تحليل: مع اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا المستجد، الكويت تُعيد تشكيل اقتصادها
النشرة الدولية –
مع اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في العالم وارتفاع عدد المصابين بهذا الوباء الذي تخطى 1.5 مليون إصابة، وهو عدد مُرشح للازدياد، وعلى وقع الأزمة استفاد عدد من القطاعات، وتضررت أخرى بشكل عنيف، وذلك على صعيد الاقتصاد الكويتي بشكل خاص، والاقتصاد العالمي ككل.
المُحلل الفني ببورصة الكويت، موسى الصايغ قال لموقع “مباشر”، إن من بين من القطاعات التي استفادت من الأزمة قطاع الأغذية، حيث زاد الطلب على الغذاء مع اتجاه معظم الناس لعملية التخزين.
الصايغ أوضح أن الطلب الشديد على الغذاء قابله إغلاق بعض الدول لمنافذ تصدير الأغذية ما أدى إلى شُح بعض المواد الغذائية وتزايد الطلب على المتوافر منها بالسوق؛ لأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية ما سيُحقق مزيد من الاستفادة لقطاع الأغذية.
وأضاف بأن القطاع الصحي في الكويت استفاد كذلك من أزمة “كورونا”، فمع ارتفاع عدد المصابين بالفيروس وزيادة أعداد الوفيات، ارتفع الطلب على المُعقمات والأقنعة الطبية (الكمامات) والقفازات اليدوية، بسبب عدم التوصل إلى اللقاح المُضاد للفيروس حتى الآن، وقد يطول الوقت حتى نهاية 2020 وبداية العام المُقبل وفق تصريحات منظمة الصحة العالمية ما سيزيد من الطلب على هذه المنتجات.
الصايغ أشار إلى أن قطاع الاتصالات أيضاً من القطاعات المستفيدة من الأزمة الحالية، موضحاً بأنه مع زيادة مدة الحظر الجزئي وفرض الحظر الكلي على بعض المناطق، زاد استخدام أفراد المجتمع لبرامج التواصل الاجتماعي سواء برامج السوشيال ميديا أو برامج الاتصالات الجماعية التي أصبحت بديلاً عن الديوانيات والتجمعات العائلية واجتماعات العمل.
وتابع: كذلك تزايد الإقبال على برامج التسلية والترفيه وتطبيقات التجارة الإلكترونية التي تنامى سوقها مع إغلاق كافة منافذ البيع بالتجزئة من أجهزة كهربائية وملابس وكماليات بهدف تسيير الأعمال عبر الشراء الإلكتروني من المتاجر، والتزام الأفراد بتعليمات التباعد الاجتماعي بين الأشخاص لمنع انتشار وباء كورونا.
وفيما القطاعات الخاسرة، يرى الصايغ أنها كثيرة وأبرزها قطاع البنوك الذي قام بدوره الوطني واستجاب لدعوة أمير الكويت بتخفيف الأعباء التي تثقل كاهل المواطنين في هذه الظروف الاستثنائية والصعبة.
الصايغ، نوه إلى أن قطاع البنوك في الكويت قام بإصدار قرار بتأجيل أقساط القروض الاستهلاكية والمُقسطة وأقساط البطاقات الائتمانية لمدة 6 شهور لكافة عملاء البنوك المحلية من المواطنين الكويتيين والبدون وأبناء الكويتيات الذين يتجاوز عددهم 500 ألف عميل، مع إلغاء الفوائد والأرباح المترتبة على هذا التأجيل وأية رسوم أخرى.
وأوضح أن التقديرات الأولية لتكلفة هذا التأجيل من قبل البنوك في الكويت تُقدر بما تتجاوز قيمته 400 مليون دينار ستتحملها البنوك ولن يتم تعويضها من المال العام.
ويرى الصايغ أن قطاع التعليم هو الآخر من القطاعات الخاسرة في أزمة كورونا، حيث أصدرت الحكومة الكويتية قراراً استثنائياً بتعطيل الدراسة في المدارس والكليات والجامعات الحكومية والخاصة حتى أغسطس/آب المُقبل؛ كإجراء احترازي لمنع انتشار وتفشي الفيروس في البلاد.
ولفت إلى أن الموعد الجديد لمواصلة الدراسة في الكويت عُرضة للمراجعة والتمديد حسب تقييم وتقدير السلطة الصحية في البلاد، التي قد تُمدد التعطيل في حال عدم احتواء وباء كورونا.
كذلك عدم صدور قرار باستمرارية وإلزامية التعليم أون لاين قد فاقم من خسائر هذا القطاع وذلك لعدة أسباب، أهمها بحسب الصايغ، عدم جاهزية القطاع التعليمي للتحول من نظام التعليم التقليدي إلى التعليم عن بعد، كما أن الأخير غير مُعتمد بشكل رسمي في دولة الكويت وغير مُعترف به وذلك لوجود قصور تشريعي ينظم العملية التعليمية وفق هذا النظام.
وتابع الصايغ بالقول: الأمر الثالث بالنسبة للعملية التعليمية أنه من المتوقع رفض عدد كبير من أولياء الأمور إرسال أبناؤهم للمدارس لبدء الدراسة في أغسطس/آب المُقبل؛ لاعتقادهم بعدم القدرة على احتواء المرض حتى ذلك الوقت ولعدم جاهزية المدارس لاستقبال العدد الكبير من الطلبة في ظل الأوضاع الراهنة، الأمر الذي أدى وسيؤدي إلى مزيد من الخسائر في القطاع التعليمية.
من جانبه، قال نواف الشايع، مدير عام مجموعة نانو جارد الخليجية، إن أزمة “كورونا” تسببت بخسائر كبيرة لجميع القطاعات بسبب القرارات المُتخذة من قبل الحكومات لمواجهة هذا الوباء.
وأوضح الشايع لـ”مباشر”: “أننا لو أردنا حصر قطاعات الشركات الخاسرة سنجد أنه لم ينجو من تلك الأزمة سوى قطاعي المواد الغذائية والمنتجات الطبية لاستثنائهما من القرارات الحكومية”.
وبين أن استثناء القطاع الصحي والغذائي يأتي لأنها تعتبر قطاعات أمن قومي لدرجة أن بعض الدول منعت تصدير الغذاء والمواد الطبية؛ نظراً لاحتياجها في الحفاظ على الاكتفاء الذاتي الذي يؤمن مصالح الدول في تلك الأزمة.
وأظهر استطلاع لـ”مباشر” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن 58.9 بالمائة من المشاركين اختاروا قطاع الأغذية والسلع الاستهلاكية كأكثر القطاعات التي استفادت من أزمة “كورونا”، فيما كان قطاع الخدمات العامة الأقل استفادة في هذا الصدد، وحصل على نسبة 2.2 بالمائة من الاختيارات.
في المقابل، اعتبر المشاركون في الاستطلاع أن قطاع النفط والغاز كان الأكثر تضرراً من الأزمة، وعبروا عن ذلك بنسبة تصويت بلغت 37.6 بالمائة، بينما رأي المشاركون أن قطاع البنوك والخدمات المالية كان الأقل تضرراً وحصل على نسبة من الأصوات بلغت 18.8 بالمائة.