السريّع لـ «الجوهر»: المسرح لا يموت بل ينهض من جديد
اعتبر أن المسرح في الكويت والعالم العربي يعيش حالة مخاض
النشرة الدولية –
الجريدة –
رأى الكاتب والمؤلف المسرحي عبدالعزيز السريّع أن «المسرح الكويتي بخير، والمواهب الشابة تعد بأعمال مستقبلية أكثر قيمة وأهمية، ورواد المسرح يتطلعون إلى مشاهدة عروض ثقيلة بالقيم والأفكار والمبادئ، خصوصاً أن المسرح هو مرآة الحياة، يحاكي الواقع ويلامس الجمهور وينبهه حول قضايا هامة».
وإذ لفت السريّع إلى أن «وظيفة المسرح التغيير للأفضل»، أسف كون «بعض المحافظين السلفيين يرغبون في العودة إلى الوراء»، ووصف «ركود المسرح بالمسألة الطبيعية، علماً أنه كلما تنادينا لجنازة المسرح استعاد عافيته ونهض من جديد، وظهر من جديد محبو المسرح وعشاقه».
المسرح الكويتي بخير والمواهب الشبابية واعدة لكن بعض السلفيين يرغبون في العودة للوراء
جاء ذلك ضمن حلقة حوار برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون – «لابا»، بموسمه الخامس، بهدف تمكين الشباب من مهارات إعداد وإقامة حلقة حوارية ناجحة، وضمت هذه الورشة التدريبية مشاركين من الكويت ولبنان وعمان، مع الإعلامية نادين مجذوب، التي أشادت بالضيف وتجربته الغنية وتواضعه.
المسرح الكويتي واعد
وفي سياق إجابته عن المشاركة منيرة العبدالجادر، رفض الكاتب حصر التألق المسرحي في زمن معين وأشخاص محددين، وقال: «لكل عصر ظروفه وتطلعاته ونجومه، والمسرح اليوم بالكويت والعالم العربي يعيش حالة مخاض، ومن الممكن أن يتبلور بعد سنوات. غير أن الحراك المسرحي الشبابي في الكويت واعد، وأتوقع أن نشهد مسرحاً بهيّا، جميلا وعصريا يقدم مستويات عالية، فالعروض المسرحية الكويتية في الوقت الراهن تبشر بمواهب متميزة في كل مجالات العمل المسرحي، من التأليف والإخراج إلى التمثيل والتصميم والديكور».
ركود المسرح مسألة طبيعية وكلما تنادينا لـ «جنازته» نهض من جديد
وعن قلة عدد نقاد المسرح، أضاف السريّع: «انها إشكالية قديمة، لأن محرري الصحافة المحلية كانوا من النقاد العرب الذين استفدنا من خبراتهم وآرائهم، التي ساهمت في إضفاء الجمالية على نصوصنا وعروضنا».ورداً على المشارك عبدالحميد إسماعيل، أشار إلى أنه لا يتبع طقوسا خارجة عن المألوف قبل الكتابة، لكن المخرج الراحل صقر الرشود كان حريصا على تركه بمفرده داخل الغرفة، كي ينعم بالهدوء أثناء الكتابة. وتحدث عن أهمية التأليف المشترك والثنائية التي جمعته بالراحل صقر، قائلا: «كنا نفهم بعضنا البعض، ومتفاهمين بشأن العديد من الأمور، وكنا نتشارك الاقتراحات والاستشارات بالكتابة والإخراج. لقد شكل رحيله فاجعة وخسارة للكويت بأسرها، فهو موهبة استثنائية».
عايشنا رقابة متنورة
وإذ أعلن رفضه «الرقابة التي ما زالت موجودة في مجتمعاتنا»، أكد السريّع أنهم عايشوا «رقابة متنورة من قبل أشخاص متفهمين». وذكر حادثة سؤاله عن أسماء ممثلي المسرحية، حيث أجاب حينها بأن «المرء يختار أسماء مألوفة، ومن بينها أسماء ملوكه وأمرائه، فهي ليست حكراً على أحد»، وكشف أن أحد الأمراء سأله مرة عن مغزاه من عنونة مسرحيته بسؤال «لمَن القرار الأخير؟»، حيث قال: «أقصد الزوج والزوجة».
الثنائية مع الرشود أكدت أهمية التأليف المشترك
وتعقيباً على المشاركة مريم الحضرمية من عمان، أشاد السيد عبدالعزيز بالرسام والموسيقي ومصمم الديكور الراحل يوسف قاسم، الذي كان يترجم أفكار السريّع وتخيلاته وشخصياته على خشبة المسرح، وأكد اهتمامه بالقضايا الاجتماعية التي حولها إلى عروض مسرحية، «كونها قضايا ثابتة صالحة للعمل بكثرة».واستدرك: «من الضروري أن يتم تقديم مسرح القضية الاجتماعية بشكل يجمع بين المرح والجدية وطرح الحلول، والتنبه إلى أن المسرح ليس حكرا على فكر أو رأي واحد، وليس منصة للوعظ وإبداء النصائح، إنما يحتاج إلى التجدد والأفكار المبتكرة، كي لا نقع في التكرار، كما هي حال المسرح الكوميدي».
القضايا الاجتماعية ثابتة وصالحة للعمل المسرحي بكثرة
وعن إبرازه دور المرأة في عروضه المسرحية، استذكر السريّع العمل الإذاعي المقتضب الذي تحول إلى تمثيلية تلفزيونية بعنوان «نقطة ضعف»، يروي من خلالها حوارا بين زوجين، ويمنح المرأة دور الذكية والرجل حاد الطباع لكنه محب، وقال: «لاقت التمثيلية صدى واسعا لم أكن أتوقعه، لأنها كانت قريبة من واقع الناس، وأعطيت المرأة الدور الذي تستحقه».القراءة حياتي ومتنفسي
وأوضح للمشاركة جوري العازمي أن القراءة هي الحياة التي يتنفس بها، وحجم مكتبته خير دليل، وأضاف: «بداياتي في القراءة كانت الكتب البوليسية، لكنني اليوم أحب قراءة الرواية والقصة القصيرة والقصيدة والأدب والشعر والكتابات النقدية والشأن العام والتاريخ الحديث والاجتهادات بالتاريخ القديم، وهناك كتب أتمنى لو أنها لا تنتهي، من كثرة انسجامي بها».
رحيل صقر الرشود فاجعة وخسارة للكويت والسبب الحقيقي لتوقفي عن الكتابة
وعن قراره استكمال دراسته بعد تمرسه بالعمل وزواجه، وحتى بعد أن أصبح والدا، قال السريّع: «عملي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب نبهني لضرورة إحراز مؤهل جامعي، فكان أن تخرجت بإجازة جامعية في اللغة العربية عام 1980، وهي السنة ذاتها التي التحق فيها ابني بالجامعة»، واستذكر سؤال أحد الصحافيين يومها عما ستضيف إليه الجامعة، وكان جوابه: «أنا من أضيف إليها».
واستعرض محطات عمله في المجلس الوطني منذ نشأته كفكرة، وحتى اختياره مقررا لإحدى اللجان، ولاحقا تأسيسه الأمانة العامة للمجلس، كما تحدث عن عمله لنحو 20 عاما في مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، حيث أقاموا دورات تدريبية في أكثر من دولة، وأنجزوا عددا كبيرا من المؤلفات والإصدارات الأدبية والدواوين الشعرية.
الإعلام مقصر بحق المسرح الكويتي
وفي معرض إجابته عن المشاركة آية البيطار، رأى السريّع أن «الإعلام مقصّر بحق المسرح الكويتي في الآونة الأخيرة، حيث تراجعت المواكبة الإعلامية، بعد أن ساهمت سابقاً في انتشار ثقافة المسرح والفنون»، وإذ اعتبر أن «الكويت ما زالت عاصمة الفن ووجهته وما من منافس لها»، قال: «لا يمكن أن نغفل الإشراقات المهمة والتجارب المسرحية الممتازة، ذات المستويات العالية، في الإمارات وقطر والبحرين وعمان، ومؤخرا في السعودية التي بدأت تهتم بالفنون وتبرز فيها مواهب مؤهلة».
التألق المسرحي غير محصور في زمن معين وأشخاص محددين
المسرح الكويتي تطور بفضل آراء النقاد العرب
وأعرب عن فخره بأول عمل مسرحي كتبه بعنوان «عنده شهادة»، وهو لا يزال شاباً، وقال: «إنه عزيز عليّ، أحببته وتعايشت معه، وفزتُ عبره بأول جائزة مادية، وما زال حتى اليوم صالحا للمشاهدة».
ولدى سؤال المشارك دانيال الخطيب عن تواضع السريّع لدى تكريمه، حيث وصف مسيرته بمجرد «محاولات»، أجاب المؤلف المسرحي: «قدّمت فقط عشر مسرحيات، في حين قدم أحد المؤلفين الإسبان ألفَي مسرحية»، وأعرب عن ندمه وأسفه لتوقفه عن الكتابة، «حيث بات من الصعب العودة بعد التوقف، لكن وفاة صقر كانت الدافع الحقيقي وراء توقفي وفقدان اهتمامي بكل شيء»، وسأل: «أين المسرح الشعبي اليوم بعد رحيل كوكبة من نخبة المسرحيين؟»، ناصحا الشباب بأن يتركوا بصمتهم ويسعوا إلى تحسين وتجميل الحياة بأي إضافة.
وفي الختام، شكرت رئيسة مجلس الإدارة العضوة المنتدبة للوياك ولابا، فارعة السقاف، ضيف «الجوهر»، وسلمته درعا تكريمية، وكذلك رسالة شكر وامتنان.
يذكر أن برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي هو البرنامج الأول من نوعه في المنطقة، وأطلقته أكاديمية لابا لوياك عام 2020 بهدف تمكين الشباب العربي من أسس إعداد وتقديم حلقات حوارية ناجحة، وتدريبه على أبجديات الإعلام على يد نخبة من الإعلاميين العرب المحترفين، وتتوج الورش التدريبية بمحاورة ضيوف رياديين تركوا بصمة واضحة في شتى المجالات بالوطن العربي، حيث بلغ عدد ورش «الجوهر» التدريبية حتى اليوم 45 ورشة، وزاد عدد مستفيديه على 450.
وينفذ برنامج الجوهر في موسمه الخامس برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، وجريدة «الجريدة»، وشركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو)، وفندق فوربوينتس شيراتون.