“المؤلفة قلوبهم” يحتلون المناصب… و”صُناع الوطن” يحلمون بالأمان ..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
صوت العرب – ميتشيغان –
تطالعنا الصحف والمواقع الالكترونية صباح مساء بتعيينات وتنفيعات للعديد من أبناء أصحاب الدولة والمعالي والسعادة دون أن نجد فيها ذكراً لأبناء الفقراء، الذين شيد آبائهم جدران الوطن وسال العرق منهم كالأنهار وكانوا سعداء بكل لبنة تعلوا في سماء الأردن، وكان فكر هذه الفئة ينحصر في حماية الوطن والذود عنه فصنعوا الأردن الحديث وتجاوزوا كل التحديات والصعاب، وحين حان وقت توزيع الجوائز والمناصب والغنائم تم تغيبهم حتى عن جوائز الترضية، ورغم ذلك ظل هؤلاء سعداء بأمان الوطن وأمنه، فهؤلاء يحلمون بوطن المحبة فيما غيرهم من متنفذين ومؤلفة قلوبهم يسعون جاهدين للحصول على جميع مكتسبات الوطن .
لنجد أننا في الأردن نعيش أجواء الماضي لحظة توزيع الغنائم، فمن قاتلوا ودفعوا أرواحهم وما يملكون من اجل الأوطان كانوا يحظون بارتقاء مناصبهم في تصنيف العبودية كما حصل في أوروبا في العصور الوسطى وخلال الحملات الصليبية، وكما حصل في توزيع الغنائم على المؤلفة قلوبهم من زعماء مكة عقب معركة حنين حين حصلوا على الإبل والغنائم، وعاد الأنصار برسول الله خير من سكن الأرض.
هذا هو حال الصابرين الذين يُعلون البنيان، فأنصار الحبيب إرتضوا برسول الله، ونحن اليوم نقتدي بصاحبة الرسول، ونقول رضينا بنصرة الوطن وسنسلك طريق حمايته حتى يبقى عزيزاً وليذهب المؤلفة قلوبهم من رؤساء وزراء ووزراء ونواب وأعيان وكبار رجال الدولة، ليذهبوا بالمناصب والمال الذي أنفق عليهم لشراء ذممهم وإسكانهم عن قول الحق ولتفادي شرورهم بعد أن صنعت لهم المناصب التي لا يستحقونها هيبة وقوة ، فيما أبناء الحراثين الذين حموا البلاد والعباد يعودون بعد رحلة الشقاء والعناء والبناء بالوطن الذي هو همهم الأوحد وسلعتهم التي لن تبور.
نعم، هذا غريب في وطني فالسفراء من أبناء الصفوة، فيما الوزارات تحولت إلى ميراث لا تخرج عن العائلة المبجلة وكذلك منصب الرئيس، وإن لم يجد العديد من المؤلفة قلوبهم مناصب كبرى في الحكومة فإن الدولة الحنونة تُصَنِعُ لهم المناصب المناسبة حتى يظلوا يحبون الوطن، كون الوطن عندهم منصب ومال حلال لهم ومحرم على غيرهم، عدا ذلك ينتقلون إلى صفوف المعارضة التي يساهمون في انشائها ليلعبوا دور رجل الظل أو الرجل المختبيء في الغابة.
وفي مجلس النواب وانتخاباته نجد أن الفئة المثقفة القادرة على إيجاد الحلول لا تخوض هذا السباق الذي يحتاج للغة النفاق والكذب اللتين لا يجيدونهما، لذا نجدهم لا يترشحون بل ينتخبون، ومعهم نكرات المجتمع الذين لا يملكون شيئا ويتسابقون صوب لقمة العيش المغموسة بالعرق والدم وتزينها الأخلاق لا الرذيلة، هؤلاء يمثلون الأغلبية الصامتة كونهم ليسوا خبراء باللغة وأسرارها ويتمسكون باللهجة والفلكلور كما أن من يصنعون القيم والثقافة يتوارون وراء متاعب الحياة، ليعتقد القافزون على مناصب الدولة أن هؤلاء ليسوا كائنات بشرية وإنما مصادر بشرية، نعم فهؤلاء عند المؤلفة قلوبهم ليس لديهم وجوه بل أذرع فلا يظهروا في كتب التاريخ، بل في دفاتر الحكومة، وينظر إليهم المؤلفة قلوبهم على أنهم ليسوا بقيمة الرصاصة التي تقتلهم، نعم هؤلاء هم الغالبية الصامتة التي يثملون تعباً وعشقاً للوطن وحلمهم الخلاص من البؤس والشقاء والعناء، والمؤلم أنهم في حسابات من تسلقوا أسوار الوطن مجرد أرقام وليس أكثر من ذلك.
وهنا نتساءل ألم يحن الوقت للخلاص من الدولة العميقة في الوطن والتي تُسيّر الأمور كما تُريد وتعين من تشاء، ليكونوا عونا لها في قادم الأيام حين يتولون المناصب الحكومية الكبرى فيقومون بتوزيع غنائم الوطن على من صنعوهم، لنجد أن رجال الدولة الوارثين المناصب وأصحاب رأس المال قد تزاوجوا ليصنعوا الفساد المشهود، تاركين البطالة والفقر والعوز لبقية أبناء الوطن حيث يعيش عدد منهم تحت خط الفقر، رغم ان الكثير منهم يملكون من الفكر والمعرفة والمؤهلات ما يفوق جيش كامل من المؤلفة قلوبهم وأبنائهم، ليشعر المُبعدون أن حصتهم من الوطن شمس تشرق وتغيب وحلم يجول في الخاطر ويزول، ليبقى الأمل في المستقبل هو دافعهم الأخير للبقاء على قيد الحياة.