الحوثيون ونقل تجربة الدولة الإمامية.. الفكر والممارسات
بقلم: حمدي السامعي | اليمن

في إحدى المرات نصحني صديق -أعرفه قارئ نَهم- بقراءة كتاب الزهر والحجر، فعملت بنصيحته ووجدت في هذا الكتاب ما لم أجده في غيره. وقلت في نفسي إن قَرأ هذا الكتاب شخص واحد على الاقل في كل أسرة يمنية فسوف تتشكل جبهة توعوية كبيرة لمواجهة لعنة السلالة التي ابتلى بها المجتمع اليمني.

ولذلك سأستعرض هنا بعضاً من زهور المحارب الجمهوري لخرافات السلالة والسلاليين عادل الأحمدي، تلك الزهور التي زرعها بكل صدق وإخلاص في كتابه هذا.

لقد بلغت جرائم مليشيات الحوثي بحق اليمنيين مبلغاً عظيماً، انتهكوا الحرمات، وسفكوا الدماء، ومزقوا النسيج الاجتماعي. بل وأخطر من ذلك الإرهاب الفكري الذي تمارسه هذه الجماعة من خلال التعبئة العامة بالافكار الطائفية وتمجيد السلالة وتقسيم المجتمع على أساس طبقي عنصري.

القارئ لتاريخ جماعة الحوثي سيجده تاريخا دمويا مليئا بالدم والحروب والظلم والقمع وقائما على السلب والنهب واللصوصية.

جرت العادة عبر التاريخ أنه وبمجرد دخول الإماميين صنعاء تحدث عمليات السلب والتدمير. ونحن نشاهد اليوم قيام الأئمة الجدد بانقلابهم المشؤوم على الدولة اليمنية ندرك انه استنساخ للممارسات التي ربت عليها الجماعة الحوثية منذ نشأتها. فتاريخ التصفيات في دولة الإمامة الكهنوتية بدأ بتصفية القبائل المناوئة لهم. مثل ما يمارسه الحوثيون اليوم من اغتيالات وتصفيات واعتقالات لكل من وقف ضد مشروعهم الطائفي.

يذكر الكاتب أن التصفيات شملت القبائل المناصرة أيضا. والنسخة الحديثة لهذه الممارسات الإجرامية لاحظناها في أحداث الصراع البيني بين قيادات المليشيات الحوثية الحاكمة في صنعاء.

الدكتور المتوكل والخيواني وجدبان وشرف الدين وحسن زيد.. كانوا ضمن مسلسل هذه التصفيات التي حدثت داخل أجنحة الحركة الحوثية.

في تلك الأيام طلب الحوثيون من الرئيس هادي إغلاق ملف القضية في التحقيق بمقتل الأخيرين، وهذا ما يثبت تاريخ الصراع الداخلي لهذه الجماعة “الصراع على العرش”.

في العام 2020 قُتل ما يقارب 38 قياديا من القيادات الميدانية والمشائخ الموالين والسياسيين بسبب الصراع البيني داخل الجماعة.

موقع “سبتمبر نت” نشر إحصائية أشار فيها الى 8 وقائع من التصفيات البينية شهدها مطلع العام 2020 وتحديداً شهر يناير.

حدثت هذه التصفيات بين الأجنحة المتصارعة وراء السلطة والنفوذ والمال، عقبها الكثير من التصفيات كان آخرها إغتيال حسن زيد بعد قدوم (السفير الإيراني) حسن ايرلو الى صنعاء.

تسعى هذه الجماعة لإسقاط الهوية الحضارية للشعب اليمني لكي تحافظ على هويتها المذهبية وتحفظ حقها المكذوب في العرش.

يذكر الكاتب أن حسين بدر الدين الحوثي سخِر من الأعمدة الموجودة في مأرب ورأى ان محاولة قراءة اليمنيين لتاريخ حضارتهم القديمة إنما هو مزلق لإثبات أحقية اليهود في ملك اليمن!! حد زعمه.

ذهبت جماعة الحوثي لتغيير أسماء بعض المعالم التي ارتبطت أسماؤها في ذاكرة اليمنيين بثورة سبتمبر المجيدة التي أسقطت دولة الإمامة وأرست النظام الجمهوري.

مدرسة الشهيد علي عبدالمغني في العاصمة صنعاء، المدرسة التي تحمل اسم مؤسس تنظيم الضباط الأحرار، غيرت المليشيا اسمها، وسبق وأن غيّرت اسماء مدراس أخرى في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها في توجه طائفي تسعى من خلاله العمل على تجريف الهوية اليمنية.

في الجانب الاقتصادي يصف الكاتب الدولة الإمامية  “بدولة قحطية، فلا هي ترعى وطنا وتبنيه ولا هي تتركه في حال سبيله” ويصف الإماميين بأنهم “عقليات ضحلة يتفننون فقط بمزاحمة الناس حتى على البيض والبسباس والحطب”.

يستنفر الحوثيون كل قواهم ليجمعوا أكبر قدر ممكن من الأموال تحت مسميات مختلفة، الزكاة،  الواجبات، حق يوم الشهيد، وحق يوم المولد النبوي، والخُمُس والمجهود الحربي وغيرها من المسميات.

تذهب هذه الأموال كلها لأرصدة السلاليين الكبار.

وهكذا تبقى دولة المليشيات دولة قحطية تزاحم المواطن حتى في قوت يومه.

في العام 2006 خرج كتاب الزهر والحجر الى النور وقد أورد كل هذه الخصائص التي تميزت بها الدولة الإمامية وحذر منها قائلا “من المهم ألا يغدو الحديث عن الإمامة نوعا من العزف المثقوب.. وأشار إلى أنّ الأجدر بنا ألا تتحول هذه المعزوفة إلى جلد للذات، خصوصا عند معرفتنا أن تاريخ اليمنيين طيلة الدويلات الإمامية لم يكن إلا سلسلة من محاولات الانعتاق”.

الإمامة مشروع استيلاء وبَسْط ونفوذ لا مشروع حكم. ودولة بهذه الخصائص لا تستمر  مهما كان مخطط بقائها ومهما كان خصومها ضعفاء متناحرين.

ونحن نشاهد اليوم بأم اعيننا ممارسات جماعة الحوثي بحق الشعب اليمني يجب علينا أن نقاوم هذا الفكر الطائفي الدخيل على مجتمعنا وندمر مخططاته بنشر الوعي وفضح مؤامراته حفاظاً على هويتنا وقيمنا وجمهوريتنا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى