تقرير: الكويت مواجهة استباقية تتحدى “كورونا” بحزمة إجراءات استثنائية لتخفيف التداعيات
النشرة الدولية –
أشاد تقرير حديث بتجربة الكويت في مواجهة جائحة الفيروس التاجي كورونا المُستجد (كوفيد 19)، الذي تفشى في جميع بلدان العالم وألحق بها خسائر فادحة على المستوى البشري والمادي.
وقالت مجموعة أوكسفورد بيزنس جروب في تقرير، إن الكويت واحدة من بلدان منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، وهي تضم العديد من المستشفيات عالية الكفاءة.
وأشار التقرير إلى أن المستشفيات في الكويت تضم العديد من وحدات الفرز المُتخصصة في أمراض الجهاز التنفسي، مع تمتعها بأنظمة تهوية مُصممة لمنع إصابة العاملين في مجال الرعاية الصحية بالعدوى.
وذكرت المجموعة في تقريرها أن الكويت نفذت إجراءات وقائية صارمة بعد تسجيل أول حالات الإصابة بفيروس كورونا في أواخر فبراير/شباط الماضي.
وأوضح التقرير أن الكويت قامت في البداية بتعليق الرحلات الجوية، عدا البضائع، داخل وخارج الكويت اعتباراً من 13 مارس/آذار، مما جعلها أول دولة خليجية تقوم بوقف جميع رحلات الركاب.
وفي نفس التاريخ السابق، تم إغلاق المساجد والأماكن العامة مثل الحدائق والشواطئ، في حين تم فرض حظر التجوال على الصعيد الوطني في 22 مارس/آذار 2020.
كما قامت الكويت بتعليق العمل والذهاب إلى المدارس والجامعات، مع تأجيل الموعد المحدد لإعادة فتحها حتى 4 أغسطس/آب المُقبل، على أقرب تقدير. كما تم إغلاق جميع مؤسسات الدولة حتى 25 أبريل/نيسان الجاري، على الأقل.
في غضون ذلك، تم إعادة استخدام فندق الكوت بيتش الخمس نجوم ومنتجع الخيران كمراكز للحجر الصحي، وتم استخدام أرض المعارض الدولية في مشرف كمستشفى ميداني ومركز لاختبار وفحص المواطنين من الوباء.
وبحسب التقرير، تهدف هذه الاستجابات المُنسقة إلى إبطاء انتشار الوباء، مُشيراً إلى أن الكويت سجلت أول حالة وفاة بسبب “كورونا” في 4 أبريل/نيسان الجاري، بينما سجلت حتى اليوم ما مجموعه 1524 حالة إصابة وثلاث وفيات في المُجمل.
تطرقت “بيزنس جروب” في تقريرها للجهود التي بذلتها الكويت بالتوازي؛ لتعزيز مرونة قطاع الرعاية الصحية في البلاد، حيث اتخذ بنك الكويت المركزي خطوات للتخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء.
في 16 مارس/آذار الماضي، قام “المركزي الكويتي” بخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 1.5 بالمائة. كما طلب البنك من المُقرضين تأجيل سداد القروض من الشركات المُتضررة بشكل خاص من الأزمة.
وفي 2 أبريل/نيسان الجاري، أعلن “المركزي” عن إطلاق حزمة تحفيز كبيرة بهدف دعم القطاعات الرئيسية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في البلاد، وتعديل حزمة من اللوائح وأدوات السياسة الاحترازية الكلية، فضلاً عن إتاحة 16.5 مليار دولار للإقراض الإضافي من البنوك المحلية.
كما قام “المركزي الكويتي” بتخفيض متطلبات كفاية رأس المال بنسبة 2.5 بالمائة، وخفف وزن المخاطر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى 25 بالمائة من 75 بالمائة.
وقال ألوك تشو، الشريك ومسؤول الحوكمة والقطاع العام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إرنست آند يونغ، لمجموعة “بيزنس جروب”: “إن حزمة التحفيز التي تم الإعلان عنها مؤخرًا في الكويت ستوفر دفاعاً قوياً وفعالاً للغاية ضد الأضرار قصيرة المدى التي يسببها الفيروس التاجي”.
وتابع تشو: “لقد كانت الشركات الصغيرة والمتوسطة في قلب رؤية البنك المركزي الكويتي، وقد نجح بالفعل تخفيض وزن مخاطر الائتمان من 75 بالمائة إلى 25 بالمائة في تحفيز البنوك من زيادة إقراضها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير، وبالتالي تزويدها بدعم فعال للغاية خلال هذه الأزمة”.
وأشار التقرير إلى أن “المركزي الكويتي” أكد أنه في وضع جيد يسمح له بتنفيذ إجراءات مهمة، ففي أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008، وضع البنك سياسات وقائية أدت إلى ظهور قاعدة رأسمالية قوية واحتياطيات كبيرة.
