سوق ميتافيرس في 2022.. مجالات “غير جدية” تتوسع بالاستناد على “فقاعة”

النشرة الدولية –

الحرة –

تظهر التقييمات والبيانات الرقمية في عالم ميتافيرس، في نهاية العام 2022، أن هذا المفهوم لا يزال بعيدا بالنسبة للكثيرين رغم مواصلة مؤيديه المراهنة على مستقبله المحتمل.

لكن هذا العالم المرتبط بشكل وثيق بالعملات الرقمية والرموز غير القابلة للاستبدال (أن أف تي)، اقتفى أثر انفجار هذه الفقاعة، ويظهر ذلك من خلال تراجع أسهم الشركات التي تحولت نحو هذه التكنولوجيا.

ووفق البيانات الصادرة عن ميتا، يتبين انخفاض بنسبة 25 في المئة في سعر سهم الشركة بعد نتائج الربع الثالث الضعيفة في أكتوبر 2022، وبحسب الرسم البياني الذي نشرته فرانس برس، يظهر تراجع صافي دخل ميتا، التي غير مديرها التنفيذي تسميتها من فيسبوك إلى ميتا في أكتوبر 2021 ضمن إطار خطة التحول نحو العالم الافتراضي.

وانخفض دخل الشركة، التي سرحت 11 ألف عامل في نوفمبر 2022 ضمن خطة إعادة الهيكلة، من 7,5 مليارات دولار في الربع الأول من العام الحالي 2022، إلى 4,4 مليارات دولار في الربع الثالث من السنة عينها، بحسب بيانات فرانس برس، وذلك رغم استثمار الشركة بمبلغ 36 مليار دولار في قسمها الرئيسي لميتافيرس، المسمى مختبرات الواقع الافتراضي منذ عام 2019.

 

حجم السوق في عالم ميتافيرس ارتفع من 51,7 مليار دولار إلى 68,5 مليارا| مصدر الصورة: فرانس برس
حجم السوق في عالم ميتافيرس ارتفع من 51,7 مليار دولار إلى 68,5 مليارا| مصدر الصورة: فرانس برس

ارتفاع في حجم السوق

ويبين تحليل أجرته شركة Precedence research، ونقلته فرانس برس، أن حجم السوق في عالم ميتافيرس ارتفع من 51,7 مليار دولار خلال العام 2021، إلى 68,5 مليار خلال العام 2022، أي أن حجم سوق ميتافيرس ارتفع 16,8 مليار دولار خلال عام واحد.

لذلك، يوضح خبير التحول الرقمي، والأستاذ الجامعي، بول سمعان، في حديث لموقع “الحرة” أن حجم السوق في عالم ميتافيرس ارتفع، لأن العديد من الشركات تتبنى هذا العالم، وأدخلت أعمالها إليه”.

ويتابع أن ما زاد حجم هذه السوق أيضا هو “استثمار ميتا الضخم فيه”، التي عادت ومنيت هذه الخسائر، و”كذلك الأمر بالنسبة لشركات الرياضة، لذلك ارتفع حجمها في السوق الافتراضي”.

ويقول سمعان إن “عدد المستخدمين زاد في هذا العالم، بالإضافة إلى صناعة وبيع الأدوات المناسبة له مثل الـVR، وهو جهاز رأس الواقع الافتراضي، وهذه الأدوات يشتريها المستهلكون بكثرة الآن”.

سوق غير جدية؟

يسيطر على عالم ميتافيرس سوق الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي، فالأول يحظى على 46 في المئة من حجم العالم الافتراضي، والثاني على 20 في المئة.

فيما النسبة المتبقية يتقاسمها تطبيقات أخرى، والمؤتمرات، والتسوق عبر الانترنت، وإنشاء المحتوى.

لذلك، يشرح سمعان أن “الاستخدام الأساسي للميتافيرس خلال هذا العام يذهب بشكل أساسي على الألعاب، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات أخرى، وهي في غالبيتها محتويات غير جدية”.

ولكنه يعتبر أن “هذا الأمر لن يستمر في المستقبل كونه سيكون هناك مجالات مفتوحة أكثر لعالم الميتافيرس”، ويعزو النسبة الكبيرة من المحتوى غير الجدي إلى أن “الاستخدام الأكبر للميتافيرس في الوقت الحالي هو من قبل المراهقين، وهو أحد الأسباب أن الألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي أخذت الحيز الأكبر”.

استثمارات مستقبلية.. وانتشار ضيق للمفهوم

ووفق البيانات فمن المرتقب أن يواصل حجم السوق العالمي لميتافيرس ارتفاعه خلال السنوات المقبلة، وصولا إلى 570 مليار دولار خلال 2028 و850 مليار دولار خلال 2029، و1300,89 مليار دولار خلال 2030.

