“إخوان الأردن” تلوح بمقاطعة الانتخابات… والحكومة ماضية من دون أن تقلقها نسب المشاركة
النشرة الدولية –
تبدو جماعة الإخوان المسلمين في الأردن اليوم أكثر براغماتية، وهي تقرر الانحناء مؤقتاً للعاصفة التي خلفّها قرار قضائي حاسم بحلها واعتبارها غير قانونية صدر منذ أسابيع، ضمن حزمة إجراءات هدفت إلى تقليم أظافرها وكان آخرها وقف عمل نقابة المعلمين لمدة سنتين واعتقال أعضاء مجلسها، حسب ما نشره موقع “اندبندنت عربية”.
ويأتي ذلك وسط تعالي الأصوات الداعية إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، ووقف العمل بقانون الدفاع الذي يُنظر إليه على أنه إعلان لحالة الطوارئ، على الرغم من حديث الحكومة عن موجة جديدة من جائحة كورونا العالمية، إذ سُجلت نحو 35 إصابة محلية جديدة خلال الساعات الـ48 الماضية.
خياران أحلاهما مرّ
وبحسب مصدر قيادي في الجماعة تحدث لـ”اندبندنت عربية”، فإن السيناريوهات التي تفكر بها جماعة الإخوان المسلمين للخروج من مأزق إلغاء 75 سنة من العمل فوق الأرض، لن تزيد على اللجوء إلى حيلة نفذها الإخوان المسلمون في الكويت قبل سنوات حينما قرروا التبرؤ من لافتة الجماعة والانتقال إلى مسمى جديد، هو الحركة الدستورية الإسلامية.
وفي ذات السياق يشير المصدر إلى أن هذا المخرج قد يشكّل خياراً صعباً قياساً بخيار آخر أقل كلفة، ويتمثل بانضواء عشرات الآلاف من عناصر الجماعة تحت لواء حزب جبهة العمل الإسلامي وهو الذراع السياسية للجماعة والمرخص قانونياً. يأتي ذلك وسط حراك إخواني داخلي أُعيد فيه انتخاب القيادة المعتدلة وأُقصي التيار المتشدد، وفُهم ذلك ضمنياً على أنه رسالة تهدئة أمام الإجراءات الحكومية العازمة على اجتثاث الجماعة.
التلويح بمقاطعة الانتخابات
لكن الأداة الأبرز التي تلوّح بها الجماعة اليوم بوجه الإجراءات الحكومية هي مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تشير تقديرات غير رسمية إلى أن نحو ربع مليون أردني على الأقل من أنصار “الجماعة” ومريديها ومن المعلمين الناقمين على قرار حل نقابتهم قد يستجيبون لدعوات المقاطعة التي بدأت تشق طريقها إلى المزاج الأردني المشحون. إلا أن تياراً متشدداً داخل “الجماعة” يصرّ حتى اللحظة على عدم التسليم بالقرارات الحكومية، وتحدي الإجراءات الأخيرة، على اعتبار أن البرلمان هو الملاذ الأخير لاستمرار الجماعة وشرعيتها. وهنا يؤكد الناطق الإعلامي باسم جماعة “الإخوان المسلمين” في الأردن معاذ الخوالدة، أن “قرار محكمة التمييز الذي يقضي باعتبار الجماعة منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية غير قطعي، وسيُعاد النظر فيه من قبل محكمة الاستئناف، مما يعني أن ثمة من يعوّل داخل الجماعة على خوض الانتخابات المقبلة وتشكيل كتلة برلمانية مزعجة للحكومة تحت قبة البرلمان”.
ومن جهة أخرى، يوضح تيار إخواني ثالث أن “الجماعة فقدت بريقها وحضورها وتأثيرها في الشارع، وأن المقاطعة ستكفيها الخسارة المدوية والمتوقعة في الانتخابات”، في وقت لمح فيه زعيم الكتلة الإخوانية في البرلمان عبد الله العكايلة إلى وجود نية لمقاطعة الانتخابات، خلال حديث صحافي، مبدياً استغرابه الشديد حيال فكرة إجراء انتخابات في البلاد في ظل استمرار العمل بقوانين الدفاع التي أُقرت في أعقاب جائحة كورونا.
في المقابل، يقول مركز “راصد” في دراسة له عن توجهات الأحزاب السياسية الأردنية للانتخابات النيابية 2020 أن “عدد الأحزاب السياسية التي تنوي المشاركة في الاستحقاق البرلماني وصل إلى 41 حزباً من أصل 48 حزباً مرخصاً، فيما لم تحسم الأحزاب السبعة المتبقية أمرها بعد.
وسبق لحزب “جبهة العمل الإسلامي”، الذراع السياسية لجماعة “الإخوان”، التحذير في بيان صحافي، من عدم المشاركة في الانتخابات في ظل “حالة تراجع الحريات العامة”، في مقابل إصرار حكومي على إجراء الانتخابات مهما كانت الظروف، وهو ما عبّر عنه رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة بالقول إن “الانتخابات ستجري ولو بنسبة 2 في المئة، وإن نسبة المشاركة غير مقلِقة”.
انتخابات صعبة
ومن المقرر أن يتجه الأردنيون في 10 نوفمبر المقبل، إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب مجلسهم التاسع عشر، بعد انتهاء ولاية المجلس الحالي، الذي انتُخب في سبتمبر (أيلول) 2016. إلا أن الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومة لمواجهة كورونا ستجعل مهمة الناخب والمرشح صعبة على حد سواء، إلى جانب دعوات المقاطعة التي تنذر بمشهد مراكز اقتراع وصناديق فارغة.
وفي المقابل يرد رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خالد كلالدة على هذه المخاوف بالقول، إن “مقاطعة الانتخابات النيابية لن تؤتي مرادها، وإن التغيير يتم عن طريق اختيار مَن يحمل مطالب المواطنين في مجلس النواب”.
وفي نفس السياق يذكر الكلالدة، أن الهيئة أقرت جملة إجراءات للتعامل مع الحالة الاستثنائية التي ستُجرى الانتخابات في ظلها، وهي جائحة كورونا، من بينها تقليص وقت الاقتراع إلى 5 دقائق وزيادة عدد الصناديق واعتماد مراكز اقتراع وفرز في مراكز الحجر الصحي.
ويذكر أن عدد الأردنيين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات المقبلة يُقدَر بنحو 4 ملايين و655 ألف ناخب وناخبة، وسط مخاوف من انخفاض نسبة المشاركة والاقتراع، حيث لم تزد هذه النسبة في انتخابات 2016 عن 36 في المئة فقط.