفيروس «كورونا» ستفرز حالة من إفلاس بعض الدول قريباً.

 

وحسب صندوق النقد الدولي، فإن الدين العالمي وصل إلى مستويات قياسية عند مستوى 188 تريليون دولار، بما يعادل نحو 230 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

 

ووفق الشواهد فإنه من المنتظر أن يشهد الاقتصاد العالمي فشلا واضحا وبشكل جلي في النمو خلال النصف الأول ليسجل مؤشراً صفرياً، كما ستعاني الولايات المتحدة ومنطقة اليورو حالة ركود فني، الأمر الذي يعني انكماشاً في الأداء الاقتصادي لفترات قد تطول أشهرا غير محددة، وذلك بفعل توقف إنتاج المصانع التي تفتقر إلى المكونات وقطع الغيار الصينية المهمة، مما يرسم بوضوح مدى الأزمة.

 

انهيار الاقتصاد العالمي

 

ولفت خبراء إلى أن فيروس «كورونا» المستجد الذي انتشر في أكثر من مئة دولة وحاز تصنيفاً عالياً من منظمة الصحة العالمية وخلف حالة من الخوف من الانتشار السريع كان في المجمل المؤثر الأساسي لانهيار الاقتصاد العالمي وحالة الهلع في الأسواق العالمية، بما فيها أسواق النفط، إضافة إلى تباطؤ احتواء الفيروس، ومع كل ذلك، لا يمكن مقارنته بمثيله في الماضي.

 

وذكروا أن الغموض في التأثير المباشر فضلاً عن مخاوف انتشار الفيروس يعقدان التقديرات المستقبلية في احتواء الكارثة على أسواق النفط.

 

وقالوا إن الملاحظ وجود تناقضات في الأرقام الاقتصادية التي تعرض من الوكالات المختلفة في العالم، فعقود بيع النفط مازالت في معدلاتها 270 ألف عقد يومياً خلال السنوات الخمس الماضية، وبمراجعة أرقام الخسائر المقدرة عن طريق رصد نشاط المصانع الصينية هناك 40 في المئة من النشاط الصناعي، أو تجارتها التجزئة، توقف أو تأخر، وهذا يقدر بخسائر قد تصل إلى 1.5 تريليون دولار، بينما نجد أن انخفاض الطلب الصيني على النفط في حدود 100 إلى 160 ألف برميل يومياً من 18 مليوناً تستوردها الصين، وهذا يجعل المتابع يقدر أن الطلب الصيني الحالي هو للتخزين.

 

وتطرق الخبراء إلى الأزمات المنتظرة مع نهاية أزمة انتشار وباء «كورونا»، فالتوترات في العلاقات الأميركية التجارية مع الصين والعسكرية مع إيران والسياسية مع الاتحاد الأوروبي ستؤدي حتماً إلى تقلبات كبيرة لأسعار النفط.

 

وقالوا إن بقاء الأسعار الحالية الضعيفة لخام برنت يجعل مستقبل أسعار الخام غامضاً خلال العام الحالي ويصعب التنبؤ بالأسعار خلال الفترة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى