الكويت تودع القامة الديبلوماسية الكبيرة عادل االعيار بعد مسيرة حافلة
النشرة الدولية –
مسيرة ديبلوماسية حافلة قضاها السفير الراحل عادل العيار ممثلا فيها دولة الكويت خير تمثيل في مختلف البلدان التي عمل فيها.
من واشنطن إلى بيروت، ثم ميلانو، فإسبانيا ، كان السفير الراحل عادل العيار قامة ديبلوماسية كويتية تخرجت في مدرسة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الذي يفخر العيار، رحمه الله، بأنه كان من تلامذته ورافقه في الكثير من المؤتمرات عندما كان سموه وزيرا للخارجية، فتعلم من سموه إدارة الجلسات وطريقة الحوار وفن اتخاذ القرار.
من جامعة الكويت كانت دراسته في المحاسبة وفيها خاض تجربة العمل في القوائم الطلابية والتي كان يعتبرها، رحمه الله، من أهم التجارب في صقل الميول والمهارات للطالب الجامعي، ومن جامعة الكويت إلى الولايات المتحدة الاميركية لدراسة الماجستير في «التجارة الدولية». تجربة الدراسة في الخارج كانت كفيلة بتوسيع آفاقه في التخطيط واستغلال الوقت.
في تلك الفترة كانت امامه العديد من الفرص الوظيفية لكنه قرر، رحمه الله، أن يلتحق بوزارة الخارجية بعد استشارة اخيه «فيصل» الذي كان يعتبره المستشار الأول.
وهكذا بدأت رحلته الوظيفية بوزارة الخارجية عام 1988 وكانت الإدارة المالية والإدارية هي الإدارة الأولى التي عمل فيها.
عمل، رحمه الله، في مواقع مختلفة من العالم فقد عمل في «طهران» عامين وكانت تجربة صعبة لأنها كانت مع الغزو الغاشم وعمل كذلك في «واشنطن» والتي تعتبر مطبخ القرارات السياسية الكبيرة وعمل في «بيروت» وفي «ميلانو».
وكانت تجربته الأولى رئيس بعثة. أما «إسبانيا» فهي التجربة التي دائما ما كان يعتز بها والتي اختتمها بحصوله على الوشاح الأكبر من ملك إسبانيا تقديرا لجهوده.
كان السفير عادل العيار، رحمه الله، شخصية متميزة يعمل في كل الظروف ويحرص دائما على القول إن كل ما يتحقق من إنجازات هو نتيجة جهود مشتركة لا ينسبها لنفسه بل لجميع العاملين معه في الحقل الديبلوماسي.
ولد، رحمه الله، في 20/11/1961م وعاش طفولته في منطقة الخالدية وفيها كانت رحلته الدراسية في روضة الخالدية وبعدها روضة السيد عمر ومن ثم الخالدية، والمتوسطة في مدرسة أبو أيوب الأنصاري ثم اختار الدراسة في القسم الأدبي لتأثره بذهاب أصدقائه فيها.
لم يكن الراحل يخطط لدخول السلك الديبلوماسي بل كانت لديه رغبة في دخول عالم التجارة وتأسيس الشركات وهذه كانت اهتماماته عندما كان طالبا قبل دخول المرحلة الجامعية الا انه كان يؤمن بأن اهتمامات الإنسان قد تتغير مع الزمن وإذا كان التخطيط من عوامل النجاح فإن التعايش مع الواقع واستثمار المعطيات بالشكل الصحيح أمور لا تقل أهمية عن التخطيط.
التحق بجامعة الكويت وكان في البداية يفكر في كلية التجارة لكنه تخصص في المحاسبة، وتجربة الدراسة في جامعة الكويت علمته التنظيم والمثابرة وتحديد الأولويات، كما استفاد، رحمه الله، من العمل النقابي فن الإدارة ومهارة
بعد التخرج في الجامعة سافر الى الولايات المتحدة الاميركية من أجل استكمال دراسة الماجستير وبالفعل نجح في ذلك وكانت دراسة الماجستير في «التجارة الدولية» واستمرت فترة الدراسة 3 سنوات تعلم خلالها أهمية العلم والمعرفة.
