التغيرات المناخية في الوطن العربي تهدد بالتصحر والهجرة القسرية
النشرة الدولية –
تواجه دول العالم العربي أزمة جفاف ساهمت في اتساع مساحة الصحراء وفي ندرة في المياه ما يهدد القطاع الزراعي وتربية الماشية، وهو ما سيدفع بالمزارعين إلى هجرة قسرية إلى المدن التي لا يعرفون كيف سيعيشون فيها ولا ماذا سيشتغلون بها. لذلك توجب البحث في تدابير محلية وإقليمية لمواجهة هذه الأزمات التي تتفاقم مع الأيام.
بدأت التغيرات المناخية تأخذ أبعاداً واضحة بشكل كبير فيما يتعلق بانخفاض كميات الأمطار، إضافة إلى إثارة الغبار والأتربة، ما يهدد بتوسع مساحة الصحراء وإيجاد هجرة قسرية في عدد من الدول العربية زيادة على آثارها الصحية على الإنسان والحيوان.
وتتضافر جهود الدول والمنظمات المعنية بشؤون الزراعة والبيئة بمقاومة التصحر لمواجهة التغيرات المناخية وإيجاد حلول تساعد على تجاوز آثار التغيرات المناخية من خلال إعداد أصناف جديدة من المغروسات تتلاءم وتقاوم آثار التغيرات المناخية. وينفذ أغلب الجهود العربية التي تعمل في هذا المجال المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والقاحلة (أكساد) التابع لجامعة الدول العربية.
وحول المشاريع التي ينفذها أكساد قال مدير عام المركز العربي نصرالدين العبيد إنها “نفذت عشرات مشاريع حصاد مياه الأمطار في الدول العربية ومنها اليمن والسعودية والعراق وسوريا ومصر وعبر هذه المشاريع تم تأمين المياه اللازمة للري التكميلي وسقاية الماشية خلال فترات الجفاف، ما ساعد في زيادة الإنتاجية وتحسين المستوى المعيشي للسكان المحليين وتوفير استقرارهم الاجتماعي، ومنها مشروع استخدام تقنية بناء حواجز حصاد مياه الأمطار على مجاري الأودية في محافظة مرسى مطروح في مصر”.
وتعقد في مصر بداية شهر نوفمبر القادم قمة المناخ التي يحضرها قادة العالم، ومسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، كما يحضرها الآلاف من الناشطون المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم”.
وأضاف مدير أكساد “يعيش العالم والمنطقة العربية أزمة بيئية حادة وعجزاً عن تأمين الاحتياجات الغذائية بسبب التغيرات المناخية وتراجع نصيب الفرد من الأراضي الزراعية المنتجة الناجم عن التصحر وزيادة معدلات السكان حيث تشير الإحصائيات إلى تراجع نصيب الفرد إلى ما دون 1.5 هكتار بينما احتياجات الفرد المطلوبة 3 هكتارات ويخسر العالم بسبب التصحر 10 ملايين هكتار/سنوياً أما خسارة الدول العربية فتقدر بـ60 ألف هكتار/سنويا”.
وفي دراسة حديثة للمركز أجريت بالتعاون بين أكساد ومنظمتي الفاو والإسكوا في دول عربية حول تأثير التغيرات المناخية على إنتاج المحاصيل، وجدت أن إنتاجية المحاصيل الزراعية من المتوقع أن تنخفض من 10 إلى 30 في المئة خلال العقود القادمة، وبناء عليه استنبط المركز وطور ونشر زراعة سلالات مختلفة من القمح والشعير بلغ عددها 83 صنفاً متحملة لظروف الجفاف ومقاومة للأمراض وذات إنتاجية عالية”.
وبدأت وزارة الزراعة السورية منذ سنوات تعمل على التغيرات المناخية من خلال إيجاد أصناف وسلالات جديدة من المزروعات وخاصة القمح والشعير تتلاءم وظروف الجفاف.
وأكد وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا أنه “منذ ثلاث سنوات بدأت هيئة البحوث العلمية الزراعية تقييم أصناف القمح المزروعة وتحديد ثباتية الأصناف التي تعطي إنتاجاً جيداً رغم التغيرات المناخية سواء البعلي أو المروي وعلى مستوى مناطق الاستقرار والمحافظات، واستطعنا تحديد سبعة أصناف، وعلى مستوى كل محافظة هناك أكثر من صنف لضمان استقرار الإنتاجية رغم الظروف السائدة في المساحات المروية، أما بالنسبة إلى المساحات البعلية حددنا الأصناف الأكثر مقاومة بالنسبة إلى الظروف المناخية”.
ويضيف وزير الزراعة السوري “ماذا نفعل لمواجهة التغيرات المناخية؟ يجب مواجهتها بالرصد والتقييم.. نظام الإنذار المبكر يعتمد على سلسلة زمنية طويلة من البيانات المناخية وأثرها على الزراعة ، لتكون أداة للتنبؤ المستقبلي وخاصة أن المحطات المناخية الدولية أصبحت قادرة على التنبؤ للفترات القادمة، والدورة المناخية للموسم الحالي، وذلك من خلال اتباع خطة جديدة تعتمد على تغير في نسب التكثيف الزراعي، وخفض المساحات المروية بما يتوافق مع حجم الموارد المائية المتاحة لضمان تجدد المواد في الأحواض المائية والمحافظة على خصوبة التربة من خلال تغير الدورات الزراعية”.
وكشف حسان قطنا أنه “تتم المراجعة بالنسبة إلى الأصناف التي تم اعتمادها لمعرفة الأصناف التي استطاعت أن تقاوم التغيرات المناخية، والتغير في مواعيد الزراعة بكمية البذور في وحدة المساحة والأسمدة والمعدات الزراعية، وتعديل الخطة الإنتاجية بما يتناسب والبحث عن الأصناف التي تقاوم الجفاف”.
وأخذ التغير المناخي أبعاداً أكثر من آثاره على النباتات بل امتد إلى الإنسان والحيوانات، فتلك التغيرات المناخية تؤدي إلى انتشار الأمراض وخاصة الوبائية، حيث قال رئيس برنامج الأمراض الحيوانية العابرة للحدود في أكساد عبدالمنعم الياسين إن “التغيرات المناخية لها دور كبير في إعادة تنشيط الأمراض الوبائية وتغير موائلها وتغير مساكنها، وبالتالي انتقال الخازن لها وتحركها إلى أماكن جديدة، وإمكانية توفر الظروف الملائمة لتنشيطها، كما أن لها دورا كبير في الأمراض الناشئة والجديدة وتحور الفيروسات التي تصيب النباتات لتصبح معدية للحيوانات، وأيضاً ونتيجة للجفاف تُغير النظم الأيكولوجية، كما تفقد الحيوانات مصادر تغذيتها نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه وبذلك تكون الكثير من الحيوانات مهددة بالانقراض”.
وشهدت مناطق في سوريا و العراق والكويت عواصف غبارية الموسم الماضي ما أدى إلى إصابة الآلاف بمشاكل صدرية وتوقف حركة النقل، كما بدأت العواصف بشكل مبكر هذا العام بعد اجتياح عدة عواصف مناطق في سوريا العراق بسبب موجة الجفاف وعدم وجود نباتات تمنع التربة من الانجراف.