“إينرجين باور” تتمركز في المتوسط وتنتج الغاز خلال 3 أشهر

تبلغ سعة حمولة السفينة 92 ألفاً و680 طناً وقادرة على استخراج 18 ألف برميل يومياً من النفط الخام مع قدرة تخزينية تقارب المليون

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –  سوسن مهنا –

منذ أن حطت الباخرة “إنيرجين باور”، في حقل كاريش للغاز الطبيعي، في منطقة متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، 3 يونيو (حزيران) الحالي، أثارت ردود فعل محلية مستنكرة معتبرةً أن هذا العمل هو من قبيل التعدي على الحدود البحرية اللبنانية. ورأت السلطات اللبنانية أن هذا العمل قد يؤثر في استكمال المفاوضات البحرية مع إسرائيل، ويدفع لخطر الصدام البحري. وجرى تداول معلومات مغلوطة بدايةً، وأن الباخرة تحمل الجنسية اليونانية، لكن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب سرعان ما أوضح أن “وزارة الخارجية اليونانية استدعت القائمة بالأعمال اللبنانية في أثينا، وأبلغتها أن سفينة الاستخراج في المتوسط ليست ملكاً للحكومة اليونانية”. وكانت الخارجية اللبنانية قد تبلغت بوجود “بحارة يونانيين على متن السفينة التي استقدمتها تل أبيب إلى حقل كاريش”، و”أن السفينة ملك لشركة خاصة، ولا علاقة للحكومة بها، على الرغم من وجود بحارة يونانيين فيها”.

ويعد المفاوضون اللبنانيون أن شمالي الخط الحدودي، رقم 29، حدوداً لبنانية، ويقع جزء من حقل “كاريش” ضمن هذه الحدود. وكان الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، حذر إسرائيل وقال، إن “المقاومة قادرة على منع العدو من استخراج النفط والغاز من كاريش وكل إجراءاته لن تستطيع حماية السفينة اليونانية أو عملية التنقيب”. وطالب بوقف استخراج الغاز من كاريش، مشيراً إلى أن “كل الخيارات مطروحة”. مضيفاً أن “على الشركات المالكة لسفينة التنقيب في كاريش أن تسحبها سريعاً، وعليها تحمل مسؤولية ما سيلحق بها من أضرار مادية وبشرية”.

هذه التهديدات استدعت احتجاج اليونان ما دفعها إلى استدعاء القائمة بالأعمال اللبنانية، بحسب الإعلام اللبناني. وكشفت تقارير إعلامية ومواقع متخصصة، عن انتقال باخرة الحفر “Stena Icemax” ، وتمركزها بالقرب من الباخرة  “Energean Power” في نقطة تقع فوق حقل كاريش من الجهة الشمالية.

“إنيرجين باور”

هي وحدة بحرية لإنتاج الغاز ومعالجته، وتخزين المكثفات، تابعة لشركة “إنيرجين العالمية”. بحسب منصة “الطاقة” الإعلامية ومركزها واشنطن. ووصلت السفينة بعد مرورها من قناة السويس، ترافقها قطع من الأسطول الحربي الإسرائيلي. ورست في عرض البحر المتوسط. يبلغ طولها 227 متراً، وعرضها 59 متراً، وتبلغ سعة حمولتها 92 ألفاً و680 طناً، ويصل ارتفاعها من سطح الماء 69.5 متراً. وبدأ تثبيت موقعها وإرساء سفينتين بجوارها، إحداهما لإطفاء الحرائق والأخرى لنقل الطواقم والعاملين، بهدف بدء إنتاج الغاز خلال 3 أشهر. انطلقت من سنغافورة، لتعبر بعدها قناة السويس في تجربة عبور فريدة. إذ استلزم عبورها ترتيبات وتدابير ملاحية معقدة على مدار أيام، نظراً لحمولتها الكلية ولارتفاعها عن سطح البحر.

“إنيرجين باور” قادرة على استخراج 18 ألف برميل يومياً من النفط الخام، مع قدرة تخزينية تقارب المليون برميل يومياً من النفط الخام. ومزودة بأحدث التقنيات، بعد أن استغرق بناؤها في سنغافورة أكثر من عام، بكلفة تخطت 500 مليون دولار أميركي. تولى توجيهها فريق من كبار مرشدي هيئة قناة السويس، لتصل بنجاح إلى حقل كاريش، بقيادة أربع قاطرات. ووفق المعلومات فقد صنعت خصيصاً لاستخراج الغاز من حقل كاريش، والوحدة الكبرى التي عبرت قناة السويس مقطورة بغاطس يتجاوز 18.5 متراً. وتعتمد الوحدة على القطر فقط لتوجيهها وتحريكها، ما تطلب مراعاة الدقة في التوجيه بالقاطرات ودراسة حركة واتجاه التيارات الهوائية والمائية، للحفاظ على تمركزها في منتصف القناة خلال رحلتها.

مشوار السفينة “إنيرجين باور”

وبسبب اللغط الذي حصل عند وصول الباخرة، سرت معلومات عن أن الشركة إسرائيلية، تعرف نفسها بأنها شركة مستقلة ومقر عملها الرئيس لندن، وتركز على تطوير الموارد في البحر الأبيض المتوسط.

في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، تعاقدت شركة “إنيرجين العالمية” مع شركة “كوسكو” الصينية لصناعة السفينة “إنيرجين باور” لتخزين وتصدير الهيدروكربون، تحت إشراف شركة  “Technip FMC”، وتمت صناعة الجوانب العليا من الوحدة وتجميعها في حوض سمبكورب أدميراليتي في سنغافورة. وكلفت السلطات الإسرائيلية شركة صينية-سنغافورية منذ عام 2009 العمل عليها، بالتزامن مع بدء التنقيب في آبار حقل كاريش. وكان من المتوقع سابقاً، أن ينتهي العمل في هيكل السفينة، أواخر عام 2019. ومع ذلك، تم تأجيل موعد الإبحار حتى نهاية مارس (آذار) 2020.

وبسبب انتشار جائحة “كوفيد-19” في فبراير (شباط) من الصين، تم تأجيل موعد التسليم للمرة الثالثة إلى عام 2021، إلى أن عبرت السفينة إلى سنغافورة، حيث أضيفت لها الجوانب العلوية، وتم الإعلان عن افتتاحها رسمياً، لتبدأ رحلتها إلى إسرائيل، عبر قناة السويس. ومن المقرر أن تقوم السفينة، بإنتاج ومعالجة الغاز في حقل كاريش، بقدرة تصل إلى 775 مليون قدم مكعب يومياً، وقدرة لتخزين السوائل تصل إلى 800 ألف برميل.

الغاز الطبيعي في إسرائيل

منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، وهي تعتمد على واردات الطاقة من بلدان أخرى بشكل عام. على سبيل المثال عام 2013، أنتجت إسرائيل 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، واستوردت 720 مليون متر مكعب في عام 2011. وتاريخياً، استوردت إسرائيل الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب العريش- عسقلان من مصر، التي تعد ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في شمال أفريقيا. عام 2005، وقعت مصر صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار لتزويد إسرائيل بحوالى 57 مليار قدم مكعب من الغاز سنوياً لمدة خمسة عشر عاماً. بموجب هذا الاتفاق، توفر مصر 40 في المئة من الطلب على الغاز الطبيعي في إسرائيل. وتسيطر شركة الكهرباء الإسرائيلية (IEC)  على أكثر من 95 في المئة من قطاع الكهرباء فيها، وتتحكم في إنتاج وتوزيع ونقل الكهرباء. ولدى الشركة قانون توزيع الغاز الطبيعي الذي ينظم توزيع الغاز الطبيعي في إسرائيل لتمكين المنافسة في السوق. وكانت اكتشافات حقل غاز “تمار” عام 2009 وحقل “ليفياثان” للغاز عام 2010 وهو أكبر حقل غاز طبيعي بحري في البحر المتوسط. ويقع على مسافة 150 كم شمال دمياط المصرية في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس البحري، في ما يفترض أنه المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر. وتقوم شركة “نوبل إنرجي” بتطوير الحقل لصالح إسرائيل، ويقع الحقل على بعد 200 كم غرب حيفا على عمق 1500 متر في جبل إراتوستينس، وتعد هذه المنطقة الغنية بالهيدروكربونات، من أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي. وبدأت إسرائيل عام 2013، الإنتاج التجاري للغاز الطبيعي من حقل تمار.

