الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها لا محال…وعلى نتائجها يُعوّل الكثير* اندريه قصاص

النشرة الدولية –

بإعتراف الجميع، فإن للرئيس نجيب ميقاتي، من موقع المسؤولية، تجربة رائدة في تنظيم إنتخابات نيابية ناجحة. يوم نجح في تأمين أفضل الأجواء لإنتخابات العام 2005 في أصعب الظروف التي كانت تمرّ فيها البلاد راهن كثيرون على عدم تمكّنه من تحقيق هذا الإنجاز. فإجراء الإنتخابات في تلك الأجواء المشحونة التي كانت سائدة في تلك الفترة إعتُبر تحدّيًا غير مسبوق. فالإنقسام العمودي والأفقي بين محوري 14 و8 آذار كان عميقًا وكاد ينذر بنتائج وخيمة. وكانت البلاد تعيش أزمات مصيرية، خصوصًا أن هذه الإنتخابات، التي نُظّمت على أساس قانون الستين، أجريت للمرّة الأولى ومنذ زمن بعيد، في غياب الوجود السوري، ومن دون إشرافه المباشر، حيث كان يُقال إنه كانت له بصمات واضحة، ترشيحًا وتدخلًا ونتائج.

ولأن للرجل كل هذه الخبرة في موضوع الإنتخابات كان الرهان عليه، وهو رهان من بين رهانات أخرى، ليكون على سدّة المسؤولية. فقبِل التحدّي، وهو الذي يعرف تمام المعرفة صعوبة المرحلة. ولكن، كما يُقال، إن لكل مرحلة رجالاتها، ولأن الظرف الذي يعيشه لبنان إستثنائي ويتطلب مناكب عريضة، كان من الطبيعي أن يتحمّل كل هذه المسؤولية وأن يتلقّف بيدين عاريتين كرة نار الأزمات المعيشية والمالية.

من يراقب عن كثب كيف يتعاطى مع مختلف الملفات، بعدما حدّد لوحة القيادة، وبعدما أصبحت طرق المعالجة واضحة أمامه، لا يسعه إلاّ أن يتوقّع الوصول إلى نهايات مقبولة نسبيًا، وقد تكون بداية لرسم خارطة طريق الحلول الممكنة والمتدرجة، لمنع الإرتطام الكبير كمرحلة أولى، ولإنتشال لبنان من قعر الهوّة في مرحلة ثانية، وصولًا إلى وضعه تدريجيًا وبخطوات متسارعة ومتواصلة على طريق الحلول في المرحلة الثالثة.

وهنا يجب الإعتراف والإقرار بأن لكل مرحلة من هذه المراحل الثلاث صعوباتها ومعوقاتها، وبالأخصّ في بدايات المرحلة الأولى، وذلك نظرًا إلى الحجم الهائل للمشاكل المتراكمة منذ أكثر من سنتين، وبالتحديد منذ أن تخّلف لبنان عن سداد ديونه، وإنهيار المنظومة المصرفية، التي يجب أن تقف على أرجلها من جديد عبر إعادة هيكلتها، وإيجاد الطرق الأنسب لحفظ حقوق المودعين، وبالأخص الصغار منهم. وهذه المشكلة الرئيسية، من بين مشاكل كثيرة أخرى، تأخذ الحيز الأكبر من إهتمامات رئيس الحكومة، الذي يعقد أكثر من إجتماع في اليوم الواحد مع مختلف المعنيين في القطاعين العام والخاص، بهدف إيجاد الأرضية الصالحة لإجراء مصالحة مقبولة ومنطقية للجميع، بحيث لا يموت حق المودعين ولا تفنى مصلحة المصارف.

والهمّ الآخر، الذي لا يقلّ شأنًا وأهمية عن الوضع المعيشي المقلق هو الإنتخابات النيابية، التي ستجرى في نهاية آذار المقبل، حيث تعمل الحكومة بوزاراتها المعنية، ومن بينها وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، على توفير المناخات الملائمة لإجراء هذه الإنتخابات في موعدها المحدّد، والذي وافقت عليه أمس اللجان النيابية المشتركة، مع سعي الجميع إلى أن تجري هذه الإنتخابات في مناخات من الحرية والديمقراطية والنزاهة والشفافية، خصوصًا أنها ستكون محطة أساسية يمكن التعويل عليها لمرحلة التعافي والتأسيس على نتائجها على إجراء تغيير جذري في المفاهيم والأنظمة والمصطلحات والأداء.

ويبقى للبحث صلة في ما يتعلق بحق المغتربين بالإقتراع والكوتا النسائية والسنّ القانونية للإقتراع.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى