أبطال “الديجتال” .. أوهام لا يُنقذون الوطن* صالح الراشد

النشرة الدولية –

فارق كبير بين رجال الشارع الذين صنعوا مجد الاردن في سنوات الشدة والمصاعب، ونهضوا بالوطن حتى أصبح أحد مراكز النهضة العلمية والثقافية وسند الأمة والمدافع عن قضاياها وبين رجال “الديجتال” ، وجال رجال الوطن الحقيقين في شتى الدول وزرعوا راية الاردن في جميع العواصم وصنعوا العلاقات الطيبة حتى أطلق على عمان عاصمة الإتفاق والوفاق، كما وقف جيشنا ولا زال مع الأمة بكل قوة حتى غدا طريق الأمان للأمة، هذه هو الاردن في عصر الرجال الذين سطروا إسم الوطن ولم يتبقى منهم إلا رجال الهمم العالية من جيش لا يهاب وأجهزة أمنية تحرس الوطنية بأرواح أبطالها، فيما رجال السياسة تحولوا إلى رجال “ديجتال” يحاربون في الفضاء الوهمي ويزرعون الضباب والسراب.

نعم، هذا هو الحال الذي قد يُغضِبُ وصفه أعضاء مجلس النواب والأعيان والوزراء والسفراء، الذين تخلوا عن دورهم الحقيقي في صيانة الوطن من أعداء الداخل والخارج، فالقوانين التي شرعها مجلس النواب ومررها مجلس الأعيان لم توقف الفساد وهدر المال العام، ولم تتصدى للمعتدين على أملاك الوطن، فيما الحكومة وقفت عاجرة عن الدفاع عن حقوق الاردنيين في الداخل والخارج، ولم نجدها تقف في وجه أي دولة لمساندة مواطن أو شركة أردنية كما تفعل الدول الأخرى للحفاظ على مكتسبات الأوطان، فيما لم نمسع بالسفراء يساندون الاردنيين في بلاد الغربة ولم يفلح في وصفهم إلا نائب في مجلس الأمة.

لقد تحول رجالنا من البطولات الحقيقية إلى بطولات “الديجتال” والتواصل الإجتماعي، حيث لانسمع عن بطولاتهم ولا نشاهدها إلا عبر صفحات التواصل، فالنواب يقفون عاجرين عن التصدي لأي قرار تتخذه الحكومة يتعارض مع مصلحة الشعب، فمرت الإتفاقيات التي لم يدرسها النواب بصورة معمقة بفضل نظام في المجلس يمنع مناقشة بنود الإتفاقيات، فإما الموافقة على البنود أو الرفض، وطبعا مجموعة “الديجتال” جاهزة للموافقة، وبعد الجلسات يملؤون مواقع التواصل صراخاً وغضباً على حقوق الوطن التي تضيع معتمدين على صفوف المناصرين الذي يهتفون ويصفقون لهم دون إهتمام بمصلحة الوطن.

وحتى تكتمل الصورة فإن الحكومة أيضا تحولت إلى حكومة “ديجتال” إلكترونية في مجال التعليم والإرشاد الصحي، بل ان عدد من الوزراء كانوا أبطالاً على صفحات التواصل، وقرروا مواصلة بطولاتهم بذات الطريقة التي تعطي الشعب من طرف اللسان حلاوة ثم يرغون كما الثعلب، لنجد أننا ومنذ سنوات نضيع الوقت في ظل مديونية متزايدة وبطالة مرتفعة وفقر متزايد، ليدرك الشعب أن أبطال الديجتال لا يصلحون للعمل في الحياة الحقيقية لأن مصائبهم كبيرة لا يتحملها وطن، لذا نقول إن الأمل بالرجال الحقيقين الصامدين على أرض الوطن، ونشتم فيهم رائحة العز وحكايات البطولة، وهم أبطال المؤسستين العسكرية والطبية فأين البقية ؟ّ!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى