هل تذكرون هذا الحدث؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
أربعون عاماً مرت على ولادة شركة “صخر”، يومها أي في عام 1982 كنا في عز الشباب، تفتحت أعيننا على أول مشروع يخرج إلى النور وباللغة العربية عن طريق الحاسوب.
شاع اسم “صخر” ومؤسسها محمد بن عبدالرحمن الشارخ لتعريب الكمبيوتر الذي انطلق من الكويت، يوم لم يكن أحد يفكر في منطقتنا العربية أو يجرؤ على أن يستثمر ماله في مشاريع التكنولوجيا، كان في سباق مع بيل غيتس الذي حظي بدعاية ومكانة غير مسبوقة، اليوم نسي الناس محمد الشارخ و”صخر” ولم يعودوا يتذكرنه إلا في المناسبات، قبل مدة توفي الدكتور نبيل علي، سارعت في حينه السيدة الفاضلة موضي الصقير حرم السيد محمد الشارخ إلى تعريف الرأي العام به، وكتبت تقول “إن المرحوم الدكتور نبيل علي، كان رئيس المطورين بشركة (صخر) وإن أول من أدخل لغة الضاد هو محمد الشارخ، الذي أنفق الملايين من ماله الخاص على تطوير اللغة العربية واستعان بمطورين كثر من الشباب العربي، ومن بينهم د.نبيل علي، وقام بإرسالهم إلى اليابان في بداية الثمانينيات ليتعلموا لغة تطوير ويطبقوها على اللغة العربية، أما د.نبيل علي فقد أرسل إلى سان فرانسيسكو للمهمة ذاتها”.
محمد الشارخ أبو اللغة العربية في الكمبيوتر شركته خرجت من رحم الكويت واستقطبت الأدمغة والعقول المميزة من مختلف البلدان العربية، استطاعت أن تخطو نحو العالمية وهذا هو سر قوتها ونجاحها.
أربعون عاماً من الولادة وما زالت “شركة صخر لبرامج الحاسب الآلي والمعلومات” تنتج وتضخ برامج معرفية في الأسواق، فقد أسست موقعاً إلكترونياً باسم “أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية”، ويضم نسخاً من أعداد بعض المجلات الأدبية والثقافية الصادرة من عام 1980 حتى 2000، احتوى الموقع على أكثر من 8 آلاف عدد من المجلات وأكثر من 20 ألف كاتب وأكثر من مليون صفحة.
“صخر” يسجل لها أنها كانت من أولى الشركات في إنتاج البرامج التي تهتم بشؤون المكفوفين وذوي الهمة والإعاقة البصرية ومن أشهرها تطبيق قارئ الشاشة، وهو ما ساعد تلك الفئة في تذليل صعوبة قراءة النصوص باللغتين العربية والإنكليزية.
قدمت خدمة الترجمة الآلية من العربية إلى الإنكليزية وبالعكس، وهي خدمة تتمتع بسهولة الاستخدام ويستطيع أي شخص الاستفادة منها، فقد كسرت الحواجز اللغوية بين مستخدمي اللغتين العربية والإنكليزية، كانت البداية إنتاج برامج ألعاب أطفال عام 1982 والتي تعرف بـ”أتاري” ثم اتجهت إلى إصدار برامج الأطفال على الكمبيوتر تحت اسم “صخر MSX” ثم تطور إلى منتج جديد “صخر PC”.
اعتمد الشارخ في مشروعه على الكفاءات العربية بالدرجة الأولى، لكنه واجه تحديات كبرى في وجه عمالقة التطوير والبرمجة وبالرغم من تلك العوائق المريرة استمر بالنشر الإلكتروني وتطويع التقنيات الحديثة في خدمة اللغة العربية، والتي أضافت إلى رصيده الوطني، رصيداً آخر لا يقل أهمية بأنه بات أحد الرواد في خدمة اللغة العربية “الفصحى”.
هذه اللغة تحتاج إلى وقفة كما فعلت أستاذة اللغة العربية في الجامعة اللبنانية الزميلة سوسن الأبطح في مقالتها في “الشرق الأوسط” بقولها “صحيح أنها تجمدت ونتاجها شحيح إنما أمة لا تنتج بفصحاها، هل تصبح أدمغة أهلها أكثر ذكاء بعاميتهم”، ثم تستتبع قولها، “من دون العربية، نتحول إلى فتات أمة مشرذمة، لا قيمة اقتصادية لها ولا وزن اجتماعياً، لغة حية فتية في المرتبة الرابعة عالمياً على الإنترنت وقبل اللغة الفرنسية، رغم كل ما يشاع من اللغات القليلة المعتمدة في الأمم المتحدة، يتعاطى بها ويفهمها 400 مليون شخص لو بسطنا التخاطب بها، بدلاً من أن نجلدها”، فسنكون، وهذا من عندي، جاحدين بحق أنفسنا وتاريخنا ومستقبلنا، ومن هذه الزاوية أرى دور محمد الشارخ ساطعاً حين بادر إلى جعلها متاحة للعالم بواسطة الكمبيوتر قبل أن يسبقه أحد.