النساء هن الأكثر تضرراً بأوميكرون في غياب الدعم المالي الحكومي… سيكنّ مجدداً الأكثر تأثراً بالقيود التي يفرضها الوباء

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –  ماري آن ستيفنسن –

وجه وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد خطاباً للبرلمان ودافع عن مقترحه فرض قيود بغية مكافحة انتشار متحورة “أوميكرون”. زعم الوزير أن الحكومة تعلمت دروساً من موجات الإصابة والمتحورات السابقة وتعرف أنها بحاجة إلى سرعة التصرف كي تخفف الضغط المفروض على هيئة خدمات الصحة الوطنية. سواء كانت هذه التحركات ناجعة أم لا، فإن تطلع الحكومة إلى حماية القطاع الصحي أمر مبشر بالخير. لكن نهجها يطرح التساؤل التالي: ما الذي تفعله الحكومة لحماية أرزاق الناس؟ إنها تقوم بالقليل جداً على ما يبدو حتى الآن، وإن النساء هن من سيدفعن ثمن هذا الفشل في حسن التصرف مرة أخرى.

هذه المرة الثانية التي نعلم فيها من البداية أن تأثير القيود، بقدر ما قد تكون ضرورية، سيختلف بين النساء والرجال. وفقاً لمعهد الدراسات المالية، كان احتمال عمل النساء في أحد القطاعات التي تعرضت للإغلاق أكبر بمقدار الثلث مقارنة بالرجال – مثل قطاعات الضيافة أو محلات البضائع غير الأساسية أو الترفيه. وبينما يمكننا القول إن الحكومة ما زالت تتعامل بأريحية مع القيود الحالية حتى الآن، فإن ذلك لا يستطيع الحد من تغلغل القلق الذي تولّده “أوميكرون”.

تزخم الأخبار بتقارير عن إلغاء الحجز في الحانات والمطاعم والفنادق في غمرة المخاوف المتعلقة بالمتحورة الجديدة، كما أن رئيسة حكومة اسكتلندا نيكولا ستيرجن طلبت أمس من الناس في اسكتلندا تقليص الاختلاط إلى ثلاث أسر فقط، فارضة ببساطة قيوداً على احتفالات أعياد الميلاد من دون القيام بذلك رسمياً. إضافة إلى ذلك، يلجأ الكثير من الناس إلى التسوق عبر الإنترنت بدلاً من التزاحم في الأسواق الذي يشهده موسم الأعياد عادة، حداً للاختلاط.

حتماً سيؤدي كل هذا إلى تراجع في الإيرادات [العائدات]، الأمر الذي قد يدفع بدوره أرباب العمل إلى التفكير في خفض ساعات عمل الموظفين. مع عدم وجود مخطط تسريح مؤقت مدفوع الأجر، ستكون هذه ضربة مدمرة للعاملين، لا سيما أولئك الذين يعملون بعقود لا تضمن لهم حداً أدنى من ساعات العمل في وقت ما زالت صناعاتهم والعاملون فيها، وأغلبهم من النساء، في مرحلة تعاف. كما أن القطاعات المتأثرة مثل الضيافة وتجارة التجزئة والترفيه تعتبر أيضاً من بين القطاعات الأقل أجراً تاريخياً، ما يعني أنه من غير المرجح أن يتمكن العمال من تحمل الصدمة التي تتعرض لها أجورهم.

إلى جانب ذلك، تنتشر هذه المتحورة مجدداً في المدارس. رأينا في موجات الإصابة السابقة أن الأمهات هن من يتحمل العبء الأكبر من تقديم الرعاية الذي يترتب على هذا. في وقت سابق من هذا العام، وجد بحث أجرته منظمة “وومينز بادجيت غروب” (مجموعة الميزانية النسائية) الخيرية ومنظمات أخرى أن الأمهات ذوات الدخل المنخفض كن ثماني مرات أكثر عرضة لخطر فقدان وظائفهن بسبب إغلاق المدارس أو اضطرار الأطفال إلى الحجر الصحي خلال الموجات السابقة، مقارنة بأولئك الذين تزيد رواتبهم على 40 ألف جنيه استرليني في السنة. كما أن احتمال طلبهن إجازة غير مدفوعة الأجر من العمل لرعاية الأطفال خلال تلك الموجات السابقة كان ضعف الآباء.

ببساطة، دفعت النساء الضريبة الأكبر خلال العامين الماضيين، وستكون النساء مرة أخرى، الأكثر تأثراً بـ”أوميكرون” إذا فشلت الحكومة في تقديم الدعم المالي. بعد مرور حوالى عامين على بدء الوباء، لا يزال التعويض المالي القانوني الزهيد للإجازات المرضية، البالغ 96 جنيهاً استرلينياً في الأسبوع، مبلغاً لا يكفي المعيشة وذلك باعتراف وزير الصحة السابق مات هانكوك. حتى أن عشر النساء لا يتقاضين رواتب سنوية تؤهلهن للحصول على هذا التعويض الضئيل. بالطبع، يضاف كل هذا إلى تخفيض المساعدات الحكومية للأسر ضعيفة الدخل 20 جنيهاً استرلينياً، وهي خطوة من المحتمل أن يكون لها تأثير أكبر على النساء وفقاً لبحث أجرته جمعية “ستيبتشينج” الخيرية التي تدعم الأشخاص الذين يمرون بضائقة مالية.

لا يتعين على الحكومة إصدار تشريعات بخصوص القيود كي تؤثر في السلوك العام، ستكون التحذيرات من “تسونامي” من الإصابات والخطابات الموجهة إلى الشعب كفيلة بأداء هذه المهمة نيابة عنها. إن التأثير المتعمد على السلوك العام من دون تقديم الدعم المالي المناسب يعد تقاعساً.

إذا كانت هذه الحكومة حريصة كما تقول على تعلم الدروس من الموجات السابقة، فعليها أن تتخذ إجراءات الآن للحد من تأثير هذا السلوك المتغير. يعني هذا إعادة تطبيق مخطط التسريح المؤقت مدفوع الأجر، والبدء مباشرة من القطاعات التي شهدت تراجعاً في أعمالها نتيجة للقلق العام، ورفع المساعدات الحكومية مرة أخرى بمقدار 20 جنيهاً استرلينياً، في خطوة متأخرة جداً، وزيادة التعويضات المرضية القانونية. من دون هذه التدابير، سنرى الفئات الأضعف اقتصادياً لدينا تدفع ضريبة موجة أخرى، وإذا كنا نتبع مسار الحكومة ونستند إلى البيانات، فنحن نعلم أن النساء هن من سيدفعن ذلك.

*  ماري آن ستيفنسن هي مديرة منظمة مجموعة الميزانية النسائية

زر الذهاب إلى الأعلى