التاريخ ٤ /٢ / ٢٠٠٧
بقلم: نيسان سليم رأفت

 

النشرة الدولية –

 

الساعة العاشرة والربع حسب توقيت بغداد

ليلة شتاء باردة جداً والمطر يتصبب بغزارة  صوت التلفاز  على قناة إخبارية ٠٠٠

الأولاد نائمون والأب متعب منهك من الوضع العام في العاصمة يطالع الأخبار من قناة لقناة بروح خاوية ٠٠٠

بعد أن أنتهيت من ترتيب  البيت طلعت السلم إلى غرفتي سحبت الكرسي إلى النافذة المطلة على مرآب البيت والباب الخارجي تعودت بعد حادثة خطف يوسف أن أبقى أراقب البيت حتى الصباح وحتى  أقتل الوقت كنت أكتب الليل بكل هواجس الجسد الفاقد للأمان الذي أخترقه  الخوف في مجاهيل الروح التي ترفض الموت في قبضة الغدر

كان لا بد أن أكون أنا السند بعد أن تصدع الكتف الذي كان يلفنا  تحت جناحيه ٠٠٠٠

ساعات طويلة يمكث القلم قابعاً على الورق بخرسه وبصري يداعب  صفصافتي التي كبرت ولَم تبارح عروقها الضاربة في عمق روحي وكم ارتوت من أخطر أسراري وموسيقى دمي ودموعي وأبتسامتي نديمتي ٠٠٠٠

وفِي لحظة أنتبهت إلى وقوف سيارة لم أميز لونها تحت زخات المطر مصابيحها الأمامية عالية بقيت أحدق في العتمة حتى رأيت شخصا يترجل إلى كابينة الكهرباء في ركن البيت ويقوم بكسرها ويهم بالرحيل بسرعة فائقة جرح أذني صرير أطارتها.

كل مافي البيت ساكن والظلام شل أعصابي استعنت بمصباح يدوي نزلت السلم بهدوء حتى وصلت باب المدخل ونكست المصباح وبقيت أراقب من خلف الستارة لم أَجِد أحد انوار الشارع كشفت عن باحة البيت كأنني في كوكب ميت ٠٠٠

أنبلج الصبح والنعاس يجرح جفوني

مازلت خائفة والقلق يأكلني لا أستطيع أن أخبرهم عما حصل حضرت لهم الفطور كالعادة وبعد أن أمنت بأنهم لم يستشعروا شيء عندها  خرجت للمرآب  كان الهواء بارداً جداً والأرض رطبة وصلت إلى باب البيت ووقفت على بعد متر تقريبا حملت بيدي عصا حركت بها الزجاج المتناثر على الأرض حتى وجدت ظرفاً أبيض سحبته بذهول وفتحته  وحين رأيت ما به سقط جسدي بأكمله على الأرض وجلست بهيئة السجود فقط لأستوعب ما كتب٠

كانت الكلمات ضبابية من كثرة الدمع الذي ملأ صدري قبل عيني…

ثلاث رصاصات و ٤٨ ساعة فقط إمامي لأشد الرحيل وإلا ٠٠٠٠

لملمت دمعي واعتدلت بقوامي ودخلت إلى البيت

الأولاد تعج الممرات باصوات لعبهم والأب مشغول بمطالعة الأخبار والحيرة أثلجت أطرافي

أين أولي وجهتي وأي غربة أبشع من الغربة بين أهلك

حملت بيدي صحناً من الكعك ورحت إلى بيت جارنا أبو كرار كانت فقط حجة للخروج وحين فتحت لي الباب أم كرار جارتي رميت رأسي على صدرها وأجهشت ببكاء يتمي وحسرات سنواتي المالحة حتى طلبت رؤية أبو كرار وأعطيته الظرف بعد أن قصصت له ما حصل حمل راْسه بكفه وقال

جهزي الأولاد وأبوهم واليوم أحاول أن أخرجكم بعد منتصف الليل ٠٠٠

كنت أثق بحكمته لهذا طلبت منه أن يأتي معي ليتكلم مع ابو يوسف

وحصل وجرت الأمور بسرعة في ساعات اللاوعي أتذكر أنني لم أكن أحسن عمل أي شيء حتى أصبحت الساعة العاشرة ليلاً وطرق الباب ابو كرار وقال بأن السائق سياتي لأخذنا عند الواحدة ليلاً والمطر عاود بالهطول والوقت يشتتني بكل زوايا وأركان بيتي الذي عمرته بضحكات لملمتها من صور وذكريات أهلي تعمدت أن اترك كل شيء على حاله لحين عودتي إليه وخرجنا من البيت وأسئلة أولادي (وين ماما رايحين) مضت بِنا السيارة وكانت المسافات تدهس حرقتي ولوعتي على مملكتي التي لفظتني بلؤمها المجبر لنجد لنا مأوى بغربة صديقة ليصرخ بي دمعي أن يكف عن النزول قد وصل القهر حده

بعد يومين يصل لي خبر  سرقة البيت ومن ثم حرقه ٠٠٠

كتمت القصة في صدري لأيام

حتى تعافيت من الصدمة.

لا تليق بِنَا الشكوى

لكننا نستعيد الذكرى لأنتصارنا على وجعها

ومثل نوح الحمام نوحي

أبقى أدور على الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى