هل كان العسكر الروسي جديرا بلقب ثاني أقوى جيوش العالم؟

تكتسب هذه الحرب بالنسبة لكييف طابعاً وجودياً فخسارتها ستعني اندثار أوكرانيا كما يعرفها العالم

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

في أحدث تصنيف لمؤشر “غلوبال فاير باور” المختص بالشؤون العسكرية، الصادر في يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي يستخدم في تصنيفاته أكثر من 60 عاملاً، أبرزها #القوة_العسكرية والمالية واللوجستية واستخدام التكنولوجيا وغيرها، حلَّ الجيش الروسي كثاني أقوى #جيوش العالم، متفوقاً على الجيش الصيني. وخلال افتتاح منتدى “الجيش-2022” “آرميا-2022” في موسكو، أغسطس (آب) 2022، تفاخر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالسلاح الروسي، معلناً استعداد بلاده لتسليح “الحلفاء” بأسلحة حديثة. وكشفت روسيا عن نحو ألف سلاح مختلف من المعدات العسكرية خلال المنتدى.

سوسن مهنا

في شهر أغسطس 2022، وقع الرئيس بوتين، مرسوماً يقضي بزيادة عدد أفراد القوات المسلحة من 1.9 مليون إلى 2.04 مليون، وتضمنت هذه الزيادة تعزيزاً للوحدات القتالية بواقع 137 ألف فرد ليصل العدد إلى 1.15 مليون. ودخل القرار حيز التنفيذ في الأول من يناير الماضي، وفقاً للنص الذي نشر حينها على البوابة التشريعية للحكومة على الإنترنت. وكان وزير الدفاع سيرغي شويغو، قد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن أكثر من 200 ألف شخص انضموا إلى القوات المسلحة الروسية منذ إصدار الرئيس بوتين مرسوماً بتعبئة جزئية، آواخر سبتمبر (أيلول) 2022. وأضاف شويغو أن روسيا تستهدف تجنيد 300 ألف شخص لديهم خبرة عسكرية سابقة لدعم الهجوم الروسي على أوكرانيا، بعدما كانت قد تعرضت القوات الروسية لسلسلة من الهزائم في حربها مع أوكرانيا. تاريخياً، خضع الجيش الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي للعديد من التغييرات نتيجة التحولات السياسية، واستقلال الدول التي كانت تخضع لسلطته، بعضها يشاطر العداء لموسكو. وأثرت هذه التحولات سلباً على عتاد الجيش وعديده، وبرامج تدريب عناصره وتطوير سلاحه. ومع تفكك الاتحاد السوفياتي، وزعت تشكيلات القوات الجوية على الدول المستقلة وحصلت روسيا على النصيب الأكبر بواقع 40 في المئة من الطائرات، و65 في المئة من القوة البشرية، بالإضافة إلى قيادات سرب النقل الجوي بعيد المدى. كما احتفظت العديد من الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي، مثل أوكرانيا، بالعتاد الحديث عقب انسحاب القوات الروسية من أراضيها وذلك لعدم قدرة النظام الروسي الناشئ على شرائه أو تحمل تكاليف نقله. هذه التغيرات لم تتمثل بانكماش هذه القوات إلى ما وراء حدودها وحسب، بل تعدى ذلك إلى تراجع كفاءتها القتالية وتطورها من الناحية التقنية وانخفاض عدد منتسبيها. وظهرت تقارير بعد إصدار مرسوم التعبئة الجزئية، عن استدعاء رجال ليست لديهم خبرة عسكرية، أو تجاوزوا سنّ التجنيد، ما أذكى الغضب الذي أحيا الاحتجاجات المناهضة للحرب. وفرّ عشرات الآلاف من الرجال الراغبين في تجنب التجنيد إلى الخارج بالفعل. وصرح بعض المحامين الروس، الذين انهالت عليهم طلبات تناشد المساعدة في تفادي التجنيد، أنهم يعملون بجد لتقديم النصح لأولئك المعرضين لإرسالهم للقتال في أوكرانيا. وقال سيرغي كريفينكو حينها، والذي يدير مجموعة تسمى (المواطن، الجيش، القانون) وتضم عشرة محامين تقريباً: “إننا نعمل على مدار الساعة”. وأضاف: “الناس يُنتزعون من حياتهم العادية… هذه تعبئة بلا حدود زمنية خلال حرب. يمكن أن تستمر لأشهر أو سنوات. قد لا يعود الناس… ترك الجيش أمر مستحيل إلى حد كبير. الطريقة الوحيدة هي الموت أو الإصابة أو السجن بسبب عصيان الأوامر”، وفق ما نقلت وكالة “رويترز”.

مجندون روس يفرون بسبب القمل والجوع

منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا 24 فبراير (شباط) 2022، أشار الكثير من المحللين والباحثين العسكريين أن كل يوم إضافي يمر، ولا تستطيع موسكو أن تحسم نتيجة الحرب لمصلحتها، هو انتكاسة للآلة العسكرية الروسية. ولكن وعلى رغم كل الانتكاسات التي تعرض لها الجيش الروسي، بقي الإعلام الروسي يروج لمقولة “واثقون من النصر”. وكان وزير الدفاع شويغو قد أعلن، في مايو (أيار) 2022، “على رغم المساعدات الغربية المكثفة لنظام كييف وضغط العقوبات على روسيا، سنواصل العملية العسكرية الخاصة حتى يتم الانتهاء من جميع المهام”. وكرر شويغو العناصر الأساسية المبررة للحرب، بالقول إن روسيا اضطرت لتنفيذ “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا “لحماية شعبنا من الإبادة الجماعية، وكذلك لنزع سلاح أوكرانيا والقضاء فيها على النازية”. كما وأكد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، أن “كل الأهداف التي حددها الرئيس (بوتين) ستتحقق، لا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك، لأن الحقيقة، بما في ذلك الحقيقة التاريخية، إلى جانبنا”. لكن في أحدث تقرير لوزارة الدفاع البريطانية صدر في 12 فبراير (شباط) الحالي، رجح أن يكون الجيش الروسي خسر يومياً أكثر من 800 جندي في الأسبوع الأخير. وقالت الوزارة في آخر نشرة يومية لها، إنه من المحتمل أن تكون موسكو قد عانت من أعلى معدل للخسائر خلال الأسبوعين الماضيين، منذ الأسبوع الأول للهجمات التي انطلقت يوم 24 فبراير 2022. وأشارت النشرة إلى أن متوسط الخسائر البشرية للجيش الروسي خلال الأيام السبعة الماضية بلغ 824 في اليوم، أي أكثر من أربعة أضعاف المعدل المُبلغ عنه خلال الفترة من حزيران (يونيو) إلى تموز (يوليو) 2022. ورجحت الوزارة أنه من المحتمل أن يكون الارتفاع في الخسائر الروسية ناتجاً من مجموعة من العوامل بما في ذلك نقص الجنود المدربين والتنسيق والموارد عبر الجبهة، مستشهدة بأمثلة من فوهليدار وباخموت الأوكرانيتين، والتي تجري فيهما معارك دموية طاحنة. وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد قالت في تحديث استخباراتي سابق، إن الجيش الروسي قد نشر على الأرجح في أوكرانيا الغالبية العظمى من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم بموجب التعبئة الجزئية، وهم بحاجة إلى إجراء شكل آخر من التعبئة حتى يتمكنوا من مواصلة الحرب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى