هل تستعد إيران لهجوم بري شمال العراق؟

النشرة الدولية –

تصاعدت في الأيام الماضية الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، من قبل إيران على إقليم كردستان شمال العراق، وسط حديث عن هجوم بري وشيك.

وتتزايد التصريحات والمواقف المهددة باجتياح بري لمدن الإقليم، بذريعة مواجهة وملاحقة ما تصفهم طهران بـ”الانفصاليّين”؛ في إشارة إلى الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة.

وتتمركز الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، -والتي تمتلك أجنحة عسكرية- في مناطق جبلية في شمال العراق< أبرزهم حزب “كوملة”، و”بيجاك”، و”الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني”.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام على صلة بالحرس الثوري، مساء الخميس، حشد معدات عسكرية في طريقها إلى مناطق حدودية مع إقليم كردستان شمال العراق.

وأفادت قناة “قدس” وهي ذراع إعلامي للحرس الثوري عبر “تلغرام”، أنه “تم الخميس إرسال المعدات اللوجستية للحرس الثوري إلى شمال غرب البلاد، كما تم وضع قواته الخاصة في حالة تأهب”.

وأشارت إلى أن “نشر الوحدات المدرعة والاستجابة السريعة على حدود العراق وإقليم كردستان، يوحي ببدء العد التنازلي للهجوم البري على مقر الإرهابيين الانفصاليين في إقليم كردستان”، حسب تعبيرها.

من جانبه، غرد الكاتب والصحفي الإيراني المقرب من الحرس الثوري رضا عباسي، قائلا إن “هذا الانتشار العسكري الواسع للحرس الثوري هو بداية للاستعداد لهجوم بري على إقليم كردستان لملاحقة الانفصاليين”.

وأضاف رضا عباسي في تغريدته عبر “تويتر”، القول: “على قادة المنطقة (إقليم كردستان) أن يعلموا أن هذا هو التحذير الأخير ويجب طرد الإرهابيين”.

وربما استبقت الحكومة العراقية الخطوة الإيرانية، حيث أعلنت تكثيف الانتشار للقوات العسكرية على الحدود مع إيران وتركيا.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت بعض المصادر المقربة من الحرس الثوري الإيراني عن الأمر ببدء “غزو عسكري” لإقليم كردستان.

هل استجابت بغداد لطهران؟

وبعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن طهران عقدت اجتماعات مع مسؤولين أمنيين عراقيين وأن الحكومة العراقية “ملتزمة” بـ “نزع سلاح” جماعات المعارضة الإيرانية وإبعادها عن حدود إيران، أعلنت الحكومة في بغداد نشر “قوات حدودية عراقية على حدود إيران وتركيا”.

وقال عبد اللهيان سابقا إنه “تم تفعيل 76 مركزاً إرهابياً ومعاديا للثورة في إقليم كردستان العراق، ودخلت أسلحة إسرائيلية وأمريكية البلاد”.

وفي وقت سابق، قال مسؤول بارز في كردستان العراق ومستشار كبير للعلاقات الخارجية للحكومة العراقية، “إنه تم الاتفاق وجرى إرسال هذه القوات العراقية” بعد مفاوضات ثلاثية بين بغداد وأربيل وطهران.

لكن المسؤول الكردي قال في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الفارسية، إنه “لا صحة لما ذكره سفير إيران لدى بغداد محمد كاظم آل صادق، بأن قضية نزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية بيد الحكومة العراقية”، مضيفاً “لم تتحدث بغداد أو أربيل مع طهران بهذا الخصوص”.

إيران “تشرح” موقفها: وفي نفس الوقت الذي تتصاعد فيه التطورات على الأرض، حاولت إيران في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، “شرح” موقفها من الهجمات على كردستان العراق.

وجاء في الرسالة أنه “بعد المشاورات العديدة التي أجرتها إيران مع السلطات العراقية، لم يعد أمام إيران خيار سوى استخدام حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها، وبناءً على ذلك نفذت مؤخرًا عمليات” ضد هذه الجماعات.

ولطالما نفت سلطات كردستان العراقية هذه المزاعم، وطلبت سلطات بغداد مرارًا من طهران تقديم أدلة على تهديدها انطلاقا من أراضي البلد المجاور.

وأعرب مجلس الأمن القومي العراقي عن قلقه من “إثارة الرعب وإلحاق الضرر بممتلكات الناس” وقرر “إعادة نشر قوات الحدود العراقية للحفاظ على خط الصفر على طول الحدود الإيرانية والتركية” بدعم كامل من قيادة القوات العراقية.

وأكد مجلس الأمن القومي العراقي أن انتشار قوات الحدود العراقية على الخطوط الحدودية بين إيران وتركيا يجب أن يتم “بالتنسيق الكامل مع حكومة إقليم كردستان ووزارة البيشمركة” بهدف “توحيد الجهد الوطني” لحماية حدود العراق “.

وفي الهجوم الأخير استهدفت طائرات مسيرة وصواريخ مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني على بعد كيلومترات قليلة من أربيل وسط الإقليم، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل عدد من المدنيين، وانتقدت السلطات الإقليمية والعراقية التعدي على أراضي البلاد.

وكانت السلطات الأمريكية والاتحاد الأوروبي قد أدانا في السابق أفعال إيران في الجولة السابقة من الهجمات الصاروخية للحرس الثوري الإيراني على إقليم كردستان العراق.

وصباح الإثنين كانت الجولة الثالثة من هجمات الحرس الثوري الإيراني ضد الأحزاب الكردية شمال العراق، بعد بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران، وقتل 18 شخصا بينهم نساء وأطفال في هذه الهجمات.

وتأسست هذه المجموعات السياسية وأحيانًا شبه العسكرية في الثمانينيات خلال عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والحرب الإيرانية العراقية.

لكن وفقًا للخبراء، تخلت هذه الجماعات الكردية الإيرانية التي تتبع في الغالب الأيديولوجية اليسارية عن نهجها المسلح لسنوات بعد مشاركتها في فترة من الكفاح المسلح.

ومع ذلك لم تتمكن هذه الأحزاب أبدًا من التزام الصمت في وجه “التمييز المطبق على الأقلية الكردية (حوالي 10 ملايين شخص من أصل 85 مليون نسمة) تعيش في إيران.

ويرى خبراء في الشأن العراقي، أن “إيران تتطلع إلى تصدير أزمتها الداخلية، وهدفها من مهاجمة الجماعات الكردية هو إجبار إقليم كردستان العراق على إنهاء أنشطة الأحزاب الكردية الإيرانية المقيمة في هذه المنطقة”.

زر الذهاب إلى الأعلى