أدلجة الحجاب!
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

يبدو أن حربنا لانتزاع حقوقنا البديهية واستمرارها والتي كفلها الدستور منذ نشأة الدولة الحديثة مستمرة، فلن يهدأ بال الراغبين بتهميش المرأة والسعي لعدم مساواتها بالرجل، حتى يعيدونا من جديد إلى المربع الأول.

فقد كلفنا انتزاع حقنا السياسي ٤٤ عاماً من عمر الدستور، حتى أقر، بينما كان يجب أن يقر من أول يوم وضع فيه الدستور الذي أكد على المساواة بين الجنسين، ثم دخلنا في جدل القسم أمام المجلس، هل يجوز بلا حجاب أم لا يجوز، فكان موقف نورية الصبيح آنذاك مشرفاً لكل امرأة كويتية، برفضها ارتداء الحجاب للقسم فقط، ليس تقليلاً من شأن الحجاب، بل إيمان بحريتها وحرية المرأة الكويتية، وعدم الخضوع لأصوات نشاز كانت تدعو إلى تقييد المرأة.

بل إن حرب انتزاعنا لحقوقنا الدستورية وصلت إلى حد معركة الألقاب، فانحدرت بعض النقاشات عام ٢٠٠٩ إلى حد الاختلاف بين لقب نائب أو نائبة!

ثم خاضت معركة جديدة كذلك كل من النائبتين رولا دشتي وأسيل العوضي عام 2009، حيث طعن في عضويتهما لمجرد عدم ارتدائهما الحجاب، بينما رفضت المحكمة الدستورية الطعن وحكمت بصحة عضويتهما.

فالشواهد كثيرة على أن هناك أصواتاً نشازاً في المجتمع تحاول إقصاء المرأة، تارة من بوابة الدين والضوابط الشرعية، وتارة أخرى من بوابة الاقتراحات التي تأتي بظاهرها دعماً ومنافع للنساء، وبباطنها إقصاء للمرأة من أي نشاط أو عمل عام، كاقتراح صرف رواتب للنساء من دون عمل! وغيرها من مقترحات لا تهدف إلا لتحويل المرأة إلى مواطن غير منتج، بعيد عن المجتمع، ومهمّش، يُخرجونه وقت الحاجة فقط.. وهي غالباً ما تكون «التصويت»، بل الأمر من ذلك أن هناك حوادث تدل على انتزاع غير مباشر لحق التصويت كذلك، وهو ما يحتاج إلى مقالات ممتدة للحديث عنه.

وبالعودة إلى مقال اليوم، فإن الشواهد على إقصاء المرأة ودحض حقها في المساواة مع الرجل هي النقاش الدائر الآن بشأن قانون الانتخاب، وتحديداً المادة ١٦ التي تلزم المرأة التقيد بالضوابط الشرعية!

بعد مضي ١٨ عاماً على إقرار حقوق المرأة، وبعد تجربة ديموقراطية تمتد لأكثر من ٦٢ عاماً، ودستور بعمر مماثل نص على المساواة بين الجنسين، فما زلنا اليوم نشهد مثل هذا النص الذي يميز بين الرجل والمرأة موجوداً في قانون الانتخاب الذي تتم مناقشته بمجلس الأمة مؤخراً؟!

ورغم إقرار الحكومة، ممثلة بوزير عدلها السيد فالح الرقبة، بعدم دستورية نص المادة ١٦ من قانون الانتخاب، فإنها لم تلغ المادة من القانون! بينما يجب أن نسأله قبل ذلك، لماذا المادة وضعت من الأساس؟ وهل هناك من يحاول أدلجة الحجاب وأسلمة القوانين، رغم أننا دولة مدنية ودولة مؤسسات مرجعيتها الدستور الذي بني على المساواة بين الجنسين؟!

لذا، نطالب ونضم أصواتنا لأصوات الأخت والإخوة النواب الذين طالبوا بحذف المادة من القانون، تطبيقاً لمبدأ المساواة الدستوري، وهنا لا يسعني سوى أن أحيي النائبة جنان رمضان.. التي مثلت المرأة بجدارة، وجعلتنا نفخر بهذا الصوت النسائي الذي لم يخش أن يعزف بالحق والقانون والدستور، ولو منفرداً.

زر الذهاب إلى الأعلى