وضمن الإطار، يشير سمعان إلى أن “الهدف الموضوع للعام 2030 في حال حصل يترجم على أنه سيكون هناك العديد من الوظائف الجديدة التي ستخلق، والتي ستحل مكان وظائف موجودة سابقا”.

ويؤكد أن “مفهوم الميتافيرس لا يزال بعيدا بالنسبة للكثيرين، وذلك كونه يدخل في عالم الميتافيرس، الـVR، والبلوكتشين، والـ(أن أف تي)، ولأنه عالم جديد، من الصعب انخراط جميع الناس في هذا العالم، حيث يوجد أراض افتراضية يشتريها الشخص من (أن أف تي) ويدفع ثمنها بالعملات الرقمية”.

عالم يرتبط بـ”فقاعة”

تشير فرانس برس في بيانها إلى أن ميتافيرس هو نظريا مستقبل الإنترنت في عالم افتراض ثلاثي الأبعاد، فيه يتمكن الناس من التفاعل مع بعضهم كأفاتار غير موجود بعد، وإلى أن المصطلح لا يدل إلى نوع محدد من التكنولوجيا، بل إلى كيفية التفاعل معه.

والمعاملات في عالم ميتافيرس تحصل بالعملات الرقمية التي شهدت انهيارا كبيرا خلال العام 2022، بخاصة بالفترة الممتدة بين مايو ويونيو، ويتربط هذا العالم أيضا بالرموز غير القابلة للاستبدال التي يشتريها الأفراد فيه من أراض وملابس، وغيرها العديد، والـ”أن أفي تي” ابتلعت في أقل من عام ما يزيد عن الـ8 مليارات دولار.

وكشف الانهيار في بورصة ftx للعملات المشفرة، التي أفلست، ما تصفه السلطات الأميركية بأنه “احتيال هائل منذ سنوات طويلة”، حسب ذي إيكونوميست.

وشهدت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال (أن أف تي) ضربة كبيرة خلال العام 2022، فمن سوق كان حجمها 9,7 مليارات دولار، باتت خلال الفصل الأخير من هذا العام عند 1,3 مليار دولار، بفارق سلبي تجاوز الـ8 مليارات دولار.

والرموز غير القابلة للاستبدال هي أنواع جديدة من الأصول الرقمية وتمثل ملكية شيء فريد ونادر، من خلال ترميزه، حتى تصبح أشياء مشفرة مبنية على البلوكشين وتحمل رموز تعريف خاصة وبيانات تميزها عن بعضها.

ووفق رسم بياني سابق نشرته فرانس برس، يتبين حجم الخسارة التي وقعت في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال خلال العام 2022، وذلك من خلال دراسة حجم هذه الرموز على منصة إيثيريوم.

غير أن مبيعات الأعمال الفنية والموسيقية الرقمية وغيرها من الرموز غير القابلة للاستبدال “أن أف تي”، قد هبطت بنحو 92 في المئة في الفترة من يناير إلى مايو 2022 مع تغير مزاج السوق، وذلك وفقا لشركة NonFungible، وهي شركة بيانات “بلوك تشين” تأسست عام 2018، حسب ما أورد صندوق النقد الدولي في تقرير سابق.

وضمن هذا الإطار أوضح خبير الأسواق المالية، نديم السبع في حديث سابق لموقع “الحرة” أن الـ”أن أف تي، هي أصول ذات درجات أخطار مرتفعة، وتاليا، سرعان ما تتأثر برفع معدلات الفائدة وبالذعر الذي يحصل في الأسواق”.

ومن جهته قال محلل العملات الرقمية، نادر الديراني، في حديث سابق لموقع “الحرة” أن سوق الرموز غير القابلة للاستبدال انفجرت”، وأن قرار الفدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة أدى إلى الهروب من السلع ذات الأخطار المرتفعة نحو الأصول الآمنة التي تنتج أرباحا”.

وعن العملات الرقمية، التي يتداول فيها رواد ميتافيرس، أوضح الخبير المالي دان قزي، الذي يعرف عن نفسه أنه معارض للعملات الرقمية، أن “هذه العملات ليست سوى احتيال يغر الناس، ونهايتها الانهيار الكلي”. وشدد قزي في حديث لموقع “الحرة” على أنه “من يدعي أن العملات الرقمية هي المستقبل، عليه أن يحدد المشكلة التي ستحلها العملات؟ بالواقع لن تحل أي شيء”.

والبلوكشين هي التقنية التي تسمح لفرد أو لشركة بنقل أصول ذات قيمة إلى شخص آخر بأمان ومن دون تدخل أي وسيط.

 

زر الذهاب إلى الأعلى