تداعيات “فيروس كورونا” هل تلوح في الأفق موجة جديدة من إفلاس الشركات الأمريكية؟
النشرة الدولية –
على ما يبدو، لم تنته بعد موجة فشل الشركات في الولايات المتحدة التي تزامنت مع تصاعد أزمة فيروس “كورونا” في البلاد مما أثار التساؤلات بشأن إمكانية وقوع المزيد من حالات الإفلاس.
وتسببت أزمة “كورونا” في أضرار بالغة للشركات في الولايات المتحدة مع قيود الإغلاق والعزل المنزلي وهبوط الطلب الأمر الذي أدى بدوره إلى موجة من إفلاس الشركات في مختلف القطاعات من التجزئة مثل “جيه سي بيني أند كو” إلى إيجار السيارات مثل “هرتز جلوبال”.
يجب الأخذ في الاعتبار أن الشركات التي تقدمت بطلبات للسلطات الأمريكية للحماية من الإفلاس كانت مثقلة أصلا بالديون وفي صناعات عانت كثيراً وبشكل حاد من أزمة فيروس “كورونا”.
مع تفاقم تداعيات “كورونا”، نضبت الإيرادات وأثرت على السيولة خزائن تلك الشركات بالتزامن مع إغلاق قطاعات اقتصادية.
على النقيض، هناك شركات كانت في وضع مالي أفضل وظهر أداؤها جليا خلال شهري أبريل ومايو، وصمدت في وجه عاصفة “كورونا” وآثار الجائحة بفضل برنامج الفيدرالي لشراء سندات االشركات المتضررة من الأزمة، وهو برنامج غطى الشركات ذات الجدارة الائتمانية العالية وأيضا الشركات ذات التصنيف المتدني.
ساعد برنامج الفيدرالي الكثير من الشركات مثل “بوينج” و”جنرال موتورز” و”رويال كاريبيان” والتي تضررت بشدة من تداعيات الجائحة، وبالتبعية، أقبل المستثمرون على العائد المرتفع لسندات الشركات المتضررة من الفيروس التاجي مما ساعد شركات ذات سندات محفوفة بالمخاطر على جمع مليارات الدولارات خلال أبريل.
في تلك الأثناء، هناك عدم يقين متواصل بشأن وتيرة تعافي الاقتصاد الأمريكي من تداعيات “كورونا”، فقد سجل تقرير الوظائف عن مايو ومبيعات التجزئة ومبيعات المنازل الجديدة بيانات قوية أعلى ىكثيراً من التوقعات.
بالتبعية، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية في ظل التفاؤل حيال تعافٍ سريع للاقتصاد الأكبر في العالم والعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة.
استفادت شركات كثيرة من هذه البيانات، فقد أعلنت كيانات – في التجزئة مثل “ماسيز” وفي الوجبات السريعة مثل “ماكدونالدز” وشركات حجز السفر والرحلات من بينها “إير بي إن بي” – عن عودة الطلب بأسرع من المتوقع.
رغم ذلك، ارتفعت وتيرة تعثرالشركات الأمريكية في سداد ديونها إلى 4.7% خلال الاثنى عشر شهرا المنتهية في الحادي والثلاثين من مايو من 2.3% قبل عام، لكن بالطبع هذه النسبة بعيدة كثيرا عن ذروة الأزمة المالية العالمية في نوفمبر 2009 عندما بلغت 12.1%.
رغم الإشارات الإيجابية التي ظهرت في الآونة الأخيرة لا سيما في شهر مايو من خلال بيانات اقتصادية قوية، إلا أن هناك قلق من موجة جديدة من التعثر في سداد الديون وإفلاس الشركات.
ربما تتفاقم مشكلات الشركات وتتراكم ديونها وتضطر إلى المزيد من الاستدانة حال عدم تعافيها سريعاً والعودة إلى مستويات ما قبل “كورونا”.
أشارت وكالة “ستاندرد أند بورز” إلى أن معدل تعثر الشركات في سداد ديونها بأمريكا سيصل إلى 12.5% خلال الاثنى عشر شهراً المنتهية في مارس عام 2021، وهو ما يعني تجاوز ذروة عام 2009، لكن وفق أفضل السيناريوهات تفاؤلاً، ربما يصل المعدل إلى 6% فقط بحلول مارس القادم.
تخشى الشركات أيضا من وقوع موجة جديدة من الإصابات بفيروس “كورونا” الأمر الذي ربما يسفر عن عودة قيود الإغلاق، ومن ثم تضرر الطلب لا سيما في الصيف الذي يعد موسماً جيداً لأعمالها وفرصة للتعافي والعودة.
يرى مراقبون أن رد السلطات الأمريكية على أزمة “كورونا” من البداية كان ضعيفا، كما أن التعطش الشديد لدى الشركات للحصول على السيولة من خلال الاستدانة ربما ينعكس سلبياً عليها ويؤدي إلى المزيد من الفشل والإفلاس.
مع الأخذ في الاعتبار خفض الفيدرالي للفائدة قرب الصفر والإبقاء عليها لفترة، فإن ذلك سيشجع الشركات على مزيد من الاقتراض، فماذا لو لم تتعافى سريعاً من آثار الجائحة؟
كما أن هناك تساؤلا آخرا بشأن ما إذا كانت الموجة الثانية (المحتملة) من “كورونا” ستسبب المزيد من الأضرار – وبالتالي المزيد من الديون، فهل ستنجح في السداد أم ستتعثر؟
تعهدت الحكومة الأمريكية بضخ ما يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار من السيولة والتحفيز المالي لإنقاذ الاقتصاد والمواطنين من آثار كورونا، وتم التركيز على الشركات والأفراد.
يترقب المحللون تداعيات هذه الحوافز المالية الضخمة وبرامج الفيدرالي السخية وما إذا كانت ستؤتي أكلها أم أن موجة جديدة من فيروس “كورونا” سيتبعها موجة أخرى من الإفلاس وفشل الشركات.