دُور القرآن وأخلاق الأمة
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
أرسلت التغريدة التالية، فحصدت أكثر من 206 آلاف قارئ، حتى لحظة كتابة المقال:
«أصبت بصدمة فور معرفتي بأن عدد العاملين في دور القرآن يبلغ 35 ألفا، كما صرح النائب الحويلة.. إلخ!»
***
تبين أن رقم 35 ألفاً الذي ورد على لسان النائب مبالغ فيه. كما تبين أن الوضع في هذه الدور أخطر من الرقم بحد ذاته، بسبب كم التسيب الإداري والهدر المالي في أغلبها.
ففي مركز الفيحاء مثلا، كما وردني من صديق، هناك مدير للمركز و18 مدرسا، و12 إداريا، وهذا عدد ليس بالكبير، ولكن عند معرفة أن عدد المسجلين لتلقي الدروس أقل من عددهم بكثير جدا، تصبح المسألة مثيرة للدهشة، والحيرة.
أما في مراكز تحفيظ القرآن للنساء فالوضع مختلف، حيث تتضاعف أعداد المدرسات والإداريات، وتتزايد معهن أعداد الدارسات والسبب المبالغ النقدية التي تدفعها هذه الدور للمسجلات، والتي تحصل عليها الكويتية وغيرها، علما بأن ليس للشهادات التي تصدرها هذه الدور أهمية تذكر لدى أية جهة، وهي تثبت فقط أن حاملها حفظ القرآن.
كما أن غالبية المعينين في هذه الدور، من مدرسين وإداريين، جاؤوا اليها بالواسطة، لغرض شراء ولاء النواب، ولإسكات المعارضين، وإرضاء الموالين!
***
تقول باحثة اجتماعية مهتمة بما يدور في هذه الدور من مخالفات، بأن التكدس الوظيفي فيها كبير جدا، وخاصة بين المعلمات والإداريات النساء، وهذا يعود لعدد ساعات العمل القليلة جدا التي تصل في المتوسط لساعة ونصف الساعة إلى ساعتين في اليوم. كما أن العمل فيها شبه معدوم، إضافة إلى أن هذه الدور تعطل «أعمالها» مع المدارس حيث تغلق خلال عطلتي الربيع والصيف، أي قرابة 4 اشهر، ومع هذا يقبض الجميع رواتبهم كاملة، المساوية لراتب أي خريج هندسة أميركا، ويعمل لـ8 ساعات في المواقع المكشوفة!
***
تقيم هذه الدور ثلاث دورات في العام، شتوية وربيعية وصيفية، تتبعها عطلة صيف الأشهر الثلاثة، ويسبقها دفع مبالغ نقدية للطلاب والطالبات!
تنتشر هذه الدور في خيطان والأندلس عبد الله المبارك، وصباح الناصر، ومبارك الكبير والقصور وحولي وغيرها، بإجمالي 44 مركزاً تقريباً.
لا انتظام في العمل في هذه الدور، وهناك تسيب أكبر في دور الرجال، والبعض منهم يتغيب، بتغطية من زملائه، ويقضي إجازات غير رسمية ومدفوعة في.. البصرة!
***
لو كنت مسؤولاً عن هذه الدور لأجريت استبياناً، أو عرضت على العاملين فيها، بدوام رسمي كامل، خيار استمرارهم في العمل، أو البقاء في بيوتهم، وعلى ضوء النتائج أتخذ قراراً، إما باستمرار بقاء كل أو بعض هذه الدور، بناء على عدد من أبدوا رغبة في بقائها، أو إغلاقها إن اختارت الأغلبية قبض الراتب والبقاء في البيت، وقد يكون القرار الثاني هو الأفضل أخلاقياً وإدارياً ولمعنويات بقية موظفي الدولة، فالقرآن، الذي كان طوال 1400 عام في غنى عن هذه الدور، سيستمر للأبد، بغير هذه الدور!
ملاحظة: مشكلة التكدس الوظيفي في الجهاز الإداري للدولة ككل عامل مخرب، أخلاقياً ومعنوياً! ويجب التصدي له، وهذا موضوع مقال قادم.