توقف الغاز الإيراني يزيد ساعات قطع الكهرباء عن العراقيين

النشرة الدولية –

لم تكن بداية الشتاء الحالي إلا رسالة صريحة بأن صيفهم المقبل سيكون حاراً وتنعدم فيه الكهرباء الوطنية بشكل كبير، وربما يشهد تظاهرات كبرى مع الموعد المحدد للانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل الذي يمثل بداية ذروة الفصل الناري في دورة حياة العراقيين.

فمع أول موجة برد شهدتها البلاد، تراجع تجهيز الطاقة الكهربائية بشكل مفاجئ ليصل في اليوم الواحد الى أكثر من 16 ساعة.

لكن اللافت في هذا الفصل أن وزارة الكهرباء أعلنت فقدان 6000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية نتيجة إيقاف إيران إمداد العراق بالغاز، ما أدى الى توقف محطات القدس الحرارية والصدر الغازية وبسماية في بغداد والمنصورية في محافظة ديالى، بالتزامن مع قيام الوزارة بصيانة عدد آخر من المحطات، الأمر الذي تسبب في تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية إلى مستويات غير معهودة منذ سنوات عدة.

الوزارة بررت الموضوع بانخفاض درجات الحرارة في إيران وحاجتها إلى كمية كبيرة للاستهلاك الداخلي، وتجمّد أنابيب الغاز.

ويبدو أن لجنة الطاقة في مجلس النواب العراقي كان لها رأي آخر يتعلق بأزمة البلاد الاقتصادية، عازية سبب قطع الغاز الإيراني إلى عدم تسديد وزارة النفط مستحقات الجانب الإيراني على مدى عام كامل. ويقول عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي أمجد العقابي إن البلد ينفق سنوياً أكثر من 2.2 مليار دولار من استيراد الغاز من إيران، معتبراً أن الحل الأفضل هو استثمار حقلَي عكاز والمنصورية الغازيين في محافظتي الأنبار وديالى.

ويضيف، “هناك سوء إدارة أدى إلى عدم استثمار حقول الغاز العراقية العملاقة، لا سيما المنصورية وعكاز اللذين تصل نقاوة الغاز فيهما إلى 97 في المئة، بينما الغاز الإيراني نسبة الشوائب فيه عالية ما يضطر الفنيين إلى تنظيف الفلاتر الخاصة بالمحطات الكهربائية أسبوعياً”، ويبيّن العقابي ان الجانب الإيراني يحتاج إلى الغاز في فصل الشتاء.

ومن المستبعد أن يقوم العراق باستيراد الغاز من دول الجوار، بخاصة السعودية لكونه بحاجة إلى مد أنابيب معها، الأمر الذي يستلزم وقتاً ومالاً، بحسب العقابي الذي أكد أن استثمار حقول الغاز تكون أفضل لأنها تحقق الفائدة الكبرى وتشغّل الأيدي العاملة.

وتنعدم الحلول حالياً لسدّ نقص الغاز الإيراني لتجهيز محطات الكهرباء وبالإمكان البدء بتنويع مصادر المادة الحيوية المستوردة، خصوصاً من قبل دول الجوار قبيل الانتهاء من استثمار الحقول الغازية العراقية بحسب متخصصين في الشأن النفطي.

ويدعو الخبير كوفند شيرواني إلى أن تبحث بغداد عن شركاء آخرين لا محاذير دولية حولهم لإمداد البلاد بالغاز، مشدداً على ضرورة الاستفادة من العرض السعودي. ويضيف، “العراق يستورد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران لسدّ النقص الذي يواجهه، بالتزامن مع وجود طلب عالمي على المحروقات في فصل الشتاء، لا سيما الغاز”. ويوضح أن البدائل الأخرى تتمثل في استثمار فرصة العرض السعودي بتجهيزه بالكهرباء عن طريق الربط الخليجي، الذي تصل كلفته إلى ثلث سعر ما يستورده حالياً من إيران، والعرض الأخير أجهض من قبل بعض الأطراف المقربة من طهران.

وتقترب الموافقة الأميركية على استثناء العراق من العقوبات على جارته لاستيراد الغاز منها، والبالغة مدتها 45 يوماً، من الانتهاء، ولهذا فإن من الصعب استيراد الغاز مجدداً من الرياض بحسب شيرواني الذي أشار إلى ضرورة البحث عن بدائل تتمثل في تطوير الحقول الغازية واستثمار الغاز المصاحب، مضيفاً في الوقت ذاته أن إقليم كردستان لديه عدد من حقول الغاز تجهّز المحطة الكهربائية في السليمانية وأربيل، وسيكون هناك فائض يمكن أن تجهّز من خلاله المحطات الكهربائية في العراق.

وتتطلب الحلول المتوقعة لسدّ حاجة الغاز العراقي إلى فترة زمنية قد تصل إلى ثلاث سنوات إذا ما سارت الأمور بشكل إيجابي في البلاد. ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري إنه بعد إكمال كل المشاريع المستثمرة للغاز لن نحتاج إلى استيراده من أي دولة، مردفاً أن الدولة العميقة تحاول عرقلة هذه المشاريع بغية استمرار الاستيراد من إيران.

ويمكن أن توفّر السعودية للعراق كمية من الغاز المصاحب في الحقول النفطية، ربما تعوّض ما يُستورد من طهران بحسب الجواهري الذي يرجح أن يبقى العراق بحاجة للغاز كونه مقبلاً على التنمية المستدامة وهو لا يستطيع الاستغناء عن الاستيراد حتى لو اكتملت كل مشاريع عمليات استثمار الغاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button