مبادرة أمريكية تجاه طهران مع دخول المحادثات النووية مراحلها الأخيرة

النشرة الدولية –

اتخذت الولايات المتحدة، الجمعة، خطوة تتعلق بالبرنامج النووي المدني الإيراني بدا في الشكل أنها تقنية، لكنها تمثّل مبادرة ملحوظة تجاه طهران مع دخول المحادثات لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني مراحلها النهائية.

فمن دون أي إعلان رسمي، أعادت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن العمل بإعفاءات أساسية كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية غير عسكرية من التهديد بفرض عقوبات أمريكية وهي إعفاءات كانت ألغيت خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

ويسمح الإعفاء للدول الأخرى، والشركات، بالمشاركة في البرنامج النووي المدني الإيراني دون فرض عقوبات أمريكية عليها، باسم تعزيز السلامة ومنع الانتشار.

وقال مسؤول أمريكي كبير لوكالة ”فرانس برس“، الجمعة: ”قررنا إعادة العمل بإعفاء من العقوبات من أجل السماح بمشاركة خارجية“ لضمان ”عدم الانتشار“، بسبب ”مخاوف متزايدة“ ناتجة عن التطوير المستمر للأنشطة النووية الإيرانية.

وأضاف أن هذا القرار يجب أن يتيح أيضًا ”تسهيل“ ”المناقشات الفنية“ التي تعد ”ضرورية في الأسابيع الأخيرة من المحادثات“، في إشارة إلى المفاوضات التي تستأنف خلال الأيام المقبلة في فيينا بين طهران والقوى الكبرى الأخرى.

وأوضح أن ”الإعفاء في حد ذاته سيكون ضروريًا لضمان الامتثال السريع لإيران لالتزاماتها النووية“ في حال التوصل إلى تسوية في فيينا حيث تُجرى المفاوضات.

وأكد أنه حتى دون اتفاق في العاصمة النمساوية، فإن ”هذه المناقشات الفنية ستظل تساهم بتحقيق أهدافنا المتعلقة بعدم الانتشار“.

لكن واشنطن تؤكد أن ذلك ”ليس تنازلًا لإيران“ كما أنه ليس ”إشارة إلى أننا على وشك التوصل إلى توافق“ لإنقاذ اتفاق، العام 2015، الذي يفترض أن يمنع إيران من تطوير قنبلة ذرية.

وانسحب ترامب أحاديًا، في العام 2018، من الاتفاق النووي وأعاد فرض معظم العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، في إطار حملة ”ضغط قصوى“.

وكان ترامب عمد في بادئ الأمر إلى تمديد العمل بهذه الإعفاءات بانتظام، مشيرًا إلى الحاجة لـ“تقليل مخاطر الانتشار“. لكن إدارته ألغت، في أيار/مايو 2020، هذه الإعفاءات عندما فشلت  بدفع الجمهورية الإسلامية نحو التوصل إلى ”أفضل اتفاق“.

وأبدى الأوروبيون وقتذاك ”أسفهم العميق“ لهذا القرار، معتبرين أنه يُزيل ”الضمانات“ المتعلقة بالطبيعة ”السلمية“ للبرنامج الإيراني.

وتتعلق هذه الإعفاءات بشكل خاص بمفاعل طهران المخصص للأبحاث، ومفاعل الماء الثقيل في آراك الذي تم تحويله تحت أنظار المجتمع الدولي بشكل يجعل من المستحيل أن ينتج البلوتونيوم للاستخدام العسكري.

وردًا منها على العقوبات الأمركية، منذ العام 2018، حررت السلطات الإيرانية نفسها تدريجيًا من القيود التي فرَضَها الاتفاق النووي على أنشطتها، إلى درجة أنها باتت حاليًا بحسب خبراء على بعد أسابيع قليلة فقط من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي.

ويريد الرئيس بايدن العودة إلى اتفاق 2015 لضمان بقاء الأنشطة الإيرانية مدنية وسلمية بحتة، شرط أن تعود إيران أيضًا إلى التزاماتها.

وقالت باربرا سلافين المتخصصة في شؤون إيران في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، إن إعادة العمل بالإعفاءات ”شرط أساس لاستعادة الاتفاق“ النووي، و“بالتالي فهي إشارة جيدة على إمكان تحقيق“ ذلك.

وتهدف المفاوضات الجارية، منذ الربيع الماضي، في فيينا إلى إيجاد تسوية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وتُجرى المحادثات بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، بين الإيرانيين والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق (ألمانيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وروسيا)، وبمشاركة غير مباشرة من الأمريكيين.

وتم إجراز تقدم بعد أشهر من الجمود، وعُلّقَت المناقشات، الأسبوع الماضي، ومن المقرر أن تستأنف خلال الأيام المقبلة.

وقال عدد من المفاوضين إن وقت ”القرارات السياسية“ قد حان للتوصل إلى اتفاق، مؤكدين أنه لم يتبقَ سوى بضعة أسابيع لتجنب فشل الدبلوماسية، ولجوء واشنطن أو إسرائيل إلى خيارات أخرى، بما في ذلك العسكرية منها، والتي يمكن أن تتسبب في تصعيد التوترات.

زر الذهاب إلى الأعلى