منظمات حقوقية تتهم إسرائيل بالفشل في التحقيق مع جنود قاموا بإطلاق نار على متظاهرين على طول حدود غزة
ذكر تقرير صدر يوم الخميس عن منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة، أن الجيش فشل في التحقيق في الأوامر الصادرة عن كبار القادة ولم يتخذ أي إجراء ضد أي جندي.
حتى شهر أبريل، من بين 143 قضية أحيلت إلى النيابة العسكرية من قبل آلية تقصي الحقائق الإسرائيلية، تم إغلاق 95 قضية دون اتخاذ أي إجراء آخر. ذكر التقرير إن حالة واحدة فقط – مقتل فتى فلسطيني يبلغ من العمر 14 عاما – أدت إلى إصدار لائحة اتهام فيما لا تزال بقية القضايا معلقة. استشهد التقرير بأرقام تم الحصل عليها من الجيش الإسرائيلي من خلال طلب حرية المعلومات.
وأدين الجندي المتهم “بإساءة استخدام السلطة لدرجة تعريض الحياة للخطر” في صفقة ادعاء وحكم عليه لمدة شهر من الخدمة المجتمعية، وفقا للتقرير.
وذلك بعد إصابة أكثر من 13,000 فلسطيني خلال 18 شهرا من المظاهرات، بما في ذلك أكثر من 8000 أصيبوا بنيران حية. وذكر التقرير أن 155 حالة على الأقل شملت عمليات بتر، وأن آلية تقصي الحقائق التابعة للجيش قد راجعت فقط 234 حالة قتل فيها فلسطينيون، بما في ذلك منهم غير مرتبط بالمظاهرات.
ابتداء من شهر مارس 2018، نظم نشطاء غزة احتجاجات أسبوعية كانت تهدف في البداية إلى تسليط الضوء على محنة اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، والذين يشكلون ثلاثة أرباع سكان غزة الذين يزيد عددهم عن مليوني شخص.
لكن حماس، الحركة التي تحكم قطاع غزة، سرعان ما استمعت إلى الاحتجاجات واستخدمتها للضغط من أجل تخفيف الحصار الإسرائيلي المصري المفروض على القطاع منذ ان استولت على السلطة من السلطة الفلسطينية (قتح) المنافسة في عام 2007.
في كل أسبوع، ولمدة 18 شهرا، تجمع آلاف الفلسطينيين في نقاط مختلفة على طول الحدود، غالبا بعد نقلهم في حافلات من قبل حماس. وقامت مجموعات من المتظاهرين بإحراق الإطارات ورشق الحجارة والقنابل الحارقة والعبوات الناسفة باتجاه القوات الإسرائيلية، وحاولوا اختراق السياج الحدودي. وفي بعض الحالات تم إطلاق النار على القوات الإسرائيلية.
أطلق قناصة إسرائيليون الذخيرة الحية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع من داخل السواتر الرملية على الجانب الآخر فيما وصفته إسرائيل بأنه دفاع عن النفس، لمنع آلاف الفلسطينيين – بمن فيهم نشطاء حماس المسلحين – من الاندفاع إلى إسرائيل.
قتلت النيران الإسرائيلية ما لا يقل عن 215 فلسطينيا، معظمهم غير مسلحين، بينهم 47 شخصا تحت سن 18 وامرأتان، وفقا لمركز “الميزان” لحقوق الإنسان في غزة. وأصيب المئات بجروح خطيرة في المظاهرات التي توقفت في أواخر عام 2019. وكان الكثيرين منهم بعيدين عن السياج الحدودي عندما أصيبوا.
وقتل جندي إسرائيلي برصاص فلسطيني عام 2018 وأصيب عدد آخر في هجمات أخرى.
أصدر الجيش بيانا ردا على تقرير المنظمات الحقوقية قال فيه إنه أجرى التحقيقات “بطريقة شاملة ومعمقة” وقدم لوائح اتهام في حادثتين أدين فيهما جنود وحكم عليهم “بالسجن أثناء الخدمة العسكرية، المراقبة وخفض الرتبة”.
وأضاف أن قضايا أخرى لا تزال معلقة “بسبب تعقد الأحداث والحاجة إلى فحص متعمق”. وأنه “تم التعامل مع عشرات الحوادث” منذ حصول “بتسيلم” على أرقامها التي قال الجيش إنها “قديمة”.
بدأت المحكمة الجنائية الدولية في وقت سابق من هذا العام تحقيقا في جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل وقصائل فلسطينية في غزة والضفة الغربية منذ عام 2014، عندما خاض الطرفان حروبا عدة منذ استيلاء حماس على السلطة.
رفضت إسرائيل التحقيق معتبرة أن المحكمة منحازة ضدها وأن نظام العدالة الإسرائيلي قادر على إجراء تحقيقاته الخاصة التي تفي بالمعايير الدولية. وأن قواتها الأمنية تبذل قصارى جهدها لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين والتحقيق في الانتهاكات المزعومة.
إسرائيل ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، لكن المسؤولين الإسرائيليين قد يتعرضون للاعتقال في دول أخرى إذا أصدرت المحكمة مذكرات توقيف. ويمكن لإسرائيل أن تمنع التحقيق من خلال إثبات أنها بدأت تحقيقات ذات مصداقية من جانبها.
وتقول منظمة “بتسيلم” والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن إسرائيل فشلت في تلبية تلك المتطلبات.
وقالوا إن تحقيقاتها “تتكون بالكامل من قيام الجيش بالتحقيق مع نفسه ولم يفحص لوائح سياسة إطلاق النار غير القانونية التي تم تسليمها لقوات الأمن أو السياسات التي تم تنفيذها أثناء الاحتجاجات”.
كبديل لذلك، التحقيقات تركز حصريا على الجنود ذوي الرتب الدنيا وعلى مسألة ما إذا كانوا قد تصرفوا بما يخالف هذه الأوامر غير القانونية.
قال يوفال شاني، زميل في معهد إسرائيل للديمقراطية وعضو في كلية الحقوق بالجامعة العبرية بالقدس، إن إسرائيل قد تكون عرضة لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية بشأن ردها على الاحتجاجات، لكن العتبة منخفضة نسبيا لأي دولة لكي تثبت أنها حققت مع نفسها بنفسها.
“الأمر بالتأكيد لا يتعلق بمقاضاة أي شخص فعليا. إن الأمر يتعلق حقا بإجراء تحقيق حقيقي في الحوادث”، قال. هذا أمر يقرره المدعون العامون، وليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستتعاون مع المحكمة في محاولة لإثبات قضيتها.
هناك أيضا سؤال حول ما إذا كان المدعون ينظرون إلى رد إسرائيل على الاحتجاجات على أنه إجراء لإنفاذ القانون أو على أنه صراع مسلح مع حماس.
وقالت إسرائيل إن نشطاء حماس كانوا من بين المتظاهرين، مبررة لوائح إطلاق النار في سياق الأعمال العدائية طويلة الأمد مع الحركة.
“في سياق النزاع المسلح، هناك حرية أكبر في استخدام القوة المميتة تجاه المسلحين”، قال شاني. “إذا كانت هذه عملية لإنفاذ القانون، فيجب في الأساس ممارسة مزيد من ضبط النفس”.
نقلا عن تايمز أوف إسرائيل ووكالات