ساحة معركة جديدة… مصريات يحاربن التحرش وجدل حول “الفسق”

النشرة الدولية –

تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة جديدة من أجل حقوق المرأة في مصر، بعد حملة شنتها السلطات مؤخرا على فتيات مؤثرات على تطبيق “تيك توك” وسجن بعضهن، في وقت تنشط حملة #أنا_أيضا مجددا للتنديد بالعنف الجنسي من قبل الذكور.

والأسبوع الماضي، قضت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة بالحبس لمدة عامين وغرامة 300 ألف جنيه بحق خمس فتيات بينهن الفتاتان المؤثرتان على “تيك توك” حنين حسام ومودة الأدهم، لإدانتهن بالتعدي على قيم المجتمع من خلال ما ينشرنه من صور ومقاطع فيديو على تطبيق التواصل الاجتماعي.

وحددت المحكمة 17 أغسطس للنظر في طعن حكم الفتيات الخمس.

وبعد ذلك بيومين فقط، قضت محكمة مصرية أخرى بالحبس ثلاث سنوات بحق منار سامي، شابة جديدة من المؤثرات على تطبيق “تيك توك”، فقد اعتبرت السلطات المقاطع التي ترقص فيها أو تزامن الشفاه مع الأغاني “ليبسينغ”، “تحريضا على الفسق”.

وأكدت منظمة الحقوق الرقمية الدولية “أكسيس ناو” في بيان إن “جميع النساء، جميع الشابات، الجميع يمارسن حقهن في حرية التعبير على الإنترنت”.

وأشاد كثيرون في المجتمع المحافظ بما حدث من اعتقالات، حيث تتعارض القيم الاجتماعية التقليدية مع المحتوى الذي يقدم على الإنترنت، والذي ينظر إليه على أنه مثير وموحي جنسيا.

وقالت “أكسيس ناو” في بيانها “هناك حملة من الحكومة المصرية لتوقيف ومحاكمة النساء المؤثرات على تيك توك، لانتهاكهن قيم الأسرة المصرية والتحريض على الفجور والفسوق”.

وقالت مروة فطافطة، مديرة السياسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، إن السلطات المصرية “لا تريد فقط السيطرة على ما يقوله المواطنون، ولكن أيضًا كيف يجب أن يرتدوا، ويتحدثوا، ويتصرفوا عبر الإنترنت”.

فرضت مصر في السنوات الأخيرة ضوابط صارمة على الإنترنت، في وقت ترسم الدولة خطا رفيعا بين الشريعة الإسلامية التي تستنبط منها حكمها، والتكيف مع مجتمع سريع التغير يميل لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي.

وصادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 2018 على قانون يهدف إلى “تنظيم الصحافة والإعلام”، ويسمح للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المشكل بقرار رئاسي، بمراقبة بعض حسابات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي التي لديها أكثر من 5000 متابع.

وقالت فطافطة “في الماضي، أحكم النظام المصري قبضته على الإنترنت، الآن.. القمع على الإنترنت يمتد إلى النشاط غير السياسي أيضا”.

ويتابع ملايين المستخدمين حسابات الشابات الموقوفات الست على تطبيقات التواصل.

ويسمح “تيك توك” التابع لمجموعة “بايت دانس” الصينية، وهو من أكثر التطبيقات شهرة في العالم وبشكل خاص بين المراهقين، للمستخدمين بإنتاج وتبادل تسجيلات فيديو مدتها 15 ثانية يقومون خلالها بتحريك شفاههم بالتزامن مع مقاطع صوتية مسجلة للفنانين والمشاهير أو ما يعرف بـ”ليبسينغ”.

وتم توقيف حنين حسام التي لم تبلغ العشرين من العمر ويتابع حسابها 1.3 مليون شخص، بعد ظهورها في شريط فيديو مدته ثلاث دقائق، تداولته مواقع التواصل، وهي ترتدي قميصا رماديا وحجابا أحمر، وخاطبت الفتيات قائلة “أنا أعرف أن لديكن مشاكل مادية. أنا أسست وكالة وأريد في المجموعة بنات فقط. لا أريد أي ولد”.

وعقب انتشار الفيديو، طالب بعض الإعلاميين في مصر بالتحقيق في شأنه، وناشدوا العائلات مراقبة بناتها خشية تورطهن في أعمال “الدعارة”.

وبجانب كون منصات التواصل الاجتماعي ساحة معركة افتراضية لوجهات النظر المختلفة حول الأخلاق، فقد تمكنت الشابات المصريات من التحدث عن الاعتداء الجنسي وما قد يحدثه من عواقب سلبية في بعض الأحيان.

وفي نهاية مايو، أوقفت الشرطة منة عبد العزيز، وهي قاصر (17 عاما) معروفة على تطبيق “تيك توك” أيضا، بعدما ظهرت في مقطع فيديو وعلى وجهها آثار اعتداء، وقالت إنها تعرضت للاغتصاب والتعدي عليها بالضرب من صديق قام بتصوير ما حدث ونشره.

وأمرت النيابة العامة بحبسها احتياطيا بتهمة “التحريض على الفسق”، قبل أن تصدر قرارا باستبدال حبسها “بعدم مبارحتها مركزا مخصصا لاستضافة وحماية المرأة المعنفة، وإدخالها برامج تأهيليَّة لإصلاحها”. وأوقف ستة أشخاص آخرين بتهمة الاغتصاب.

وأشارت النيابة إلى أن عبد العزيز “ارتكبت جرائم تستأهل عقابها”، معتبرة أن “حداثة عمرها” و”ظروفا اجتماعية قاسية” أوقعتها “في فخاخ ارتكابها”.

دفعت قضية عبد العزيز نساء مصريات وخصوصا من الطبقة الثرية، إلى إحياء حملة #أنا_أيضا من أجل الدفاع عن حقوق المرأة، وخصوصا بعد انتشار مزاعم عن وقائع اغتصاب جماعي، تداوله أولا حساب بارز على وسائل التواصل الاجتماعي.

كذلك، نشرت شابات مصريات شهاداتهن حول سوء سلوك جنسي أدى في النهاية إلى توقيف أحمد بسام زكي، 22 عاما، وهو طالب سابق في بعض المدارس والجامعات النخبوية في مصر.

لكن الحملة تخوض معركة شاقة.

وكثيرا ما تتهم المنظمات الحقوقية المحلية والأجنبية حكومة السيسي بتقييد الحريات منذ توليه منصبه في 2014.

وكان كوميديون وأكاديميون ومدونون وصحافيون ومعارضون سياسيون ومحامون وناشطون من بين أولئك الذين سجنوا في السنوات الأخيرة.

وقالت فطافطة إن سجن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم آخر مجموعة يتم استهدافها، “لا علاقة لها بحماية القيم الاجتماعية. إنها تتعلق بمراقبة الإنترنت والتحكم فيه”.

وأضافت “مع الزيادة الهائلة في منشئي المحتوى والمؤثرين على تيك توك في مصر، فان خطر ملاحقة مزيد من هؤلاء لا يزال ماثلا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى