هل ستتمكن الدول العربية من إخراج إيران من سوريا؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – ترجمة رنا قرعة –

لا يزال من غير الواضح الثمن الذي ستُضطر دمشق إلى دفعه لإستعادة الدعم السني. بحسب صحيفة “ذا ميديا لاين” الأميركية، “أولاً كانت هناك السفارة الإماراتية في دمشق التي أعيد افتتاحها في العام 2018، ثم التقى عدد قليل من الوفود العربية الرفيعة المستوى بدبلوماسيين وسياسيين سوريين في الخارج، وسرعان ما أصبح التطبيع بين العالم العربي والرئيس السوري بشار الأسد أهم شيء في السياسة الإقليمية. الجميع، من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الجنرالات المصريين والسعوديين، كانوا منشغلين بصياغة مسار جديد في سوريا من أجل إعادتها إلى الحضن العربي. في العام 2019، قال الشيخ عبد الله بن زايد، وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة ، إن بلاده “تعتزم ضمان عودة سوريا إلى المنطقة العربية”، بينما دعت روسيا، الداعم الرئيسي للأسد، جامعة الدول العربية إلى إعادة عضوية سوريا التي ألغيت في عام 2011”.

وتابعت الصحيفة، “أوضح المسؤولون العرب، بطريقة غير رسمية، أنه من خلال تطبيع العلاقات مع سوريا الأسد ومساعدة سوريا على “استعادة الاستقرار” من خلال التنمية الاقتصادية وإحياء ما بعد الحرب، فإنهم سيعززون أيضًا هدفًا مهمًا آخر، وهو إخراج إيران من سوريا، أو على الأقل تقليص دورها هناك. لم تمنع الولايات المتحدة أي تقارب بين الأردن وسوريا، لكنها انتقدت بشدة الاجتماع الأخير بين عبد الله بن زايد والأسد، الذي يخضع نظامه لعقوبات شديدة من قبل كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، اتخذت إسرائيل موقفًا أكثر دقة، آملةً وبهدوء أن يحل النفوذ العربي مكان التأثير الإيراني. على المرء أن يتساءل: هل هناك فرصة حقيقية لإخراج إيران من سوريا من خلال تطبيع الأسد وضخ الاستثمارات العربية في الأراضي السورية المدمرة؟”.

ونقلت الصحيفة عن خبير في الشؤون الإيرانية قوله أنه “لا يتوقع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا في المستقبل المنظور. وأشار إلى أنه “يجدر التمييز بين النفوذ الإيراني عسكرياً والتأثير الإيراني “الناعم” سياسياً واقتصادياً وديناً وثقافياً. فيما يتعلق بالنفوذ العسكري، قلصت إيران بشكل كبير من وجود الحرس الثوري في سوريا في السنوات الأخيرة بسبب التغيير في الظروف العملياتية وتعتمد بشكل متزايد على الأفراد السوريين المحليين الذين تم تجنيدهم من قبل المجموعات الموالية لإيران وبدعم من حزب الله”. وأضاف قائلاً: “النظام السوري غير قادر حاليًا على الاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي المحررة في السنوات الأخيرة دون تدخل عسكري إيراني، وبالتالي ليس متوقعاً أن يتقلص. في الوقت نفسه، تعمل إيران على الحفاظ على نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي والديني، لا بل وتعزيزه. وأردف الخبير قائلاً: “على الرغم من أن سوريا، وبدعم روسي، يبدو أنها تفضل المشاركة الروسية أو التركية في إعادة تأهيلها الاقتصادي، فإن هذا لا يمنع الجهود الإيرانية للاندماج في جهود إعادة الإعمار في سوريا كما وتعمل في الوقت نفسه على تعزيز نفوذها الديني والثقافي، لا سيما في المناطق المأهولة بالشيعة”.

وتابعت الصحيفة، “منذ العام 2013، شددت طهران بشكل كبير قبضتها على الشؤون المدنية والاقتصادية في سوريا بحيث يكون من المستحيل تهميشها أو إخراجها بالكامل. في العام 2019، أعلنت طهران أنها ستبني شبكة سكك حديدية من غرب إيران إلى ميناء اللاذقية السوري على البحر المتوسط، في حين استحوذت الشركات الإيرانية على حصة في سوق العقارات في دمشق وأصبح رجال أعمالها شخصيات مؤثرة في العقارات السورية. بالإضافة إلى ذلك، خلال السنوات القليلة الماضية، حدثت تغييرات ديموغرافية مهمة في البلدات والقرى السورية التي هجرها اللاجئون الذين اضطروا إلى الفرار لإنقاذ حياتهم. كيف يشعر الإيرانيون حيال أنباء جهود العرب السنة لتطبيع العلاقات مع سوريا التي تهدف إلى التقليل من نفوذ وقوة الإيرانيين في البلاد؟”.

ونقلت الصحيفة عن الخبير قوله: “هناك تصوران في إيران حول هذه القضية. الأول، يرى أن الجهود العربية للتقرب من الأسد تهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني في البلاد وتعزيز النفوذ العربي وخاصة الخليجي على حساب إيران. مع ذلك، هناك افتراض أيضًا بأن التطبيع بين سوريا وبعض الدول العربية هو تعبير إيجابي عن اعتراف العالم العربي بأن إيران انتصرت في المعركة في سوريا وأن العرب يجب أن يتصالحوا مع النظام السوري. والجدير بالذكر أن هذه العملية تتم بالتوازي مع التقارب المستمر بين الإمارات العربية المتحدة وإيران في العامين الماضيين والمحادثات التي تتم بوساطة عراقية بين إيران والسعودية”.

وأشار الصحيفة إلى أن “روسيا كذلك قد أعربت عن دعمها لجهود التطبيع العربي تجاه دمشق. ووفقاً لماريانا بيلنكايا الخبيرة في الشؤون العربية والكاتبة في صحيفة “ذا كورسانت” الروسية، شجعت موسكو على إعادة العلاقات العربية مع سوريا وإعادة قبولها في جامعة الدول العربية لفترة طويلة، حيث تعتقد أن هذا يخدم المصالح الروسية في البلاد على أفضل وجه. وقالت للصحيفة: “بالإضافة إلى الجانب السياسي للتطبيع، هناك أيضًا زاوية اقتصادية. روسيا بحاجة إلى أموال الخليج لإعادة إعمار سوريا”. وسألت: “هل ستسمح هذه الخطوة بتنحية إيران جانبًا؟” وتابعت بالقول: “إيران مترسخة في الأرض السورية عسكريًا واقتصاديًا، ومن الصعب تصديق أنه يمكن الضغط عليها أو إخراجها”. وأردفت: “من الناحية النظرية، ستكون روسيا سعيدة بتقليص قوة إيران، ومن المعروف في موسكو أن إيران تقف في طريق عدد غير قليل من القضايا في سوريا. في الوقت عينه، روسيا واقعية للغاية، وتعتقد أنه لا يمكن دفع إيران عسكريا، لكن قوتها يمكن أن تتضاءل إذا كان هناك بديل”. ويتفق الخبراء على أن التقارب العربي سيكون تدريجياً وأن تحقيق توافق عربي سيستغرق وقتاً. ومن غير الواضح أيضًا الثمن الذي قد تحتاج دمشق إلى دفعه لاستعادة دعم العرب السنة وما إذا كانت مستعدة لدفعه بالفعل.

زر الذهاب إلى الأعلى