عندما يتكلم د. جمعان
مبارك فهد الدويلة

النشرة الدولية –

اليوم سأعمل مقارنة بين شخصين في آخر ظهور إعلامي لهما، الأول ذو توجهات إسلامية وفكر عقائدي، والثاني ذو توجهات علمانية وفكر ليبرالي!

نبدأ بالدكتور جمعان الحربش، النائب السابق والعائد مؤخراً من تركيا، بعد أن تهجّر فيها لعدة سنوات نتيجة دفاعه وزملائه عن المال العام ومطالبته بمحاسبة المتطاولين عليه، ثم حصل على عفو أميري سامٍ نتيجة للحوار الوطني بين ممثلي المعارضة البرلمانية ورئيسي السلطتين.

ظهر الدكتور الحربش في أول مقابلة متلفزة له مع إحدى المحطات المحلية منذ عودته من المهجر، وكان لقاءً صحافياً شاملاً، تحدث فيه عن كل شيء مطروح في الساحة السياسية، وبالذات إرهاصات الحوار الوطني وما نتج عنه، ودوره وإخوانه في هذا الحوار، ورأيه في المعارضة البرلمانية، ووجهة نظره في شعار رحيل الرئيسين، وغيرها من المواضيع التي تهم رجل الشارع السياسي.

الدكتور جمعان طوال ساعة ونصف الساعة من الحوار الشيق كان هادئاً، متزناً، واثقاً مما يقول، وكان واضحاً وصريحاً في إجاباته، لم يتصنع الكلام ولم يتكلف الحديث، ولم تبدر منه أي إساءة لخصومه، بل لم يسفّه آراءهم ومواقفهم، ولم يتقول على أحدٍ منهم، وكان صادقاً في كل حرف قاله، ولم نسمع أحداً أنكر عليه أي معلومة ذكرها، بل إن خصومه السياسيين هم أول من أثنى عليه في حواره وطريقة تناوله للمواضيع.

وعندما يتكلم العلماني

بالمقابل، خذ مثلاً شخصاً آخر، في واحدة من مقالاته المنشورة، أكد على عدد من مبادئه، وظهر لنا إصراره عليها رغم علمه بشذوذ هذه الأفكار، فهو يروي حديثاً مختلقاً من خياله بينه وبين آخر أظهره كأنه ناصح له، ويؤكد موقفه من تأييد حقوق المخنثين، والشواذ جنسياً، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، ويؤكد تأييده للفتاة أن تسكن في غرفة مع رجل أجنبي لا تحل له (!!) أي أنه يؤيد الزنا والفاحشة! يقول هذا الكلام من دون حياء أو خجل! ولكي يبرر لصاحبه الذي يجادله عدالة أفكاره، يتناول حدثاً خاصاً من أروقة المحاكم، ثم يعرضه بشكل مشوه وبتلفيق كبير لا يستبعد من أصحاب الأفكار الشاذة، فيوحي للقارئ أن حكماً صدر بالإدانة لشخصية إسلامية لأنه اختلى بامرأة في أحد الفنادق، وهو، أي هذا الكاتب العلماني، يعلم علم اليقين أن حكم الإدانة الذي صدر هو حكم نفقة للزوجة على زوجها.. وأستغرب كيف سمح لنفسه بتناول هذه الأمور الشخصية في هذا الشكل الفج وغير المقبول ذوقاً وخلقاً.

بعض العلمانيين لا يتورعون عن الافتراء على خصومهم، والتقول عليهم، ولو كان فيما ينشرونه زعزعة للأمن الاجتماعي، والوحدة الوطنية.

كل شيء يهون، إلا أن يعلن في مقالته عن تأييد الزنا والفاحشة واللواط عينك عينك، من دون رادع يردعه، ومن دون مانعٍ يمنعه، ثم ينتقد خصومه فيما ليس فيهم.

فرق بين من يتهم خصومه بالفحشاء، وفي نفس صحيفة الاتهام يطالب بهذه الفحشاء والمنكر.

قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (النور: 19).

زر الذهاب إلى الأعلى