تونس.. تأجيل معرض الكتاب للعام المقبل يثير غضبا وسط انتقادات لوزارة الثقافة
النشرة الدولية –
أثار قرار وزارة الثقافة التونسية إلغاء المعرض الدولي للكتاب في دورته المقبلة لسنة 2022، وإرجاء تنظيمها إلى العام المقبل، جدلا واسعا وردود فعل متباينة، ذهب أكثرها إلى استنكار الخطوة التي اعتبرها البعض ضربة قاصمة لقطاع النشر والكتاب، حسب ما نشره موقع إرم نيوز.
وأبدى عدد كبير من الكتاب والناشرين في تونس معارضتهم لإلغاء تنظيم معرض الكتاب، في حين وصف آخرون القرار بالمتهور وغير المسؤول.
وشن نشطاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي حملة انتقاد لاذعة على خلفية إعلان وزارة الثقافة التونسية تأجيل الدورة الـ37 من معرض تونس الدولي للكتاب، التي كانت مقررة لشهر نيسان/أبريل من العام الجاري إلى الشهر نفسه من العام 2023، معتبرين أن إقامة المعرض كل عام تعد تقليدا ثقافيا دأبت عليه الأوساط الأدبية والفكرية طيلة عقود.
وقالت وزارة الشؤون الثقافية في تونس إنه ”على عكس ما تمّ تداوله في بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتم إلغاء تنظيم الدورة 37 من معرض تونس الدولي للكتاب، بل تقرر تأجيلها إلى شهر أبريل 2023 حتى يعود المعرض إلى موعده المعتاد في شهر أبريل من كل سنة.
وأضافت الوزارة، في بيان رسمي، أن ”الدورة الماضية من المعرض كانت استثنائية والتأمت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2021، وهو موعد استثنائي بعد إلغاء التظاهرة لعامين متواليين بسبب جائحة كورونا، وعليه، فإن وزارة الشؤون الثقافية تؤكد أن الدورة 37 من معرض تونس الدولي للكتاب ستنتظم خلال شهر أبريل 2023 ليعود بذلك المعرض لموعده الأصلي“.
ولم ينهِ بيان وزارة الشؤون الثقافية الجدل، حيث اعتبر نشطاء مهتمون بقطاعي النشر والأدب أنه من غير المجدي إلغاء التظاهرة للعام 2022، باعتبار أن ذلك سيتسبب، على حد قولهم، في شلل للحركة الثقافية والاقتصادية، ويزيد في استفحال أزمة القراءة والإقبال على الكتاب في تونس.
وقال الناشر والمتخصص في الشأن الثقافي كارم الشريف إن قرار إلغاء معرض الكتاب الدولي غير مسؤول، ويأتي في سياق مضاد للحراك الثقافي“.
وأكد الشريف، في تصريح خاص لـ“إرم نيوز“، أن ”ما قامت به الوزارة هو إلغاء صريح وليس تأجيلا، وهو ما يروج له المسؤولون محاولين استغباء غيرهم، متجاهلين أن الأغبياء وحدهم من يستغبون الآخرين، القرار كان بمثابة جريمة بحق الكتاب ومهزلة تكشف استمرار حالة القحط الثقافي الغارقة فيها الوزارة منذ العشرية الأخيرة على كل المستويات“، وفق تعبيره.
وتساءل الكاتب المتخصص في الشأن الثقافي قائلا: ”أليست الوزارة التي اتخذت قرار الإلغاء هي نفسها التي قالت خلال العام الماضي إن تنظيم معرض الكتاب مهما كان ضعيفا أفضل من إلغائه؟“.
وتابع يقول إن ”معرض تونس الدولي هو أهم تظاهرة ثقافية تعرفها تونس، لكن القائمين عليه هم سبب فشله؛ لأنهم لا يفكرون في الرقي به وتطويره، بل في الإتجار به وغايتهم الربح المادي، وينبغي على رئاسة الجمهورية ووزارة الثقافة أن تعي ذلك جيدا“.
وحمّل كارم الشريف في حديثه مسؤولية إلغاء دورة 2022 من معرض تونس الدولي للكتاب لوزارة الثقافة دون غيرها، مؤكدا أنها بحثت عن أسهل الحلول وأقربها في وزارة تعاني كل مشاريعها من فقر ثقافي وابداعي، وهو ضرب في العمق للثورة الثقافية التي قال رئيس الدولة قيس سعيد إنه سيعمل على تكريسها.
وأضاف: ”يكفي ما يعيشه الكاتب من تهميش وإقصاء وإهمال، من غير المعقول أن يحرم أيضا من فرحته بالمشاركة سنويا في معرض دولي للكتاب بمثل مكانة معرض تونس، كل الجمعيات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني مدعوة إلى التنديد بهذا القرار والعمل على مراجعته لأنه وصمة عار في تاريخ الثقافة في تونس.“
في المقابل، كشف الكاتب العام لاتحاد الناشرين التونسيين سميح بن مسعودي أن قرار التأجيل لم تتخذه وزارة الشؤون الثقافية بطريقة فردية وإنما حصل في أعقاب اجتماع ضم كل الأطراف المتداخلة في القطاع، وهي اتحاد الناشرين واتحاد الكتاب التونسيين، ليتم التوصل إلى حل توافقي بإرجاء التظاهرة إلى أبريل 2023؛ بهدف إعادته إلى موعده الأصلي.
وأضاف بن مسعودي أن عدم توفر فضاء شاغر حاليا لاحتضان حدث بحجم معرض الكتاب يقف أيضا وراء التأجيل، بالإضافة إلى تزامن شهر أبريل لسنة 2022 مع حلول شهر رمضان المعظم.
وبخصوص الحملة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي ضد القرار، قال المتحدث إن ذلك مظهر من مظاهر الاختلاف في الآراء، مشددا على أن معرض الكتاب يتسع للجميع ويضع مصلحة الناشرين ومصلحة الكتاب التونسي في مقام أول.
ان جهته، قال علي السياري الكاتب التونسي والباحث المتخصص في المجال الثقافي إن قرار وزارة الثقافة منطقي، باعتبار أن تأجيل المعرض سيسمح بتثبيته في موعده الأول، أي نهاية شهر أبريل/نيسان من كل عام، خصوصا أن الدورة السابقة لم يمر عليها سوى بضعة أشهر.
وقال السياري، في حديثه لـ“إرم نيوز“: ”الموسم الثقافي القادم يمتد من أواخر العام الحالي حتى منتصف 2023، وبرمجة معرض تونس الدولي للكتاب في شهر أبريل من ذلك العام لن يشكل عائقا في المسار الثقافي والأدبي، من المهم منح الفرصة لناشرين جدد وكتاب ليجدوا الوقت الكافي لطرح إنتاجاتهم وأعمالهم في الدورة المقبلة“.