تعتيم إعلامي يحجب مأساة بلوشستان الملتهبة النظام الإيراني يقمع الناس
النشرة الدولية –
الحرة –
مع تجدد التظاهرات في إيران منذ منتصف سبتمبر الماضي، بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، شهدت محافظة سيستان بلوشستان احتجاجات تخللها أعمال عنف دامية وسط “تعتيم إعلامي”.
ويقول المحلل السياسي الناشط البلوشي، محراب سارجوف، في حديث لموقع “الحرة” أن “التظاهرات والاحتجاجات مستمرة في بلوشستان، فيما تمارس وسائل الإعلام الإيرانية نوعا من التعتيم على ما يحصل في هذه المنطقة التي يسكنها البلوش، أو ينشرون ما يتلائم مع الرواية الرسمية الإيرانية”.
وأوضح أن التظاهرات في محافظة سيستان بلوشستان لطالما كانت تحدث بشكل دائم منذ الثورة الإسلامية التي حصلت في إيران في عام 1979 ضد النظام في طهران، ومع التظاهرات الأخيرة التي بدأت في إيران عادت الاحتجاجات لتتفاقم في وجه القمع الإيراني، والتي تحمل شعار “الموت للديكتاتور” في إشارة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
واندلعت الاحتجاجات في سيستان بلوشستان في سبتمبر الماضي، والتي كان مركزها زهدان وترتبط باتهام قائد الشرطة الإقليمية في المنطقة باغتصاب فتاة تبلغ 15 عاما، خلال وجودها قيد الاحتجاز في مدينة شاباهار الساحلية في المحافظة.
وكانت السلطات في طهران قد تحدثت عن اشتباكات بين قوات الأمن و”إرهابيين” في زاهدان، موضحة أن ثلاثة مراكز للشرطة تعرضت لهجمات.
وبحسب وكالة تسنيم الإيرانية، أعلنت جماعة “جيش العدل” السنية المتمردة، الناشطة في المنطقة، مسؤوليتها عن هجوم على مركز شرطة.
وتقع محافظة سيستان بلوشستان “الفقيرة” على الحدود الجنوبية الشرقية لإيران مع أفغانستان وباكستان، وتشهد أعمال عنف دامية متكررة.
ويشرح سارجوف الذي يقيم في لندن أصل خلاف بلوشستان مع طهران، ويقول ” البلوش لديهم أحزاب سياسية قوية والتي تتشارك في المطالبة بالاستقلال عن إيران، أو تطبيق نوع من اللامركزية أو الحكم الذاتي”.
وأضاف أن البلوش ينتشرون في ثلاثة دول “إيران، وباكستان وأفغانستان”، وهم يتبعون المذهب السني الإسلامي، ويعتزون بقوميتهم “البلوشية”.
ويعاني البلوش من انتهاكات عديدة يرتكبها بحقهم النظام في طهران، وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إن من بين 251 شخصا أعدموا في إيران في 2022 كان 67 من البلوش.
ووفق موسوعة بريتانيكا فإن بلوشستان منطقة بجنوب شرقي إيران ضمن مقاطعة تعرف باسم “سيستان بلوشستان”. ويمتاز طقسها بالتطرف، فإما أمطار تسبب فياضانات أو حرارة مرتفعة تستمر لأكثر من 8 أشهر خلال العام.
وتصف الموسوعة هذه المنطقة بأنها من “أقل المناطق تطورا” في إيران، وتعتبر المعيشة فيها قاسية من الناحية “المادية”.
وتفرق إحدى الدراسات بين بلوشستان كمنطقة في إيران، وبين بلوشستان التاريخية التي تضم “مناطق حدودية جنوب شرقي إيران، وجنوب غربي باكستان، وجنوبي أفغانستان”، بحسب دراسة نشرت في 2014.
وتعتبر مدينة زاهدان هي مركز محافظة سيستان بلوشستان، وتضم “أكبر مسجد سني في إيران، حيث يأتي عشرات الآلاف من الناس من جميع أنحاء المنطقة لأداء صلاء الجمعة”، وهي ما يجعلها مركزا للاهتمام من قبل طهران خاصة وأنها تحتضن “التجمعات والاحتجاجات” المناهضة لإيران بحسب سارجوف.
وقالت جماعة حقوقية إن قوات الأمن الإيرانية أصبحت تغلق الطرق المؤدية إلى زاهدان لوقف المظاهرات التي تتجدد كل يوم جمعة في المدينة بعد صلاة الظهر، بحسب تقرير نشره راديو “فاردا”.
وقال مصدر إن “القوات العسكرية أقامت نقاط تفتيش في المدينة وجعلت حركة السيارات صعبة”.
وذكر أن السلطات الإيرانية دائما ما تستهدف رجل الدين السني، مولوي عبدالحميد، والذي يحمل طهران مسؤولية ما يحدث في سيستان بلوشستان، وما حصل في “الجمعة الدامية”، مشيرا إلى أنه لا يتحدث عن حقوق البلوش، ولكنه يدافع عن حقوق المواطنين بشكل عام في المنطقة.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها في النرويج، قتل 63 شخصا في أعمال عنف وقعت في أكتوبر الماضي، ثم أربعة أشخاص آخرين في حادثة منفصلة في زاهدان، بعدما أطلقت مروحية عسكرية النار على سيارة ذات سقف مفتوح.
وأكدت “حملة نشطاء البلوش” في تحديث على تلغرام مقتل 88 شخصا، وفق تقرير تقرير لوكالة فرانس برس.
وقال سارجوف “إن المشكلة الأساسية لبلوشستان هي أنها محتلة من قبل إيران، وليس للبلوش أية حقوق”، مضيفا أن ما يعانيه “البلوش يشبه ما يعانيه الأكراد، إذ إنهم موزعين في أكثر من بلد”، والعديد من البلوش بسبب الظلم الذي تعرضوا له انتقلوا للإقامة في “دول الخليج العربي وبعض الدول الأوروبية”.
ويوضح كتاب “القومية البلوشية: أصولها وتطورها” لتاج محمد بريسيك، أن البلوش في إيران واجهوا قمعا قاسيا منذ خمسينيات القرن الماضي، حظرت خلاله اللغة وحتى ترديد الأغاني البلوشية.
ويشرح أن البلوش الإيرانيين كانوا ينظرون إلى أنفسهم “كأمة مستقلة”، خلال عهد شاه إيران، وحتى بعد سقوطه في 1979، عندما بدأوا تحركا في مواجهة النظام السياسي في طهران، لتبدأ ضدهم سلسلة جديدة من “التمييز والاضطهاد” شملت جميع نواحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية.