تساؤلات عصرية وليلية
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

تضطر الحكومة بين الفترة والأخرى إلى التدخل وحل مجلس إدارة جمعية تعاونية، وتعيين آخر مؤقت مكانه، أو تحويل كل أو بعض أعضاء المجلس السابق إلى النيابة، أو إحالة كل أو بعض من تم تعيينهم إلى النيابة أيضاً بسبب الفساد، الذي طال الجمعيات التعاونية إلا ما ندر، وأصبح سمة بارزة، خصوصاً بعد أن سيطرت قوى إخوانية وسياسية شيعية على مجالس بعض الجمعيات التعاونية، هذا إضافة إلى سيطرة جهات أخرى عليها من التي عرف عنها عدم إيمانها باستمرارية الدولة، واتباع سياسة شفط ما يمكن شفطه فيها!

***

كانت فكرة تأسيس جمعيات تعاونية فكرة رائدة ورائعة في حينها، ولكن كغيرها تعرضت إلى عوامل تخريب، وأصبحت سرقة الجمعية «فناً» له من يروج له، بحيث إن إدارة الجمعية تتغير، أو تحال إلى القضاء، ولكن من زين لهم سرقتها باقون حيث هم ليقوموا بنفس عملية «الزينة والإغراء» لمجلس الإدارة الجديد!

وبالرغم من تكرار الإحالات إلى النيابة، فإنه نادراً ما سمعنا عن صدور حكم بحق من أحيلوا، وأحدهم كان رئيس جمعية تعاونية أفلسها الرئيس تماماً، محتمياً بشقيقه الذي كان حينها عضو مجلس أمة!

لقد جف ريق ونشف حبر قلم كل من طالب بإصلاح الوضع التعاوني، ولكن يبدو أن الاتجاه العام لدى الحكومة هو في إبقاء الوضع على ما هو عليه، بالرغم من كل ما تتعرض له التجربة من هجوم، وكم الفساد المتجذر فيها.

ولم يكن غريباً بالتالي ما تبين، من خلال عملية تفتيش وزارية، وجود عمالة «وطنية» في جمعيات عدة، ولكن لا بصمة لها ولا تحضر للعمل منذ أعوام، ومع هذا تتقاضى رواتب، إضافة إلى دعم العمالة، وهذا قمة الفساد الإداري والأخلاقي الذي تمارسه بعض الجمعيات بتعاون من مواطنين، بلا ذمة، ولكنهم غالباً… من المصلين!

كما عثر المفتشون على قائمة تضم 21 موظفاً في إدارة المساهمين، في حين يتطلب الأمر وجود ثلاثة فقط! وعند طلب القوائم الخاصة بالحضور والانصراف تبين عدم وجود بصمة لهم للبقية!

وفي جمعية أخرى، سجل مجلس الإدارة موظفة منذ عام 2019 مع طلب عدم إصدار بصمة لها، حيث تحصل شهرياً على مبلغ 250 ديناراً إضافة إلى دعم العمالة من دون حضور!

كما تبين وجود 20 موظفاً في إدارة العلاقات العامة في إحدى الجمعيات من دون الحاجة إليهم.

كما بيّن المفتشون في تقاريرهم وجود هدر في أموال مساهمي جمعية، وهدر في الأموال العامة، وتعيينات وهمية وتلاعب في ملفات القوى العاملة، مع رصد تسجيل مقيمين خليجيين فيها، من دون وجود ما يثبت حضورهم للعمل!

لا شك أن وزارة الشؤون تبذل جهداً في مراقبة الجمعيات، ولكن قدراتها محدودة، ومن المفترض أنها تتعامل مع جمعيات تدار من «شخصيات» منتخبة من أهالي المنطقة، وليس مع مجموعة من اللصوص الفاسدين، مع الاحترام للشرفاء في مجالس إدارات الكثير من الجمعيات التعاونية.

***

إن ما يحدث في الجمعيات التعاونية أمر لا يجوز استمرار السكوت عنه، ومن الأفضل التفكير في حل للوضع كبيع أصول الجمعية لأهالي المنطقة السكنية، بعد تحويلها إلى شركة مساهمة، واعتبار أراضي الجمعية والمباني هبة من الدولة، مع استمرار مراقبة الدولة لأسعار البيع فيها كي لا يتضرر المستهلك.

قد لا يعجب هذا الاقتراح المعنيين، لأن «آكلي الأخضر واليابس» سيجدون طرق احتيال جديدة لجني أموال أكثر من خلال النظام الجديد، طالما بقي المساهم على جهله، وبقي المفسدون بداخلها!

زر الذهاب إلى الأعلى