الحريري حائر ويُراجع حساباته : لا الصدام ولا التسوية نفعت مع حزب الله!
هذا ما يُحكى في الكواليس...هل تطيّر «ترويكا» الانتخابات بسبب الحريري؟
النشرة الدولية –
الديار – جويل بو يونس –
«الانتخابات حاصلة مهما حصل»…هذا ما تسمعه على لسان كل مسؤول سياسي في العلن، والسبب هذه المرة ان لا اموال ولا دولارا واحدا قبل موعد الانتخابات، لا بل وفي حال تجرّأ البعض على المطالبة بتأجيل الانتخابات، فهذا يعني عمليا انه يفتح جبهة مواجهة مع المجتمع الغربي وفي مقدمهم اميركا وفرنسا.
اكثر من ذلك يحدّثك المسؤولون السياسيون في العلن وعلى الشاشات بانهم سمعوا كلاما واضحا من بعض الدبلوماسيين الغربيين، كما من مسؤولين في الخارج عن تحذيرات مفادها ان لبنان سيصبح دولة فاشلة فيما لو تأجلت الانتخابات النيابية التي يعول عليها المجتمع الدولي لاحداث التغيير الذي ينشده.
هذا في العلن لكن في السر، وفي بعض الكواليس همس معاكس. فعلى الرغم من ان كل شيء في البلد يسير باتجاه اجراء الانتخابات في موعدها بعدما اكتملت التواقيع الثلاثة المطلوبة لكل من وزير الداخلية ورئيسي الحكومة والجمهورية لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ١٥ ايار المقبل، أسرّت بعض الاوساط البارزة المطلعة على جو كواليس اتصالات تحصل على خط الملف الانتخابي، عن حديث يجري في بعض الكواليس السياسية عن احتمال كبير لتطيير الاستحقاق الانتخابي في حال اتخذ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قرارا حاسما باتجاه عدم الترشح.
ولكن لم تؤجل الانتخابات او يتم تطييرها اذا عزف الحريري عن الترشح؟ هنا السؤال الاساس، ففي تفاصيل ما يهمس في الكواليس السياسية، ان عدم خوض الحريري الانتخابات سيحدث شرخا في الطائفة السنية، لا سيما انه يمثل حتى اليوم ٥٠ في المئة من اهل السنة؛ وهذا ما لن ترتضيه الطائفة السنية، هذا الواقع سيدفع برئيس مجلس النواب نبيه بري، الى التضامن مع الحريري ومع الطائفة السنية.
تضامن بري مع الحريري سيتبعه تلقائيا تضامن جنبلاطي مع الحليف الصديق التاريخي لزعيم المختارة، نبيه بري، فتعود «ترويكا» الحريري – بري – جنبلاط من جديد الى الواجهة من جديد من باب التضامن مع الحريري الذي يمثل الشريحة الكبرى من الطائفة السنية، ما سيؤدي حكما الى تطيير الانتخابات!
هذا السيناريو ترى فيه مصادر مطلعة على الجو الغربي انه «مستحيل التطبيق»، باعتبار ان بري الذي يصفه البعض بالرجل الاميركي في لبنان، لن يخوض غمار تحدي الولايات المتحدة ومعها كل المجتمع الدولي الداعي لاجراء الانتخابات في مواعيدها. هذه القراءة تناقضها بعض الاوساط المطلعة فتعلق بالقول: «ممكن يصير هالسيناريو ويكتّر»!
وما يعزز هذا «الهمس في الكواليس» ان مسؤولا امنيا بارزا على اطلاع بكل ما يحصل بالداخل والخارج، لا سيما انه كانت له جولات خارجية، يقول في بعض المجالس الخاصة: «مني شايف رح تصير الانتخابات»!
الى هذا كله، يضاف تخبط الحريري في افكاره وخياراته، ولو ان اكثر من مصدر مطلع على جوه رجح حسمه موضوع ترشحه من عدمه للانتخابات مع عودته المرتقبة في الاسابيع القليلة المقبلة الى بيروت. قرار الحريري المرتقب، والذي يتجه حتى اللحظة لعدم خوض الانتخابات المقبلة ينطلق من استنتاجات ترسخت في ذهنه، بعد قراءة ومراجعة ذاتية نقدية للخيارات التي اتخذها على مدى السنوات السابقة، اذ تكشف اوساط بارزة ان ما يقوله الحريري لبعض سائليه المقربين جدا اليه، انه اليوم حائر بامره، ولم يعد يعرف ما الذي يجب فعله مع حزب الله.
ويشرح الحريري بحسب ما تروي الاوساط انه خلال مراجعته لتجربته في الحكم منذ العام ٢٠٠٥، تبين انه عندما تم اقناعه بالحلف الرباعي وسار به عادت بعدها الامور وانقلبت عليه فكانت النتيجة: حوادث ٧ ايار، وعندما اتى رئيسا للحكومة في العام ٢٠٠٩، اجبره حزب الله على الاستقالة لاحقا بعدما اطاح وزراء المعارضة ال ١١ في العام 2011، (بمن فيهم حزب الله والتيار ) بحكومته عبر الاستقالة، فيما كان هو في البيت الابيض، يوم اطلق رئيس التيار الوطني الحر وتكتل التغيير والاصلاح في حينه ميشال عون الشعار الشهير «قطعنالو one way ticket» «، هذا ما حصل، يقول الحريري عندما عاديت حزب الله، ليضيف: عندما قررنا المهادنة وذهبنا باتجاه التسوية عام 2016 والتي اتت بميشال عون رئيسا للجمهورية، كانت النتيجة: اعتقالي في السعودية في العام 2019، وعليه، ينطلق الحريري في سرده لهذه الوقائع ليستخلص ان لا الصدام ولا التسوية مع حزب الله نفعت، وبالتالي لا يمكن له ان يعود بالظروف نفسها.
علما ان بعض الاوساط المطلعة على جو «المستقبل» تكشف ان هناك انقساما بالآراء داخل اعضاء الكتلة، ففيما يرى البعض ان ما يفكر فيه الحريري وما يقال عن اتجاه لعدم ترشحه قد يكون الهدف منه جر السعودية باتجاه دعمه مستقبلا، ويعتبر آخرون ان ما يقوله صحيح والتجارب برهنت ان كل الخيارات في ما خص حزب الله لم تفلح!
ومن هنا، حتى عودة الحريري واعلان موقفه الواضح من الانتخابات، سؤال يطرح: هل يفعلها بري فيقدم مرة جديدة للحريري «لبن العصفور «، لكن اللبن هذه المرة ليس رئاسة الحكومة بل تطيير انتخابات 2022؟