النساء الخاسر الأكبر في أزمة كورونا

النشرة الدولية –

يبدو أن فيروس كورونا يصيب الرجال أكثر من النساء، بحسب التقارير الطبية، لكن مع انتشار الفيروس عالميا، بدا أن النساء الخاسر الأكبر، إذ يتحملن وطأة الاضطراب الاجتماعي والاقتصادي بنسب مضاعفة مقارنة بالرجال، بحسب تقرير بموقع المنتدى الاقتصادي العالمي.

أظهرت دراسة حديثة أجريت على حوالي 44,600 مصاب بكوفيد-19 من المركز الصيني لمكافحة الأمراض، أن معدل الوفيات بين الرجال كان 2.8% مقارنة بـ1.7% للنساء. ولكن بطرق أخرى، ربما أقل وضوحا، يبدو أن الفيروس يؤثر بشكل أكبر على النساء.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن النساء يشكلن غالبية العاملين في قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية بنسبة 70% في 104 دول حللت بياناتها المنظمة، وهذا يضعهن في مواجهة الإصابة بالفيروس الحالي، رغم أن دخل النساء أقل من الرجال بنسبة 11% في المجال ذاته.

تقول الكاتبة أليشا هريدساني جوبتا، في تقرير موقع نيويورك تايمز، إن خبراء الصحة يشعرون بالقلق، حيث إن الأدوار التي تؤديها المرأة في المجتمع يمكن أن تضعها بشكل مباشر في مسار الفيروس.

وبحسب اتحاد شنغهاي النسائي -هيئة حكومية- فإن السلطات أرسلت أكثر من 41 ألف عامل صحي من جميع أنحاء البلاد لدعم الطاقم الطبي في مركز تفشي المرض في مقاطعة هوبي. وبحلول 24 فبراير/شباط 2020، أصيب 387 عاملا صحيا في الصين، أكثر من 90% منهم في هوبي. وأكثر من نصف الأطباء، و90% من الممرضات في هوبي من النساء.

وتقول أخصائية الأمراض المعدية وعلم الأوبئة الدكتورة سيلين غوندر، لموقع نيويورك تايمز، إن مستويات تعرض الممرضات للفيروس “أعلى من الأطباء” لأنهن أكثر مشاركة في الرعاية الحميمة للمرضى. هن اللواتي يسحبن الدم ويجمعن العينات. يوجد هذا الوضع أيضا في دور رعاية المسنين، التي كانت مركزا للعدوى في ولاية واشنطن.

كما تواجه النساء الحوامل مجموعة مختلفة تماما من التحديات، خاصة ضغوط عدم معرفة كيفية تأثير الفيروس التاجي على أطفالهن بالضبط.

وفقا لمنظمة العمل الدولية، تؤدي النساء والفتيات بالفعل معظم أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في العالم. حيث إن النساء يؤدين 76.2% من إجمالي ساعات عمل الرعاية غير مدفوعة الأجر، أي أكثر من الرجال بثلاثة أضعاف. ويرتفع هذا الرقم في آسيا والمحيط الهادي إلى 80%.

يشير معدل انتشار الفيروس الحالي إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من كوفيد-19 سيحتاجون إلى رعاية في المنزل، مما سيزيد من العبء الإجمالي على النساء، ويعرضهن أيضا لخطر الإصابة بكورونا بشكل أكبر.

 

كما تؤكد الكاتبة جانيت باسكن لموقع بلومبيرغ، فإن الغالبية العظمى من المضيفين والمعلمين والعاملين في صناعة الخدمات من الإناث، وتضعهن وظائفهن في الخطوط الأمامية لتفشي المرض. وفي المنزل، لا تزال النساء يقمن بمزيد من الرعاية، لذلك عندما يغلق الفيروس المدارس، ويحد من السفر، ويعرض الأقارب المسنين للخطر، فإن النساء لديهن المزيد للقيام به.

تشير تقديرات لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، يوم 10 مارس/آذار الماضي، إلى أن أكثر من 300 مليون طالب على مستوى العالم حاليا خارج الصفوف بسبب إغلاق المدارس نتيجة انتشار الفيروس.

وبالتالي فإن الإغلاق الجماعي لمراكز رعاية الأطفال والمدارس في 15 دولة، بالإضافة إلى الإغلاق الموضعي في 14 دولة أخرى، لم يترك أمام العديد من الآباء العاملين خيارا سوى أخذ إجازة، أو محاولة العمل من المنزل أثناء رعاية أطفالهم.

وكما تفيد صحيفة نيويورك تايمز، فإن إغلاق المدارس يضر النساء بشدة لأن مسؤولية رعاية الأطفال ما زالت تقع على عاتقهن.

وبالنسبة للأمهات العاملات في المجال الصحي، فهناك معاناة أخرى غير مقصودة تنتظرهن نتيجة إغلاق المدارس، وهي عدم مقدرتهن على الحصول على إجازة للعناية بأطفالهن نتيجة الضغط على النظم الصحية، وفقا لليونسكو، حيث تكافح العديد من المهنيات الطبيات للعثور على رعاية لأطفالهن في الوقت الحالي.

من جهتها، تقول أخصائية السياسات في مجال المرأة والتمكين الاقتصادي لمنظمة العمل الدولية لورا أداتي إن “تحدي الطوارئ يضع بالفعل ضغطا إضافيا على عدم المساواة القائمة في المجتمع”. “إذا لم يكن هناك بالفعل مشاركة متساوية لرعاية الأطفال أو الأعمال المنزلية، فستكون النساء مسؤولات عن التعليم عن بعد، وضمان وجود الغذاء والإمدادات، للتعامل مع هذه الأزمة”.

حسب أداتي، فإن أزمة كورونا هي فرصة لتحدي الديناميكيات الاجتماعية الراسخة بطريقة تفيد كلا من النساء والرجال. وتقول “علينا أن نفكر في أنفسنا باعتبارنا جميعا مقدمي رعاية وكلنا متلقين للرعاية”. “يجب أن تكون مسؤوليتنا التأكد من أن كل شخص يمكنه الاعتناء بنفسه وأحبائه، والتأكد من أن مكان العمل آمن للجميع”.

يمكن أن يكون لتفشي المرض تأثير سلبي غير متناسب من الناحية الاقتصادية على النساء اللاتي يشكلن مجموعة كبيرة من العاملين بدوام جزئي والعاملين غير الرسميين في جميع أنحاء العالم. وعادة ما تكون هذه الأنواع من الوظائف هي أول ما يتم التخلي عنها خلال الأزمات مثل التي نمر بها حاليا.

وتقول باحثة السياسات الصحية في جامعة سايمون فريزر الدكتورة جوليا سميث إنه خلال الأزمات الكبرى، عندما تضطر النساء إلى التخلي عن العمل والدخل للبقاء في المنزل، غالبا ما يجدن صعوبة في العودة لتلك الوظائف بعد الأزمة.

على سبيل المثال، فبينما “تأثر دخل الجميع من تفشي فيروس إيبولا في غربي أفريقيا، عاد دخل الرجال إلى ما كان عليه قبل تفشي المرض أسرع من دخل النساء”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى