الحكومة الأردنية إنكار ومساومة .. والشعب غضب ويأس
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تألف الحكومات أخطائها وتتعايش معها فتتكاثر هذه الأخطاء وتتجذر حتى تُصبح جزء من شخصيتها، وهنا يألف المجتمع هذه الأخطاء فتنتقل لعدد من أفراده على أنها تصرفات طبيعية، فتصبح الصورة ضبابية غير واضحة المعالم، فالخطأ أصبح أمر معتاد في ظل عدم وجود ضوابط تُظهره للعلن، لتختل الموازين والرؤيا، ليصبح مسمى الفساد، إستخدام القدرات المُتاحة، والخيانة تصبح وجهة نظر، فيما النصب والإحتيال والتسلق تصبح في مفهوم الحكومات والمجتمعات القدرة على إستخدام فن الممكن، وهنا تتوه البوصلة الشمولية ويلف الضياع الجميع كون هذه التجاوزات ستقودنا إلى درجات أعلى من الإنحلال الخُلقي والمجتمعي في ظل عدم قدرة الحكومات في الأساس على رؤية النقاط الخفية أو العمياء والتي أغفلتها في أوقات سابقة .
وحتى تتجاوز الحكومات العقلانية النقاط العمياء، وتعمل بإخلاص للإرتقاء لمستوى طموح الشعب أو لتتجاوز أخطاء الحكومات السابقة، فعليها أن تشاهد الصورة الكُبرى للوطن وقضاياه وأولوياته، حتى لا تجد نفسها بين مطرقة الشعب المنزعج منها وسندان الصالونات السياسية التي تنبش في قراراتها، وهذا واقع الحال في تعامل الشعب الأردني وأصحاب الخبرات السياسية مع الحكومة الحالية التي ابتعدت عن أرض الواقع، ولجأت إلى الحلول الصعبة وبالذات حين وقعت إتفاقية النوايا مع الكيان الصهيوني المعروفة ب”الكهرباء مقابل الماء”، وفي تعاملها مع وباء كورونا حيث كانت قراراتها متضاربة وغير مفهومة لأصحاب الإختصاص والعامة وأخيراً في زيادة الأسعار مع ثبات الدخل.
وحتى لا نظلم الوطن وأصحاب الخبرات والكفاءات فيه، فإن مجمل القرارات الحكومية تمثل القدرات الحقيقية للفريق الوزاري، الذي لن يكون قادراً على تجاوز الدور التمهيدي في الإدارة والإنتقال إلى أدوار متقدمة بالوطن، بسبب فشله في إيجاد حلول للثلاثية المُرعبة المتمثلة في “الصحة والتعليم والبطالة”، وحتى لا نظلم الحكومة الحالية أيضاً فإن للحكومات السابقة نقاط ضعف في عمليات البناء والخطط المستقبلية للثلاثية السابقة، فالحكومة الحالية بفضل قراراتها المرفوضة شعبياً وقصر نظرها تعيش في مرحلتي الإنكار والمساومة وهنا مكمن الخطر، كون الشعب يعيش في حالتي الغضب واليأس وستكون الكارثة أكثر إيلاماً إذا استمرينا في الإعتماد على أفراد الحكومة بعد الإعتزال بمنحهم مناصب في مجالس الدولة المختلفة، حيث تتزايد فجوة عدم الثقة والهوة بين الطرفين وعندها على أحدهما أن يُغادر، وقطعاً لن يُغادر الشعب الوطن.
إننا بحاجة إلى المُثل العليا التي تحرك ضمير الحكومة والشعب، والبحث في تغيير الأولويات لدى الطرفين، لكن إفتقاد لغة مشتركة جامعة بين الطرفين جعلهما يعتقدان ان كل منهما على صواب، بل ان الشعب فقد الثقة في الحكومة المفردة والحكومات مجتمعة، حيث يعتقد أن الكلمات الطموحة للحكومة ما هي إلا طريقة لتعزيز أنانيتها بفرص البقاء في منصبها لأطول فترة زمنية، لنجد أن الشعب مُحبط بسبب الحياة الجامدة سياسياً وإقتصادياً وعدم ظهور ضوء في نهاية النفق، حيث لا يلوح في نهايته إلأ المصالح الخاصة للحكومة ولرجال الأعمال.
وللإنصاف فإن طريق التغيير الشمولي لا يعرفه أحد، وكأنه مخفي كقرية يأجوج ومأجوج، لنجد أن لأصحاب كل توجه رأي يحتمل الصواب والخطأ ويختلف مع توجهات الآخرين، مما يجعلنا بحاجة ماسة إلى إطلاق حوار موسع بين مؤسسات المجتمع المدني الأكثر قرباً من الحالة المجتمعية والحكومة والمفكرين والمختصين، لتحديد الأولويات لعلنا نهتدي لطريق يعود بالفائدة على الجميع، أقول لعلنا ..!!