عام 2014، كان إنتاج إسرائيل أكثر من 7.5 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وكانت صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الأراضي الفلسطينية فقط. وفي 2016 كانت إسرائيل تمتلك 199 بليون متر مكعب من الاحتياطيات المثبتة من الغاز الطبيعي.

البنى التحتية لحقل كاريش

تعمل إسرائيل بشكل متسارع على إنجاز البنية التحتية الضرورية، لتهيئة حقل كاريش الواقع في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، لتكون جاهزة لبدء استخراج الغاز وتصديره. وبينما كان المسؤولون اللبنانيون، يتجادلون جدلاً بيزنطياً حول أي بئر يجب بدء التنقيب منها، استثمرت السلطات الإسرائيلية الوقت لإتمام البنية التحتية لاستخراج الغاز من كاريش، بالموازة مع استخراجه من حقول ليفياثان وتامار وتانين.

تقول شركة “إنيرجين العالمية” إنها اتخذت قراراً استثمارياً نهائياً لمشروع التطوير في مارس 2018. وسيكون حقل كاريش الرئيس أول أصل تقوم المجموعة بتطويره في منطقتي كاريش وتانين. وتم اختيار كاريش على أنه التطوير الأولي لأنه أكبر اكتشاف، ومن المتوقع أن يوفر أعلى عائد من الغاز السائل لكل حجم من الغاز المنتج، وهو أقرب اكتشاف للشاطئ. اكتشف حقل كاريش عام 2013، وانطلقت الأعمال فيه فعلياً عام 2017، ويبلغ عمقه 2 كيلومتر، ويوجد 29 بئراً شماله، و3 آبار جنوبه. وتمركزت “إنيرجين باور” على بعد 4 كلم من الآبار المنتشرة في الحقل، الذي يقع على بعد 4 كيلومترات فقط من حدود المياه الإقليمية اللبنانية، ويبعد 75 كيلومتراً من مدينة حيفا. وتبلغ مساحة حقل كاريش المتنازع عليه، 150 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ احتياطيات الغاز المتوقعة فيه، بين تريليون ونصف وتريليوني متر مكعب، ونحو 12.7 مليون برميل من المكثفات، وبحسب مواقع متخصصة تمتد فيه شبكة من الأنابيب المتشعبة، لنقل الغاز وتصديره. وتتميز الأنابيب المصنعة بقدرتها على تحمل ضغط الغاز والماء معاً، وتتضمن 14 خط ربط، تنقسم بين قطاع أعلى السلسلة، وحبل من البوليستر في المنتصف، وقسم أسفل السلسلة سيتم ربطه بمرساة الشفط، وتتألف خطوط الربط من 512 حبل مرتبة في حزم 2×4 و2×3 على عمق 1750 متراً تحت سطح الماء. وستسهم خطوط الربط، بأعمال شفط الغاز وتحويله إلى المنصة العائمة “إنيرجين باور”، التي ستتولى تجميع الإنتاج من الآبار بمعدل 800 مليون قدم مكعب يومياً، قبل أن يتم نقله إلى مصر أو إلى حيفا لإعادة تصنيعه، لاستخدامه في الأسواق المحلية، أو في الخارج، حيث تسعى تل أبيب لتصديره إلى أوروبا، في ظل أزمة الغاز العالمية التي تعاني منها الدول الأوروبية بشكل خاص، نتيجة الحرب الأوكرانية.

وكانت شركة إنيرجين الإسرائيلية، فرع “إنيرجين العالمية”، وهي المشغل الرئيس لحقلي كاريش وتنين البحريين، قامت بحفر ثلاثة آبار، واستخدام وحدة طافية لتخزين وتفريغ النفط على بعد 90 كم تقريباً من الساحل، وأكملت بنجاح حفر ثلاثة آبار في حقل كاريش، وتتوقع أن يتم سحب 800 مليون متر مكعب يومياً، كما تم شحن خط أنابيب مبيعات غاز كاريش من اليونان إلى ميناء ليماسول في قبرص، ومنها إلى حقل كاريش.

 

زر الذهاب إلى الأعلى