تداعيات جائحة «كورونا» تفرض تحولات مهنية غير مسبوقة في سوق الوظائف الخليجية وتؤدي لانخفاض كبير في الرواتب بنسبة 24%
النشرة الدولية –
اضطر الكثير من المهنيين في منطقة الخليج إلى تغيير وظائفهم وخطهم المهني نتيجة الانخفاض الشديد في حركة التوظيف بسبب جائحة كوفيد-19، حسب ما وجدت أحدث دراسة سوقية قامت بها شركة جلف تالنت المتخصصة في أنشطة التوظيف في الشرق الأوسط.
وقارنت الدراسة الاتجاهات الجديدة في دعوات المقابلات التي يتلقاها الباحثون عن فرص العمل على الموقع الإلكتروني GulfTalent.com خلال فترة الأشهر الـ 9 من مارس إلى نوفمبر 2020، مقارنة بالفترة نفسها من 2019.
ووجدت الدراسة أن متوسط عدد دعوات المقابلات المهنية لكل باحث عن عمل قد انخفض بما يقرب من 50% في عدد من القطاعات السوقية.
كان الانخفاض في حركة التوظيف الأكثر حدة من بين فئات الوظائف جليا بالنسبة للمدرسين والعاملين في توريد المأكولات، حيث انخفض عدد دعوات المقابلات الخاصة بهم بنسبة 48% و35% على التوالي.
وشهدت معظم المهن الأخرى انخفاضا معتدلا في الطلب، بما في ذلك المهندسون والمحامون، يليهم متخصصو التسويق وتكنولوجيا المعلومات والتمويل والموارد البشرية.
وفي الوقت نفسه، شهدت مجموعة من المهن زيادة في الطلب على التوظيف خلال الجائحة، لاسيما الطاقم الطبي الذي تمتع بزيادة 19% في الطلب، يليهم العاملون المتخصصون في الخدمات اللوجستية بنسبة 12%، وذلك بفضل النمو السريع لحركة التسوق عبر الإنترنت.
كما شهد قطاع المبيعات تأثرا متباينا، حيث ارتفع الطلب على العاملين في المبيعات عبر الهاتف بسبب القيود التي فرضت على التنقل والاجتماعات المباشرة.
ومن بين القطاعات الاقتصادية، كان أكبر انخفاض في حركة التوظيف في قطاعات التعليم والطيران والضيافة. وكانت كانت الرعاية الصحية والخدمات اللوجستية القطاعين الوحيدين في زيادة أنشطة التوظيف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
بالنسبة لنتائج الدراسة حسب التحليل الجغرافي، فقد شهد المهنيون في منطقة الخليج تأثرا أقل بالجائحة العالمية.
فقد انخفضت دعوات المقابلات للمرشحين المقيمين في الإمارات والسعودية بنسبة 14% و3% على التوالي، بينما زادت المقابلات في قطر بنسبة 17%، حيث لم يعد أصحاب الأعمال في وضع يمكنهم من ملء الوظائف الشاغرة بكوادر جديدة تأتي من خارج المنطقة.
وعلى النقيض من ذلك، عانى المرشحون الذين يبحثون عن فرص عمل في الخليج والمقيمون في الهند وباكستان من انخفاض في الطلب بنسبة 46% و41% على التوالي، حيث تسببت عمليات إلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود إلى توقف التوظيف من خارج المنطقة.
وحدث تباطؤ مماثل في حركة التوظيف من مصر ولبنان، وهما من الدول العربية التي تعتبر مناطق مشتركة لاستقدام القوى العاملة بالنسبة لأرباب العمل في الخليج.
كما أدت تداعيات الجائحة إلى انخفاض كبير في مستوى الرواتب، حيث تحول ميزان العرض والطلب لصالح أرباب العمل.
ويكشف تحليل الوظائف الشاغرة المنشورة على موقع جلف تالنت دوت كوم خلال الأشهر التسعة منذ ظهور كوفيد-19 عن انخفاض بنسبة 24% في الرواتب المعلن عنها، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكان انخفاض الرواتب أكبر بالنسبة للمهن الأكثر تضررا من الجائحة، مثل المعلمين والطهاة، بينما شهدت الوظائف الأقل تأثرا انخفاضا أقل في معدلات الرواتب أو عدم انخفاضها.
أدى الضغط الاقتصادي الهائل الذي نجم عن الجائحة إلى فقدان الوظائف وتخفيض مستوى الرواتب وتأخير تسليمها، إضافة إلى الركود الوظيفي للكثير من الوافدين في دول الخليج.
وفي حين اضطر الكثيرون إلى مغادرة المنطقة نتيجة لذلك، سعى البعض للاحتفاظ بإقاماتهم ومدخراتهم من خلال التحول إلى وظائف بديلة في المنطقة، حسب نتائج دراسة جلف تالنت.
ورأت الدراسة أن أفراد طواقم الطائرات على سبيل المثال الذين فقدوا وظائفهم انتقلوا إلى وظائف في مجال الوساطة العقارية.
كما انتقل معلمون واجهوا خطر فقدان الوظائف أو أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر إلى وظائف إدارية وفي مجال السكرتارية وكانت تلك وظائف شائعة لهذه الشريحة. وفي الوقت نفسه، تم تسريح الكثير من العاملين في مجال المطاعم وانتقلوا للعمل في وظائف في مجال خدمة العملاء.
كما أجبرت الجائحة الكثيرين على العمل الحر من منازلهم أو فتح بعض المشاريع.
وقال بعض المعلمين إنهم ولأول مرة في حياتهم قاموا بتعليم الطلاب من منازلهم من خلال تقنية «زووم» للتعلم عن بعد، بينما قام البعض من خلفيات مختلفة – الذين يتزايد عددهم بشكل مستمر – بإنشاء متاجر إلكترونية لبيع بضائعهم.
جدير بالذكر أن دراسة جلف تالنت استندت إلى تحليل حركة التوظيف لعامي 2019 و2020، التي شملت 6 ملايين طلب عمل مقدم من الباحثين عن فرص التوظيف، و350 ألف دعوة مقابلة صادرة عن أصحاب الأعمال، ومقابلات استقصائية مع عينة من المرشحين.