بعد انتهاء دراسته عاد، رحمه الله، إلى الكويت وعمل في وزارة الخارجية عام 1988 وكانت الفترة الأولى التي قضاها في وزارة الخارجية فترة تدريب.
وحرص، رحمه الله، على أن يطور مهاراته ويستفيد من جميع الزملاء فعمل في البداية في الإدارية والمالية وهي محطة لم يستمر فيها طويلا لكنه تعلم فن العمل الإداري الذي يتوقف على المتابعة والخبرة.
محطة جديدة في حياة السفير الراحل بدأت عندما سافر الى نيويورك لتلقي «دورة الأمم المتحدة»، حيث ساهمت الدورة في صقل شخصيته الديبلوماسية ومكنته من اتخاذ القرارات الديبلوماسية الصحيحة.
أثناء مشاركته، رحمه الله، في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية حدث الاحتلال العراقي وكان وقتها في القاهرة فتم نقله للعمل في السفارة الكويتية بطهران لوجود أعداد من المواطنين هناك، فعمل لمدة عامين في السفارة وكان الرجل الثاني فيها، وكانت هذه التجربة بالنسبة له ثرية للغاية جعلته يتعرف على العمل الديبلوماسي ميدانيا، فالديبلوماسي الناجح في نظره يجب أن يكون مبادرا لخدمة وطنه مهما كلف الثمن.
بعد طهران غادر – رحمه الله – الى الكويت ومنها الى المطبخ السياسي في واشنطن، حيث عمل في سفارة الكويت لمدة 7 سنوات وكان السفير آنذاك هو الشيخ د.محمد الصباح.
والعمل في واشنطن علّمه كيف تطبخ أهم القرارات السياسية الكبيرة وكذلك علمه كيف تضغط المؤسسات الكبيرة على صناع القرار وأصبحت لديه خبرة ديبلوماسية وعلاقات واسعة فكانت تجربة واشنطن غنية بالخبرات بالنسبة له – رحمه الله.
بعد انتهاء عمله في واشنطن نقل للعمل في السفارة الكويتية في «بيروت» فتعلم التعايش مع الأحداث وقراءتها والنظر في تأثيراتها.
عام 2002 كانت أول تجربة له كرئيس بعثة في ميلانو، حيث كان القنصل العام، ولا شك أنها تجربة كانت فيها مسؤولية كبيرة وتطلبت منه – رحمه الله – مزيدا من العمل والابتكار، ورئيس البعثة الناجح في نظره يتعامل مع زملاء العمل في البعثة على انهم أسرة واحدة ويكون الدافع حب الوطن والرغبة من أجل تمثيل الوطن بالشكل الصحيح ولم يواجه – رحمه الله – مشاكل تذكر او تحديات في تجربته الأولى كرئيس بعثة لأنه تعلم العمل الديبلوماسي في مدارس مختلفة.
وفي عام 2006، بدأت تجربته في العمل كسفير للكويت في إسبانيا، وكانت من التجارب المميزة في مسيرة الراحل، فقد حرص وزملاؤه العاملون في السفارة على أن تكون فترة إنجازات، حيث تم القيام باستثمار ما توافر من المعطيات لتعزيز العلاقات الكويتية- الإسبانية، ونجح في عمل الكثير من المشاريع الثقافية، من بينها إقامة الجناح الكويتي في معرض «إكسبو» والذي كان بالتعاون مع وزارة الإعلام، حيث حقق نجاحا باهرا بإشادة ملك إسبانيا.
وعام 2013، تم منح الراحل الوشاح الأكبر، ثاني أكبر وسام استحقاق مدني تمنحه المملكة الإسبانية، تقديراً لسعيه – رحمه الله – للارتقاء بالعلاقات الثنائية في شتى المجالات خلال سنوات ترؤسه البعثة الديبلوماسية للكويت لدى إسبانيا التي امتدت من سبتمبر 2006 الى سبتمبر 2013.
وكان السفير عادل العيار – رحمه الله – أول كويتي يمنح وشاح الاستحقاق المدني من الملك الإسباني.