ومع ذلك، في أواخر شهر مارس/آذار الماضي، وضعت وكالة “موديز” تصنيف الكويت بدرجة (Aa2) قيد المراجعة تمهيداً لخفض التصنيف الائتماني للدولة الخليجية، وذلك في ضوء الانخفاض الكبير في الإيرادات الحكومية.
وبالمثل، خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف الائتمان السيادي طويل الأجل لدولة الكويت إلى (-AA) من (ِِAA)، حيث أرجعت الوكالة الخفض إلى هبوط أسعار النفط عالمياً، والتقدم ببطء نسبياً نحو الإصلاح المالي والاقتصادي في البلاد. كما لاحظت أيضاً أن وباء “كورونا” سلط الضوء على افتقار الكويت لقانون الديون السيادية.
وفي تطور متوقع للغاية، قامت مورغان ستانلي (MSCI)، في مطلع أبريل/نيسان الجاري، بتأجيل انضمام بورصة الكويت إلى مؤشرها للأسواق الناشئة ليصبح في نوفمبر/تشرين ثاني 2020 بدلاً من مايو/أيار المُقبل.
وذكرت “مورغان ستانلي” أن سبب التأجيل يتمثل في الآثار الضخمة التي أحدثها وباء “كورونا” عالمياً على قدرة المستثمرين المؤسسين العالميين باستكمال أعمالهم المطلوبة قبل التنفيذ الكامل لدخول استثماراتهم، وذلك على الرغم من استمرار الأعمال التشغيلية بشكل اعتيادي في السوق الكويتية خلال الفترة الماضية.
ومن التطورات الرئيسية الأخرى التي تم تأجيلها استحواذ بيت التمويل الكويتي “بيتك” على البنك الأهلي المتحد البحريني. وقد حصل الاندماج على الموافقة النهائية في أبريل/نيسان الجاري، ولكنه تأجل الآن حتى ديسمبر/كانون أول 2020.
نجحت الكويت في تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية على الرغم من الاضطراب الكبير الذي سببته جائحة وباء “كورونا” والاضطراب الذي لحق بالتجارة العالمية وسوق السفر.
في منتصف مارس/آذار الماضي، أعلنت الكويت أنها ستقدم مساعدات مالية لجيرانها في المنطقة كالعراق وفلسطين وإيران، من أجل المساعدة في مواجهة تداعيات “كورونا” في تلك البلدان.
وبالتوازي مع ذلك، تبرعت الكويت بمبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية لدعم جهودها لمكافحة الوباء التاجي.
استجابت بورصة الكويت بطبيعية الحال للضغوط الكبيرة المُحيطة بها جراء أزمة “كورونا”، حيث فقدت جزء كبير من قيمتها السوقية منذ ظهور أولى حالات الإصابة بالفيروس وحتى الآن.
ففي أواخر فبراير/شباط الماضي، كانت القيمة السوقية قد بلغت قرابة 35.5 مليار دينار عند اكتشاف أول حالة إصابة في الكويت بفيروس “كورونا”.
وبمرور الوقت بدأت هذه القيمة تتقلص حتى تدنت إلى أقل مستوى في تلك الفترة بتاريخ 18 مارس/آذار الماضي، حيث بلغت آنذاك 25.3 مليار دينار، بما يُعادل خسارة 10.2 مليار دينار بنسبة هبوط بلغت 28.7 بالمائة، وذلك في أقل من شهر تقريباً.
ومع البدء في استيعاب الأمر من قبل الحكومة الكويتية واتخاذ تدابير وإجراءات سريعة للحد من تفشي الوباء وتقليل الخسائر على المستويين البشري والمادي، بدا أن البورصة الكويتية استجابت لتلك الخطوات لتأخذ في التعافي تدريجياً، حيث بلغت القيمة السوقية للبورصة في 31 مارس/آذار الماضي، نحو 27.5 مليار دينار لترتفع في 8 أيام فقط بنحو 8.7 بالمائة وتستعيد 2.2 مليون دينار من الخسائر التي تكبدتها.
وعلى الرغم من مواصلة الكويت الخطوات المتسارعة لاحتواء جائحة “كورونا”، إلا أن ارتفاع أعداد الإصابات وظهور حالات الوفيات خلال شهر أبريل/نيسان الجاري، كان لها مردود سلبي نوعاً ما على البورصة. فمنذ نهاية مارس وحتى منتصف الشهر الجاري، تكبدت البورصة خسائر سوقية بنحو 460 مليون دينار لتصل إلى 27.04 مليار دينار مُتراجعة بواقع 1.7 بالمائة.
ويُعول الجميع في الكويت على استمرار الحكومة في مواصلة نفس المنهج الناجع في مواجهة وباء “كورونا” من خلال ما تتخذه الدولة من إجراءات وقائية واحترازية.
من جهة أخرى يأمل المجتمع الكويتي والعالمي بالكامل في سرعة التوصل إلى علاج فعال للفيروس المتفشي قبل أن تتفاقم الأزمة وتأكل الأخضر واليابس.