ميليشيات ليبية تجنّد مهاجرين غير شرعيين لترسيخ نفوذها في الغرب

النشرة الدولية –

تواجه الميليشيات المسلحة في ليبيا اتهامات جديدة من أوساط حقوقية بتجنيد المهاجرين غير الشرعيين الذي انتهى بهم المطاف في معسكرات ومراكز احتجاز تفتقر لأدنى مقومات العيش في بلد مزقته الصراعات منذ عام 2011.

وفي بيان نشرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في وقت سابق، حذرت من أن “المهاجرين غير النظاميين يتم توظيفهم واستغلالهم للقتال في صفوف العديد من التشكيلات المسلحة خلال أعمال العنف التي تندلع في المدن الليبية بين فترة وأخرى، ناهيك باستغلالهم في أعمال شبه عسكرية من بينها تنظيف الآليات العسكرية ونقل الذخائر وتجهيزها للقتال، ما يشكل جريمة قد ترقى إلى مصاف جرائم الحرب بموجب القانون الدولي الإنساني”، حسب ما نشرته جريدة النهار العربي.

أعادت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها مدينة الزاوية غرب ليبيا في نهاية الأسبوع الماضي والتي دارت رحاها بين مجموعتين تابعتين لحكومة “الوحدة الوطنية” برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الحديث عن تجنيد المهاجرين في صفوف الميليشيات التي تسيطر على المشهد بقبضة من حديد غرب البلاد.

وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة إن “ما أوردناه في البيان يؤكد ما رصدناه خلال السنوات الماضية وصولاً إلى المعارك التي حدثت الأيام الأخيرة في الزاوية. وقد لاحظنا حالات عدة وسجلنا وقائع، سواء باستغلال المهاجرين للقتال في صفوف أطراف النزاع بشكل مباشر أو من خلال توظيفهم في أعمال شبه عسكرية مثل تنظيف الأسلحة ونقل الذخائر والآليات والإمدادات العسكرية وغيرها”.

وأضاف حمزة في حديث الى “النهار العربي” أن “هذه الأعمال موثقة من خلال الرصد، ناهيك بتجنيد المهاجرين في شبكات الاتجار بالبشر وتهريب الوقود وبيعه بطريقة غير مشروعة في السوق السوداء، وذلك من خلال شبكات إجرامية عدة تورطهم في الجريمة غير المنظمة مثل تهريب البشر”.

وشدد على أن “هذا الوضع دفعنا إلى رفع كتاب للنائب العام نبهنا فيه من خطورة وجود مراكز إيواء للمهاجرين تابعة لأجهزة أمنية غير متخصصة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، أو كتائب مسلحة تابعة لرئاسة الأركان يوجد لديها مراكز إيواء من بينها مركز المايا التابع لجهاز دعم الاستقرار وتتولاه الكتيبة 55 مشاة التابعة لرئاسة الأركان، وهو ما يتنافى مع اختصاصات هذه الوحدات غير المعنية بملف الهجرة”.

وكانت اشتباكات الزاوية أدت إلى مقتل 5 أشخاص من بينهم طفل بحسب ما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ، في أحدث جولة من الصراع المستمر منذ سنوات بين الميليشيات، وذلك بعد محاولات فاشلة من رئيس حكومة الاستقرار الوطني فتحي باشاغا لدخول العاصمة طرابلس وصده من ميليشيات موالية لخصمه الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.
ظاهرة قديمة
يرى محللون عسكريون وسياسيون ليبيون أن توظيف المهاجرين في الأعمال القتالية ظاهرة قديمة، وخصوصاً مع مرور عقد على سقوط البلاد في مستنقع الفوضى ما جعل أطراف الصراع بحاجة إلى المزيد من العتاد العسكري والمقاتلين.
لا توجد أرقام رسمية حول أعداد المهاجرين في ليبيا، لكن ثمة تقارير تشير إلى أنهم يقدرون بأكثر من 600 ألف شخص انقطعت بهم السبل في هذا البلد الذي يشهد تفلتاً أمنياً وسياسياً وسط تنافس محموم على النفوذ.
وقال المحلل السياسي محمد قشوط إن “الاستعانة بالميليشيات المسيطرة كمرتزقة ليس وليد اللحظة في المنطقة الغربية لليبيا، بل بدأ منذ أن شنوا هجومهم على العاصمة طرابلس في العملية التي سمّوها فجر ليبيا عام 2014”.
ويرى قشوط في حديث إلى “النهار العربي” أن “المرتزقة أصبحوا في بعض الميليشيات قوة ضاربة بعدما تم إستغلال غالبيتهم نتيجة الهجرة غير الشرعية ولحاجتهم إلى المال وانعدام أي اعتقاد ديني لديهم قد يردعهم عن القتل والسرقة، بل تطور الأمر وصارت الاستعانة بالمرتزقة لا تقتصر على الحروب فقط بل في تهريب الوقود وتجارة المخدرات، وأغلب أولئك العناصر تتحدر أصولهم من تشاد”.
وعن عدم التصدي لهذه الظاهرة قال إن “الظروف التي تعيشها ليبيا منذ سنة 2011 لا تخفى على أحد، وخصوصاً منذ عام 2014 حيث انعدمت سيادة القانون ومؤسسات الدولة في المنطقة الغربية وتم القضاء على الجيش والشرطة أمام سيطرة الميليشيات ودعمها بالمال والسلاح”.
وخلص قشوط إلى أن “الميليشيات هي من صارت تدير المشهد العبثي الذي تغذيه أيضاً دول خارجية لرغبتها في أن تبقى ليبيا في حالة هشة كما هي الآن”.
وفي ظل فشل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وعجز المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية عن توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية وتفكيك الميليشيات وحلّها، فإنّ حلّ عقدة المجموعات المسلحة ليس متيسراً على المدى القريب رغم ما تشكله من تهديدات، سواء للموارد الليبية من نفط وغيره أو للمهاجرين وحتى للمدنيين الليبيين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى