الأسير الفلسطيني العارضة: 5 أيام من الحرية أنستني 20 عاما خلف القضبان…. ما يؤلمني أنني لم أر أمي”
النشرة الدولية –
“الأيام الخمسة التي عشتها بحرية أنستني العشرين عاما خلف القضبان، لكن ما يؤلمني أنني لم أر أمي”، قالها الأسير محمد العارضة لمحامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالد محاجنة، عندما التقاه عند الساعة 12:15 بعد منتصف ليلة الثلاثاء الماضية.
اللقاء كان في مركز تحقيق الجلمة العسكري قرب حيفا بأراضي فلسطينيي 1948، وأعقبه بعد ذلك بساعة واحدة لقاء المحامي رسلان محاجنة، مع الأسير محمود العارضة، في المعتقل ذاته.
لحظة انتظرتها فلسطين.. كل فلسطين، التي تعلق قلبها على خيط انتظار للاطمئنان ومعرفة مصير الأسرى الأربعة، الذين انتزعوا حريتهم من سجن “جلبوع” الاثنين الماضي، وأعيد اعتقالهم.
ربما هي من المرات النادرة جداً، أو الوحيدة، التي يتمكن خلالها محامٍ من زيارة أسير في مركز تحقيق في ظروف مشابهة.
التفاصيل، وهي قليلة جدا وفي ظرف مربك، لا تقل فخرا وحزنا وتشويقا عن تفاصيل تحررهم.
حبة التين أو الصبر التي قطفها بعضهم من مرج ابن عامر وتذوقها لأول مرة بعد 20 عاما من الأسر، والراديو الصغير، الذي تواصلوا من خلاله مع العالم، وعبره فقط عرف بعضهم حجم التضامن مع حكاية تحررهم البطولية.
هناك، بعد فوهة النفق، تعرفوا على البلاد ومشوا في سهولها وجبالها ووديانها، وتنفسوا رائحة الحرية، كانوا وحدهم، لم يطلبوا حتى الماء من أحد، ولم يدقوا جدران وأبواب البيوت منعا من إيذاء الاحتلال لمالكيها.
“أنا المسؤول الأول”، قالها محمود العارضة للمحققين: هكذا بكل بساطة وتعقيد يحمل القضية فوق حمله الثقيل، رافضا تُهم المحققين إشراك خمسة من رفاق غرفته في السجن، في تفاصيل نيلهم الحرية.
المعلومات عن الأسير زكريا الزبيدي، يرويها المحامي أفيغدور فيلدمان، الذي زاره الأربعاء، بمعتقل الجلمة، حيث قال إنه “تعرض للضرب والتنكيل خلال عملية اعتقاله مع الأسير محمد العارضة، ما أدى الى إصابته بكسر في الفك وآخرين في الأضلاع”.
الزبيدي وزميله محمد العارضة كانا في مشوار التحرر والاختفاء، منهكين بسبب العطش الشديد، 48 ساعة دون قطرة ماء واحدة.
محمد وزكريا كما روى محاجنة، يتعرضان وتعرضا لتحقيقٍ قاسٍ، معدل نومهم خلال أربعة أيام من الاعتقال لم يتجاوز الـ10 ساعات، بينما حرما من الطعام لثلاثة أيام متتالية.
يقول رسلان محاجنة بعد لقائه محمود العارضة: “قابلت قائدا، قابلت إنسانا واعيا وموسوعة”.
وينقل على لسانه: “لم ندخل أي قرية عربية للتزود بشيء، حاولنا تدبير أنفسنا دون تعريض أي انسان آخر للخطر. دخلنا في البداية قرية الناعورة ومن هناك تفرقنا إلى ثلاث مجموعات، خشينا دخول الضفة لكثرة الحشودات العسكرية على الحدود بين أراضي فلسطينيي 1948 وجنين”.
وتابع: “قبضوا علينا بطريق الصدفة، وليس كما أشيع أن أحداً قام بالتبليغ أو خلال بحثنا عن الطعام في القمامة، دورية شرطة رأتنا صدفة في واد قريب من جبل القفزة في الناصرة. نقلونا لشرطة الناصرة ثم إلى الجلمة، وخضعنا للتحقيق طوال الليلة الأولى من الاعتقال لمدة ما بين 7-8 ساعات”.
سماع الأسرى لهتافات أهالي الناصرة لحظة المجيء بهم إلى محكمة الناصرة، ساهمت في رفع معنوياتهم بشكل كبير، دون أن يخفوا قلقهم من القمع الذي تعرض له الأسرى، وسحب انجازاتهم.
كان ستة أسرى تمكنوا الاثنين الماضي 6 أيلول/سبتمبر من تحرير أنفسهم من سجن “جلبوع”، وهم: محمود عبد الله عارضة (46 عاما) من عرابة، معتقل منذ عام 1996، محكوم مدى الحياة، ومحمد قاسم عارضة (39 عاما) من عرابة معتقل منذ عام 2002، ومحكوم مدى الحياة، ويعقوب محمود قادري (49 عاما) من بير الباشا معتقل منذ عام 2003، ومحكوم مدى الحياة، وأيهم نايف كممجي (35 عاما) من كفر دان معتقل منذ عام 2006 ومحكوم مدى الحياة، وزكريا زبيدي (46 عاما) من مخيم جنين معتقل منذ عام 2019 وما يزال موقوفا، ومناضل يعقوب انفيعات (26 عاما) من يعبد معتقل منذ عام 2019.
شرطة الاحتلال الإسرائيلية، أعلنت الجمعة الماضية، اعتقال الأسيرين محمود العارضة، ويعقوب القادري في الناصرة، كما اعتقلت فجر السبت الأسيرين محمد العارضة وزكريا الزبيدي، في قرية شبلي جنوب الناصرة، بأراضي فلسطينيي 1948، فيما لا زال الأسيران مناضل نفيعات وأيهم كممجي، حرين.