استثمرنا في أبنائنا.. ليواروا في «مقبرة الطموحات»!
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
لا تدرسوا عيالكم، أي بمعنى آخر لا تتعبوا عليهم حتى لا تتجرعوا «القهر» الذي يتجرعه بعض أولياء الأمور بسبب فسادٍ مستشرٍ في معظم أجهزة الدولة، هذه النصيحة التي أحياناً أرغب لو كنت قادرة على أن أقولها لأولياء الأمور الجدد حتى لا تذهب جهودهم مع أبنائهم سدى، كما ذهبت جهود أولياء أمور سابقين، لكنني أتراجع باللحظة الأخيرة لإيماني بأهمية الاستثمار في تعليم الأبناء ليصبحوا عناصر فاعلة وكفاءات حتى وإن لم تنصفهم فرص الحياة في الكويت.
فنحن جيل أولياء الأمور، الذين عايشنا نهضة الكويت وتقدمها وازدهارها، وآمنا بأهمية التعليم الجيد، وتنمية المهارات والمواهب، اخترنا أن نستثمر في أبنائنا، فكان خيارنا أن نتعب لأجل تعليمهم، نعمل لأجل تنمية قدراتهم وطاقاتهم، ونركز جل جهودنا على صقل مواهبهم، آملين أن يتخرجوا ليصبحوا عناصرا فاعلة، في مراكز عمل تناسب مهاراتهم وتعليمهم الجيد، وتقدر الكفاءات منهم، معنوياً على الأقل.
إلا أن الواقع الذي عاشه أبناؤنا ومازالوا يعيشونه، أشعرنا أن جهودنا ذهبت سدى، ففي حرب الكفاءة والواسطة، الغلبة دائماً للأخيرة، بمساندة فساد إداري أصبح واضحاً للجميع!
فمهما صرفنا على أبنائنا، وألحقناهم بمدارس مرموقة، ثم جامعات عالمية مصنفة، ثم يعودون ليصطدموا بأولى العقبات، وهي التعيين، فتعيينات الهيئات والمؤسسات المستقلة، والمهمة، تبدو أشبه بالمهمة المستحيلة لشاب متسلح بكفاءته فقط، وبعد أن يفقد الأمل عقب ثالث أو رابع محاولة في التقديم على هذه الإعلانات، يتجه إلى ديوان الخدمة المدنية، ليدخل اسمه ضمن آلاف من المتقدمين على الوظائف، ثم يفرز بعد سنوات ويرشح في مجال عمل مختلف تماماً عن شهادته، في نظام أشبه بمقبرة للطموحات!
وإن اتجه الشاب إلى القطاع الخاص، تبدو العقبات نفسها، بينما إذا رغب بأن يصبح مبادراً، ويبني مشروعه الخاص، فستقتل البيروقراطية وأيضاً فساد البعض، طموحاته!
في الوقت ذاته، لو حضرت الواسطة، وحضرت المحسوبية، لفتحت أبواب التعيينات المميزة، واتسعت مقاعد التعيين في الهيئات والمؤسسات على قدر أهمية الواسطة التي تذيّل أوراق تعيين الشاب، ويصبح التعيين في القطاع الحكومي سهلاً وسريعاً، وكذلك في القطاع الخاص، بينما قد يحصل الشاب على دعم لمشروعه في مدة قياسية إن رغب بأن يصبح رائد أعمال، فالأمر فقط بحاجة لـ«دزة» من فلان أو أن يكون اسم الشاب الأخير مشابهاً لإحدى الشخصيات المهمة، بالتالي يتحدد مصير تعيينه بالإجابة على سؤال «شيصيرلك فلان؟»، فيبدو أن علة شبابنا تدور حول مسميات فلان فقط!
ورغم أن نصيحتي لأولياء الأمور: زيدوا معارفكم، حتى تفتح بيبان الفرص لأبنائكم، ولكن في الوقت ذاته، فإن الاستثمار في تعليم الأبناء ضرورة حتمية، وصقل مهاراتهم مهم، لكن يبدو أن في ظل الفساد، علينا أن نعثر على «فلان» حتى نجني ثمار استثمارنا في أبنائنا وحتى يتسنى لهم تحقيق جزء من طموحاتهم لخدمة بلدهم.