مهزلة ترجمة الطب إلى «العربية»
أحمد الصراف

النشرة الدولية –

كتبت في يوليو 2001 مقالاً بعنوان مركز التنفيع الطبي، تعلق بـ«مركز تعريب العلوم الطبية»، المنبثق عن مجلس وزراء الصحة، لعام 1980 ومقره الكويت، ويهدف لوضع مراجع تتعلق بتعريب الطب، ويصدر مجلة لا يقرأها أحد تقريباً.

ذكرت في المقال أن عملية تعريب علوم الطب لا يمكن أن تكون ذات أهمية في تحويل أحد أكثر العلوم ثراء وسرعة في التغير والتطور للعربية، من لغاتها الأصلية، والإنكليزية بالذات، خصوصاً أن الطب مستمر في تطوره واكتشافاته اليومية، والطبيب الذي لا يعرف اللغة الإنكليزية سيفشل حتماً في مجاراة الجديد والتطور إلى الأفضل.

كتبنا مقالاً آخر، بعد تسلمنا رداً من أحد المنتفعين من مشروع الترجمة، بعد أن اتهمنا، بسطحية، أننا ضد التعريب بشكل عام، وهذا غير صحيح. فأجزاء كبيرة من مختلف العلوم إما معربة وإما مترجمة من لغات أخرى ولم يعترض أحد عليها. أما قضية تعريب الطب، فمسألة مختلفة تماماً.

وفي يناير 2005 تطرقنا في مقال ثالث إلى ما سبق أن تطرق إليه الزميل د. ناجي الزيد عن مركّب جديد في الدم اكتشف وجوده دكتور كندي أطلق عليه اسم chylomicron له علاقة ببعض وفيات القلب، وذكر الزميل، في تواضع العارف، أنه لا يعرف اسم المركب باللغة العربية.

وعليه، نطالب الجماعة في «جمعية تعريب الطب» أو «جمعية التنفيع من تعريب الطب» انتهاز الفرصة ووضع تعريف لهذا المركب قبل أن يسبقنا الآخرون إليه، بعد أن أصبح التعريب مجال الإبداع الوحيد الذي بقي لنا.

ثم اتبعنا المقالات الثلاثة أعلاه برابع في فبراير 2009 عن «فضيحة» إصدار معجم شارك فيه «جيش» من المترجمين المستفيدين منه، احتوى على مئات آلاف المصطلحات الطبية المترجمة من الإنكليزية، غالباً، إلى العربية، تحت اسم «المعجم المفسر للطب والعلوم الطبية»، تحت إشراف المرحوم د. عبدالرحمن العوضي، وصاحبه، الذي لا صلة له بالطب، وذلك للحرف A من المصطلحات، ووصفه أحد أشهر أطباء الكويت بأنه كنز من المعلومات غير المفيدة، ولا أدري إلى أي حرف انتهوا اليوم؟

بتصفح المعجم سنجد أن كلمة عبداللطيف ترجمت abdulatif، وأن ability ترجمت إلى مقدرة، وأن araban ترجمت أرابيان، وأن abrin ترجمت ابرين، وtube ترجمت أنبوب، وهكذا مع آلاف الكلمات الأخرى. أما abdomen، فقد ترجمت «بطن»، مع وضع شرح بأن البطن هو الجزء الواقع بين الصدر والحوض! فهل هناك طبيب بحاجة إلى معرفة أن abdomen تعني الجزء الواقع بين الصدر والحوض؟

كما لجأ فريق الترجمة إلى استخدام كلمات عربية مثل «خيلي» و«انفخي» و«زيغ» و«إنتاني» كترجمة نهائية لكلمات ومصطلحات أجنبية، علماً بأن هذه الكلمات العربية وآلافاً غيرها تحتاج بذاتها إلى معجم آخر لتفسير معانيها‍‍‍‍‍!

***

سبب العودة إلى هذا الموضوع، بعد 43 عاماً على إنشاء المركز، الخبر الذي ورد في «الراي» عن نية البعض إحياء عمل مركز ترجمة العلوم الطبية، الذي فقد زخمه بعد وفاة من كانوا يستفيدون منه، وهذا إن صح، فهو عبث وتضييع وقت، فالترجمة وإحياء العلوم بلغتنا أمر مطلوب، ولكن ترجمة الطب إلى العربية عبث وضياع مال ووقت!

واستغربت كثيراً مما قاله أحد «الواقفين» خلف إحياء مشروع الترجمة، القديم الجديد، من أن «التعريب هو مستقبل البحث والطب في العالم العربي»؟!

زر الذهاب إلى الأعلى