مصارف لبنانية تدفع بموظفيها للاستقالة بلا تعويضات: SGBL نموذجاً

النشرة الدولية –

المدن – عزة الحاج حسن –

لم توفر المصارف وسيلة أو حيلة إلا واعتمدتها لجني أرباح، وتوفير نفقات، أو للتهرب من استحقاقات عليها. سلكت كافة الطرق، فلم تترك متعاملاً معها إلا ومسّت بأمواله أو حقوقه، من مودعين إلى موظفين إلى مقترضين، وحتى موظفينها لم ينفذوا من حيلها وأساليبها الملتوية.

وعلى مدار عامين، مع تفجّر الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية، بادرت بعض المصارف إلى ترتيب أمورها المالية، تنفيذاً لتعاميم مصرف لبنان، وتمهيداً لهيكلتها. فمنها من باع فروعاً ومكاتب في دول المنطقة، وأقفل فروعاً في لبنان، وصرف موظفين، وقام بالعديد من الإجراءات بهدف خفض نفقاته. وعلى الرغم من تحفّظ الكثير من المصارف على مسألة الصرف التعسفي، وسعيها إلى تنفيذ عمليات صرف بالتوافق مع الموظفين، أو ما يُعرف بالإستقالات الطوعية، مع سداد تعويضات مقبولة بالنسبة إلى شريحة واسعة من العاملين في القطاع المصرفي، وإن كانت تنتقص من حقوقهم الفعلية والقانونية، غير أن بعضها يعتمد اليوم أساليب متقدمة تقتضي بدفع العاملين إلى التقدم باستقالاتهم.

كيف وأين يتم ذلك وما هو موقف نقابة موظفي المصارف؟

SGBL يمارس الضغوط

يتقدّم بنك سوسييتيه جنرال SGBL على باقي المصارف بحيل وابتكارات مستجدة، تدفع موظفين لديه للتقدم باستقالات طوعية، لكن من دون سداد أي تعويضات لديهم. يقول أحد العاملين في المصرف: “يمارس المصرف علينا ضغوطاً على أكثر من صعيد”، كاشفاً عن أن قرابة 20 استقالة يتم تقديمها أسبوعياً من قبل عاملين في المصرف.

وفي الفترة التي كانت تعمل فيها كبرى المصارف على تقليص أعداد كوادرها البشرية، وتُبرم الاتفاقات الفردية لهندسة تعويضات تقلص من مستحقاتهم، كان عاملو بنك سوسييتيه جنرال يهنأون باستقرار وظيفي، في ظل تبجّح إدارتهم بعدم صرفها أي عامل أو موظف في المصرف، باستثناء حالات قليلة جرى تعويض أصحابها بما يرضيهم. أما اليوم فيتبيّن لموظفي SGBL أن مصرفهم لم يصرف العاملين تعسفاً، لأنه ارتأى الأسلوب الأكثر توفيراً عليه، وهو دفعهم للتقدم باستقالات مع تجريدهم من كل حق أو تعويض.

ويشرح أكثر من موظف من المصرف، الذي تمنّعت إدارته عن التعليق على الأمر، طبيعة الظروف القاسية التي يعمل فيها موظفي SGBL لاسيما لجهة دوامات العمل، فعلى الرغم من توقف العديد من أقسام المصارف عن العمل، ومن بينها SGBL، وتراجع وتيرة العمل لديها بشكل كبير، قررت إدارة المصرف زيادة دوامات العمل ابتداء من مطلع شهر تشرين الأول بالتزامن مع بداية المدارس. الأمر الذي دفع بالعديد من الموظفين للتقدم باستقالاتهم، نظراً لصعوبة تأمين عودة أولادهم من المدارس، خصوصاً ان تعرفة باصات النقل المدرسي لا تقل عن 800 ألف ليرة أو مليون ليرة شهرياً. فرواتب موظفي المصرف لا تسمح لهم بتغطية المزيد من المصاريف. ويتراوح متوسط الرواتب بين مليوني ليرة و2.5 مليون فقط.

وليس ذلك فحسب، فقد ألزمت إدارة المصرف، وفق أحد العاملين، كافة الموظفين بالحضور يومياً حتى أولئك الذين كانت تتساهل لجهة حضورهم أو غيابهم في ظل أزمة البنزين التي دامت لأشهر. كما بدأت بالتشدد بمسألة الحسومات من الرواتب. وأكثر ما يثير اعتراض الموظفين هو التعامل باستنسابية مطلقة، إن لجهة تمديد الدوامات أو لجهة الحرمان من التعويضات وتخصيصها “لبعض المحظيين المقربين من الإدارة”. علماً ان تعويضاتهم لا تزيد عن 4 إلى 5 رواتب فقط، مقابل حرمان الباقي من أي تعويضات، يقول المصدر. ويختصر مصدر آخر وضع العاملين في SGBL بالقول “خنقونا كي نستقيل بإرادتنا ونُحرم من كافة حقوقنا”. هذا الواقع يفسّر استقالة نحو 300 موظف من SGBL خلال الأشهر القليلة الماضية.

ضغوط من نوع آخر

وإذا كان موظفو SGBL البالغ عددهم حالياً نحو 1100 موظف (متراجعاً من نحو 1650 موظف) يتقاضون نصف رواتبهم باللولار أي وفق سعر صرف 3900 ليرة، فإن مصارف أخرى لا تزال تسدد كامل رواتب موظفيها وفق سعر صرف 1500 ليرة، مع ممارسة ضغوط من نوع آخر، ومنها فينيسيا بنك، الذي يشهد استقالات كثيرة شهرياً.

أما نقابة موظفي المصارف فلا تجد في الضغوط التي تمارسها المصارف عموماً وSGBL خصوصاً أهمية تُذكر: “فالدوامات الشتوية تختلف عنها في الصيف. وبالتالي، من حق المصرف زيادة دوامات العمل”، حسب مصدر من النقابة يفضل عدم ذكر اسمه، كي لا يُفهم خطأ من قبل العاملين في المصارف. وخير رد على النقابة ومصدرها أتى على لسان احد العاملين في بنك لبنان والخليج. فالمصرف المذكور رفع عدد ساعات العمل للموظفين بالتزامن مع بدء المدارس، في حين أن المصرف منذ تأسيسه لم يكن يعتمد دوامات شتوية بخلاف الدوامات الصيفية. بل كانت دوامات العمل فيه موحدة على مدار العام، وقصيرة بالمقارنة مع باقي المصارف. حتى أنه في ذروة النشاط والازدهار المصرفي لم يرفع عدد ساعات العمل، إنما فعلها مطلع الشهر الحالي في ظل شبه تعطل لكافة الأعمال المصرفية، ما دفع بالكثير من الموظفين إلى التقدم باستقالاتهم، خصوصاً الأمهات منهم، لعجزهن عن تأمين عودة أبنائهن من المدارس. والجدير بالذكر أن الاستقالات من بنك لبنان والخليج تتم أيضاً من دون أي تعويضات.

ويتابع المصدر في بنك لبنان والخليج، بأن الإدارة تعتمد أسلوباً جديداً أيضاً في سبيل ممارسة الضغوط على العاملين لتقديم استقالاتهم، بالإضافة إلى مسألة الدوامات، فتضيف من مهام بعض الأشخاص وتوليهم صلاحيات إضافية، تعوّض عن موظفيَن أو ثلاثة من دون أي زيادة على الراتب. بمعنى أنها تدفع بعض العاملين إلى العمل بأكثر من مهمة وقسم مقابل الراتب نفسه. وهذه الحالة قد تكررت مراراً وتسببت بالعديد من الاستقالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button