الكفيشي ونواب في مجلس أمتنا
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يتساءل المهندس العراقي فريد الكفيشي، من كندا، في صفحته على «الفيسبوك»:

هل سياسيونا هم فقط الفاسدون، أم الكل كذلك؟

زيارتي الأخيرة إلى وطني قلبت كل الموازين!

أصبت بوعكة صحية، فذهبت إلى المستشفى لأكتشف أن ذوي المهن الصحية لا يقلون فساداً عن السياسيين. اشتريت قطعة أرض، وتطلّب الأمر مراجعة مختلف دوائر الضريبة والطابو والأمانة، وأجزم أنهم جميعاً لم يقلوا فساداً عن السياسيين. راجعت دوائر المرور والجمارك والتجارة والتعليم، وتأكدت أنهم جميعاً لا يقلون فساداً عن السياسيين. تعطلت السيارة فحتماً وجدت حال الميكانيكيين كحال السياسيين!

قيل لي: «إذا أردت بناء بيت، فيجب أن أعرف أن جميع من سيعملون في بنائه لن يقلوا في فسادهم عن السياسيين، وكل من تضطره الظروف إلى الوقوف بين يدي أي صاحب حرفة أو عمل أو خدمة أو مسؤول سينظر إليه كفريسة يجب الإجهاز عليها وإلا سبقه إليها الآخرون، والكل يتذمّر من فساد السياسيين، وكأنهم ملائكة؟ تراهم يسبون الفساد ويمارسونه في الوقت نفسه بأقصى ما يستطيعونه من مواقعهم، ولو سنحت لهم الظروف بتسنم مواقع سياسية، لمارسوا ما يمارسه سياسيو اليوم من فساد، ولا داعي لإضافة كلمة (أكثر)، لأنه لا يوجد فساد أكثر!».

وينهى فريد كلامه قائلاً: «إننا أمة تنتحر بجهلها وغبائها، فلا فئة يمكن استثناؤها من ممارسة الفساد سوى المتقاعدين، فقط لأنهم لا يمارسون أي عمل»، ويضيف: «ربما أكون مخطئاً في ذلك أيضاً»!

وإن الموضوع مؤلم وعميق، فلا أحد هنا يهتم بالتغيير، ولا بحقيقة أن المنطقة ستكون، بيئياً، غير صالحة للسكن بعد سنوات، فالمشكلة الأساسية أن الكل مشارك في الفساد، والكل يحميه، وكل فرد يرى نفسه مستفيداً من الوضع الفاسد بصورة ما، وسيخسر إذا ما تغيّر الوضع، لأنه أصبح جزءاً من منظومة الفساد.

***

في الكويت الموضوع ليس بهذا السوء، ولكنه ليس بعيداً عنه.

فقد انتخبناهم، ونحن نعلم بحقيقة سيرة الكثير منهم.

انتخبناهم، مع علمنا بأن منهم طائفيون.

انتخبناهم، ونحن على ثقة بأن منهم قبليون حتى النخاع.

صوّتنا لهم بدل المرة عشر مرات، ونحن على يقين بأن أبناءهم يدرسون في أفضل الجامعات الخارجية المختلطة، ولا يطالبون الحكومة بالشيء ذاته لنا ولأبنائنا.

اخترناهم نواباً، ونحن نعلم أن بعضهم لا يصلحون حتى لتسريح الغنم بهم، ولا يصلحون للتشريع، ولا قدرة لديهم على مراقبة الحكومة.

اخترناهم ونحن نعلم أن البعض منهم كوّنوا ثروات، فقد كانوا شبه معدمين قبل أن يصبحوا نواباً.

ضمنوا لأنفسهم ولأبنائهم رغد العيش للأبد، ومع هذا اخترناهم وأعدنا اختيارهم.

طلبوا لأنفسهم رواتب استثنائية ضخمة، وتصدقوا علينا بفتات الزيادات، ومع هذا أصررنا على عودتهم للنيابة.

تجاوزونا في تعيين وترقي أبنائهم وأقاربهم، ووضعوا المتردية والنطيحة بدلاً منا في أرقى المناصب، ومع هذا انتخبناهم، أملاً في أن يأتي دورنا.

الذنب ليس ذنبهم، والعيب ليس فيهم، فنحن من صنعهم، ونحن من دفعهم لما فعلوه بنا، ونحن نستحق ما حصل لنا، فلا نلوم أحداً غير أنفسنا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى