السفارة الأميركية في القدس تحذفُ تعديلاً “مفاجئاً” لوصف السفير قُبيل تركه لمنصبه!
أزالت سفارة أميركا في القدس تعديلات كانت قد أدخلتها على تعريف حساب السفير الأميركي لدى إسرائيل، مساء الأربعاء 20 كانون الثاني 2021، بموقع “تويتر”، بعد وقت قصير من تغييره ليشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.
فبعد نحو ساعتين من تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، شهد حساب السفير تغيراً مفاجئاً، ليصبح “سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل والضفة الغربية وغزة”.
لكن بعد دقائق معدودة تمت إعادة اسم الحساب إلى ما كان عليه قبل التغيير “سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل”.
عقب الجدل الذي حدث بسبب تعريف السفير، قالت السفارة في تنويه للصحفيين، وصلت إلى الأناضول نسخة منه: “تم تعديل لقب السفير على موقع تويتر ليصبح سفير أميركا لدى إسرائيل، التعديل السابق غير مقصود ولا يعكس تغيّراً في السياسة”.
ولم تفصح السفارة عن ملابسات ما حدث ودوافع تغيير مسمى السفير والتراجع عن ذلك لاحقاً.
إلا أن مصادر فلسطينية قالت لــ”الأناضول”، إنها تعتقد أن السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، هو من يقف وراء الخطوة.
كما أضافت المصادر التي فضَّلت عدم ذكر اسمها، أن فريدمان أقدم على هذه الخطوة؛ في محاولة منه لعرقلة إمكانية إقدام الإدارة الأمريكية الجديدة على إعادة افتتاح قنصلية خاصة بالفلسطينيين في القدس الشرقية.
فيما أنهى ديفيد فريدمان مهام عمله سفيراً لواشنطن لدى إسرائيل، الأربعاء، دون أن تسمي الإدارة الأمريكية سفيراً جديداً حتى اللحظة.
في المقابل يأمل الفلسطينيون تراجع إدارة بايدن عن خطوة دمج القنصلية الأمريكية الخاصة بالفلسطينيين في القدس الشرقية مع السفارة الأمريكية بالمدينة.
كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قد أغلق القنصلية الأميركية بالقدس الشرقية التي كانت تخدم الفلسطينيين فقط، ودمجها مع السفارة الأميركية.
في حين يقول الفلسطينيون، إن خطوة ترمب جاءت لإجبارهم على قضاء معاملاتهم المطلوبة من السفارة الأميركية بالقدس، كنوع من الاعتراف الأمريكي بالمدينة كعاصمة لإسرائيل.
يُذكر أنه في أيار 2018، نقل ترامب سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، تنفيذاً لقرار كان اتخذه في 6 كانون الأول 2017، باعتبار القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة مزعومة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال.
ونعد خطوة كهذه تحمل رمزية كبيرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية وفلسطين والاحتلال، ولعل حصولها بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن منحهاً بعداً سياسياً، إذ ربطها البعض بالسياسة التي تنوي الإدارة الأميركية اتباعها في مقاربتها للقضية الفلسطينية، بعد 4 سنوات اتسمت بالتحيّز الشديد للاحتلال بلغ حد الاعتراف بالقدس عاصمة له ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
في تقرير له، لفت موقع “Free Beacon” المحافظ، إلى أنّ إضافة الضفة الغربية وقطاع غزة إلى التعريف يأتي بعد عقود تفادت خلال الولايات المتحدة اتخاذ موقف من “هذه الأراضي”، نظراً إلى محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بحسب ما كتب.
وتابع الموقع قائلاً إنّ هذا التعديل “أثار غضباً” في أوساط المشرّعين الجمهوريين قبل أن يعاد اعتماد التعريف الأساسي، مشيراً إلى أنّ وزارة الخارجية رفضت التعليق على التعديل وعلى سبب العودة إلى اعتماد التعريف الأساسي. وقال الموقع إنّ مسؤولين في السفارة قدّروا أن يكون موقع “تويتر” قد أجرى التعديل عن غير قصد نتيجة “خلل تقني تزامناً مع نقل الحسابات من إدارة ترامب إلى إدارة بايدن”.
من جهته، قال نائب مساعد وزير الخارجية السابق، لين خودوركوفسكي: “بدلاً من البناء على كل التقدّم المُحرز نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط، يبدو أنّ إدارة بايدن تسلك المسار المعاكس وتتجه نحو السياسات الفاشلة التي اتبعت في عهد (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما”. إشارة إلى أنّه في عهد أوباما، كان يُشار إلى السفير الأميركي السابق إلى إسرائيل، دان شابيرو، بـ”السفير الأميركي إلى إسرائيل” في الاتصالات الرسمية، بحسب الموقع الأميركي.
بدوره، علّق السيناتور والعضو الجمهوري في لجنة الشؤون الخارجية مايكل ماكول مغرداً: “أن تتخذ الإدارة هذه الخطوة المثيرة للجدل في يومها الأول من دون التشاور مع الكونغرس أمر مزعج للغاية”. وأضاف: “كما يبدو أنّها (الخطوة) تتناقض مع تصريحات (مرشح بايدن لمنصب وزير الخارجية) أنتوني بلينكن (أول من) أمس. أدعو الرئيس بشدة إلى توضيح هذه الخطوة الاستفزازية بسرعة”؛ علماً أنّ بلينكن قال الثلاثاء في جلسة استماع في مجلس الشيوخ إنّه لا ينوي نقل السفارة الأميركية من القدس المحتلة وإنّه سيحفاظ على العلاقة الأمنية الوثيقة بين بلاده والاحتلال.
جوناثان شانزر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط نائب رئيس “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (معروفة بتأييدها للاحتلال وسياساته)، حذّر من أنّ هذه الخطوة قد تؤدي إلى تغييرات سياسية كبيرة. وفي حديث مع الموقع، قال شانزر: “يمكن للمرء تفسيرها بطريقتيْن: فمن جهة، قد تمثّل اعترافاً بواقع أنّ القنصلية في القدس الشرقية لم تعد موجودة، وبالتالي التأكيد أنّ السفارة في القدس هي دار المقاصة الأساسية لجميع الأمور المتعلقة بالنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. ومن جهة ثانية، يبدو أنّها تعني أنّه سيتم التعاطي مع الأراضي الثلاثة على قدم من المساواة- ما قد يشكّل تغييراً كبيراً في السياسة”. وعليه، شدّد شانزر على الحاجة إلى توضيح يبيّن ما إذا كانت مقاربة إدارة بايدن الديبلوماسية إزاء “إسرائيل” والفلسطينيين ستتغير انطلاقاً من اليوم الأول.
يذكر أنّ ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، معتبراً إياها “عاصمة لإسرائيل” في أيار 2018، في خطوة وافق عليها الكونغرس منذ التسعينات، على الرغم من أن الإدارات السابقة أوقفت تنفيذها. وأعرب بلينكن خلال جلسة الاستماع عن تأييده لحل الدولتيْن، مشيراً إلى أن تسوية “النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي” تعتبر “تحدياً كبيراً”، وأنّه من الصعب تحقيق التقدم فيها في الوقت القريب. وبحسب موقع “Free Beacon”، فإنّه يُرجح أن تصب إدارة بايدن تركيزاً أكبر على محادثات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية المتوقفة منذ فترة طويلة بالمقارنة مع الإدارة السابقة، كما رجح الموقع تعاطي الرئيس الجديد مع قرار ترامب الاعتراف بالجولان المحتل جزءاً من أراضي الاحتلال.