كوريا الشمالية تصعّد استفزازاتها العسكرية لتحقيق أهداف عدة

النشرة الدولية –

شهدت الأسابيع الأخيرة دخول كوريا الشمالية فترتها الأكثر تكثيفاً على الإطلاق للتجارب الصاروخية، ويرى المحلل الأميركي سكوت سنايدر، أن ذلك إلى جانب العشرات من التجارب التي أجرتها في الفترة من شهر سبتمبر إلى نوفمبر، بما في ذلك الصواريخ الباليستية متوسطة المدى والصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ يعد جزءاً من خطة طويلة الأمد للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لتعزيز القدرات العسكرية لبلاده.

ويضيف سنايدر أن هدف التخطيط للتجارب المكثفة هو التعبير عن استياء كوريا الشمالية إزاء سلسلة التدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية منذ شهر سبتمبر الماضي.

وقال سنايدر، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي في تقرير نشره المجلس، إنه من المهم ملاحظة الطموحات الأوسع نطاقاً وراء النشاط المكثف من جانب بيونغ يانغ في استغلال للتوترات الجيوسياسية.

ومن الممكن أن تصعّد بيونغ يانغ برنامجها الخاص بالتجارب الصاروخية مع إفلات نسبي من العقاب في بيئة جيوسياسية تتسم بوجود خلافات عميقة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.

وعززت كوريا الشمالية انحيازها إلى كل من موسكو وبكين من خلال التعهد بتعاون استراتيجي وتكتيكي أوثق، ما يوفر لبيونغ يانغ غطاء لإجراء تجارب أكثر قوة.

وفي صيف عام 2022، منعت الصين وروسيا إصدار قرار من جانب الأمم المتحدة لفرض عقوبات على كوريا الشمالية، بسبب تجاربها الصاروخية فوق اليابان، ما أحبط جهوداً قادتها الولايات المتحدة لتوسيع نطاق العقوبات على كوريا الشمالية للمرة الأولى.

وتدرك كوريا الشمالية الآن أن هناك ضوءاً أخضر لمواصلة إجراء أنواع عديدة من التجارب الصاروخية، ومن المحتمل حتى إجراء تجربة نووية مع إفلات نسبي من العقاب.

وأضاف أنه في ظل هذه الظروف، ستحتاج الولايات المتحدة إلى تدعيم التنسيق مع اليابان وكوريا الجنوبية إذا أرادت تقييد التطوير العسكري لكوريا الشمالية.

وأضاف سنايدر أن التجارب الصاروخية من جانب كوريا الشمالية تهدف أيضاً إلى اختبار التزامات الولايات المتحدة تجاه كوريا الجنوبية.

واختبرت كوريا الشمالية الجريئة النطاق الكامل لإجراءات الردع الأميركية الكورية الجنوبية، بدءاً من استفزازات محلية منخفضة إلى اختبار تعهدات الردع الممتد من جانب الولايات المتحدة للدفاع عن كوريا الجنوبية من أي هجوم نووي.

وتحدت كوريا الشمالية خط الحد الشمالي البحري، وهو حد بحري فعلي مع كوريا الجنوبية، لا تعترف به بيونغ يانغ، من خلال توغل سفينة وقصف مدفعي وتدريبات جوية وإطلاق صاروخ قصير المدى اقترب كثيراً من جزيرة أولونج الكورية الجنوبية، ما تسبب في إطلاق إنذارات أمنية.

وقُوبلت هذه الاختبارات، التي تهدف لأن تكون اختبارات سياسية وعسكرية لإدارة الرئيس الكوري الجنوبي يون سون يول، برد فعال من جانب الدولتين الحليفتين، أرغم السفينة الكورية الشمالية على التراجع إلى جانبها من خط الحد الشمالي البحري، وكان ذلك إشارة إلى الرد بالمثل على قيام كوريا الشمالية بإطلاق نيران المدفعية وصواريخ بالقرب من كوريا الجنوبية.

وأوضح سنايدر أن التجارب الصاروخية أظهرت أيضاً قدرة بيونغ يانغ على اتخاذ إجراءات استباقية في الوقت الذي تتحرك فيه كوريا الجنوبية لتطوير قدرتها على الردع رداً على التطوير النووي من جانب كوريا الشمالية.

وركزت سيؤول على الدفاع الصاروخي والهجمات الاستباقية، واستراتيجية تطلق عليها «العقاب والانتقام الشامل». وأكدت إدارة يون سون على هذه القدرات بوصفها المحور للتأكيد على سياستها الخاصة بردع كوريا الشمالية المسلحة نووياً.

ورداً على التصريحات العلنية للرئيس يون التي تسلط الضوء على القدرات الاستباقية لكوريا الجنوبية، أصدرت بيونغ يانغ توجيهاً بشأن الاستخدام الاستباقي للأسلحة النووية ضد كوريا الجنوبية، واختبرت صواريخ باليستية قصيرة المدى قادرة على إيصال سلاح نووي تكتيكي إلى هدفه.

وتثير المنافسة الناشئة بشأن القدرات الاستباقية توترات بين الكوريتين، وتتطلب تنسيقاً أكثر قرباً بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لضمان وجود رد موحد.

وتهدف كوريا الشمالية إلى تعزيز قدراتها على شن هجوم نووي، بينما ترفض محادثات نزع الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة. وتؤدي التجارب النووية والصاروخية الجارية من جانب بيونغ يانغ إلى جعلها أقرب لإبراز ضعف الولايات المتحدة أمام أي هجوم نووي كوري شمالي.

كما يحاول مثل هذا الاختبار استغلال شكوك كوريا الجنوبية بشأن استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن سيؤول ضد كوريا الشمالية المسلحة نووياً. ومن المحتمل أن تؤدي تجربة نووية ستكون الأولى لكوريا الشمالية منذ سبتمبر عام 2017 والسابعة لها، إلى تكثيف مثل هذه المناقشات، ما يسبب توترات بين شركاء الحلف يمكن أن تستغلها كوريا الشمالية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

وإذا لاحظت كوريا الشمالية أنها تخسر السيطرة على التصعيد الذي بدأته، فإنه من الممكن أن توفر أي عودة للمحادثات الدبلوماسية وسيلة لتخفيف التوترات، ولكن في ظل هذه الظروف من غير المرجح أن تحقق المحادثات ذاتها تقدماً.

واختتم سنايدر تقريره بالقول إن الغرض الأساسي لكوريا الشمالية في العودة إلى المحادثات سيكون إعادة وضع التوترات تحت السيطرة، وليس المشاركة بحسن نية في المفاوضات بشأن نزع السلاح النووي الذي يظل الهدف المشترك لسياسة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية.

يمكن أن تصعّد بيونغ يانغ برنامجها الخاص بالتجارب الصاروخية مع إفلات نسبي من العقاب في بيئة جيوسياسية، تتسم بوجود خلافات عميقة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.

هدف التخطيط للتجارب المكثفة هو التعبير عن استياء كوريا الشمالية إزاء سلسلة التدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، منذ شهر سبتمبر الماضي.

Back to top button